ماكرون في القاهرة.. بين عقود السلاح وحقوق الإنسان

بين دواعي الأخلاق السياسية والمصالح الاقتصادية، يتأرجح موقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وهو يزور مصر اليوم بشأن توجيه نقد للقاهرة بشأن واقع حقوق الإنسان في البلاد أو التزام الصمت. 
وقبل يومين من توجه ماكرون إلى مصر، عقدت ثماني منظمات حقوقية دولية مؤتمرا صحفيا في باريس، طالب خلاله المشاركون بضرورة إعادة النظر في العلاقات مع القاهرة، خاصة فيما يتعلق بصفقات الأسلحة، ووضع ملف حقوق الإنسان في مصر على رأس محادثات ماكرون مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي.
وتقول الرئاسة الفرنسية إن الزيارة تهدف إلى تعزيز ما وصفتها بالشراكة الإستراتيجية مع مصر، التي وصفتها بالحليف الضروري وقطب الاستقرار في الشرق الأوسط.

ولا يُعد هذا المؤتمر الحقوقي الدولي هو الأول من نوعه الذي يوجه انتقادات للسلطات المصرية وحلفائها في الخارج بشأن انتهاك حقوق الإنسان بمصر، فقد سبقه عشرات المؤتمرات والتقارير الحقوقية المصرية والدولية. لكن في المقابل يضرب السيسي ونظامه عرض الحائط بمثل تلك الانتقادات، التي يواجهها بهجوم مضاد عبر إعلامه ومؤيديه.
وهنا يبرز التساؤل عن جدوى وتأثير مثل تلك المؤتمرات والتقارير الحقوقية الدولية التي تهدف لإيقاف الانتهاكات المستمرة والمتصاعدة بحق الكثير من المواطنين المصريين، خاصة وأن النظام المصري لا يغير من سياساته وممارساته المتعلقة بحقوق الإنسان.

محمد جميل: التقارير الحقوقية تساهم في تعرية الأنظمة الغربية التي تحمي الدكتاتوريات (الجزيرة)
سمعة النظام
منسق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة “فرونت لاين ديفيندرز” معتز الفجيري قال إن “المؤتمر الحقوقي الأوروبي الأخير وغيره من المؤتمرات الدولية التي تُعقد لانتقاد أوضاع حقوق الإنسان بمصر لها تأثيرات سلبية على النظام، وخاصة سمعته في الخارج”، ويشدد على أن “تصاعد انتقاد تدهور حقوق الإنسان قد يلجم النظام عن ارتكاب المزيد من الجرائم والانتهاكات”.
ويشير في تصريح للجزيرة نت إلى أن الانتقادات الواسعة لانتهاكات نظام السيسي ربما لا يظهر أثرها في وقت قريب، إلا أن نتائجها تصبح ملموسة على المدى المتوسط والبعيد.
وأشار الفجيري إلى أن هناك ضغوطا حقوقية بالفعل على المفوضية الأوروبية من أجل وضع قيود وشروط وضوابط على التمويل الذي يُقدّم للحكومة المصرية.
من جهته، أكد رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا محمد جميل أن “التقارير الحقوقية الدولية في ظل الهجمة المسعورة للأنظمة المستبدة بالمنطقة العربية لها تأثير فاعل وهام في فضح الانتهاكات، خاصة وأن هذه الأنظمة تسعى جاهدة لأن تبقى جرائمها طي الكتمان والنسيان. كما أنها تساهم في تعرية الأنظمة الغربية التي تحمي الدكتاتوريات وتدعم المستبدين”.

وقبل يومين نشرت رويترز تقريرا قالت فيه إنه عندما استضاف ماكرون الرئيس المصري في باريس في أكتوبر/تشرين الأول 2017 بعد خمسة أشهر من توليه منصبه، سلّمه قائمة بأسماء نشطاء كان يعتقد أن السيسي يمكن أن يطلق سراحهم من السجن.
 
وقالت ثلاثة مصادر اطلعت على الحوار لرويترز إن السيسي نظر إلى ماكرون ولمح له بأنه ساذج، ومضى يعدد بالتفصيل الأسباب التي تدعو إلى عدم الإفراج عن كل شخص، مشددا على صلاتهم بالإسلاميين أو الإخوان المسلمين.
 
وبعد أن ألجمته المفاجأة، قال الرئيس الفرنسي الشاب الذي ينظر إلى السيسي باعتباره قوة استقرار في المنطقة ويريد تعزيز العلاقات التجارية والدفاعية مع القاهرة، في مؤتمر صحفي لاحق، إنه ليس من حقه أن يلقي “محاضرة” على مصر في مجال الحريات المدنية.
 
ويقول مسؤولون فرنسيون إنه بعد 13 شهرا يعمل ماكرون على تنقيح نهجه، وإنه يأمل في الحصول على مزيد من عقود الأعمال والدفاع دون التخلي عن ملف حقوق الإنسان.

المصدر : الجزيرة

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *