نجاح أول جراحة لفصل توأم ملتصق في قطر

أعلن مركز سدرة للطب والبحوث، نجاح المركز في إجراء أول جراحة من نوعها في قطر لفصل توأم ملتصق من دولة مالي. مؤكداً أن هذا النوع من الجراحات يوفر بديلاً جديداً للأطفال المصابين بأمراض معقّدة، بعد أن عانوا في السابق من قلة الجهات المتخصصة في المنطقة التي تقدّم العلاج الناجح والرعاية المميزة لحالاتهم.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي أمس في مركز سدرة للطب والبحوث، بحضور الفريق الطبي الذي قام بإجراء الجراحة، وحضور والدي الطفلين اللذين سُمّيا «تميم» و«حمد». كما شهد المؤتمر سعادة السيد أحمد التيجاني سفير مالي في الدوحة.قاد الفريق الطبي الذي قام بالجراحة كل من الدكتور منصور علي رئيس قسم جراحة الأطفال، والدكتور عبدالله زروق رئيس قسم جراحة الصدر والجراحة العامة للأطفال.
وقال الدكتور منصور إن الفريق تكوّن من 10 جرّاحين وأطباء تخدير، واستمرت الجراحة 9 ساعات مرت دون عقبات لفصل التوأم البالغ من العمر 4 أشهر. لافتاً إلى أن جراحات فصل التوائم من أكثر الجراحات المعقّدة، ونجاحنا في إجرائها مدعاة للفخر وإبراز لقدرات كوادرنا الطبية متعددة التخصصات في مركز سدرة للطب، الذي لم يمر عام واحد بعد على افتتاح مستشفاه الرئيسي. لافتاً إلى أن هذه الجراحة شهادة تميّز للمستشفى وللقطاع الصحي في قطر. وأشار إلى أن التوأم الذي أُطلق عليهما اسما حمد وتميم، يتماثلان للشفاء بعد أقل من 10 أيام من الجراحة، ومن المتوقع أن يستردّا عافيتهما ويعيشا حياة طبيعية. موضحاً أن التوأم كان قد عانى التصاقاً في الكبد، وهو من أخطر أنواع الالتصاق؛ نظراً لاحتياج كل طفل إلى الاستفادة الكاملة من وظائف كبده دون مشاركة مع أحد، فضلاً عن أن هذه النوعية من التوائم الملتصقة تعاني من تشوهات إضافية، ونسبة كبيرة منهم يموتون قبل أن يُولدوا، كما تُعدّ حالات الالتصاق من الكبد والبطن من أكثر الحالات تعقيداً وأصعبها فصلاً.
وتابع أن والدة التوأم كانت قد خضعت لفحوصات خلال أسبوعها التاسع والعشرين من الحمل في مؤسسة حمد الطبية أثناء زيارة الأسرة من مالي لدولة قطر. ومع تأكيد الفحوصات لحالة التصاق التوأم وإمكانية الفصل، شُكّل فريق متعدد التخصصات من مؤسسة حمد الطبية ومركز سدرة للطب لإجراء عملية الولادة وإجراء جراحة فصل التوأم الملتصق لأول مرة في قطر.
ولفت إلى أنه فور الولادة، أحالت مؤسسة حمد الطبية التوأم إلى مركز سدرة للطب، تحت رعاية فريق طبي متخصص في مجالات طبية دقيقة، تألف من أطباء عناية مركزة لحديثي الولادة، وممرضات، وجرّاحي أطفال، ومساعدين صحيين. موضحاً أن هذا الإنجاز يمثّل نموذجاً للتعاون الوثيق بين مؤسسة حمد الطبية و»سدرة للطب» لما يصب في صالح القطاع الصحي بالدولة.

د. الكعبي: فخورون بالقطاع الصحي في الدولة

وأكد الدكتور عبدالله الكعبي، رئيس الإدارة الطبية في مركز سدرة للطب، أن نجاح هذه الجراحة هو يوم فخر لفريق عمل ولمركز سدرة للطب ولقطاع الرعاية الصحية في قطر، حيث نجح فريق طبي متخصص من المركز في إجراء أول عملية جراحية لفصل توأم ملتصق لولَدين عمرهما 4 أشهر، وذلك للمرة الأولى في قطر.
وتابع أن عدد من شارك في هذه العملية الجراحية بلغ أكثر من 150 شخصاً من مختلف إدارات المستشفى، ما بين أخصائيين اجتماعيين وأخصائيين في التغذية، والهندسة الحيوية والتصوير بالأشعة، فضلاً عن الممرضات وأطباء وحدة الرعاية المركزة لحديثي الولادة وأطباء التجميل والجراحة والعديد من التخصصات الأخرى. 
وأكد الكعبي أن هذه الجراحة دلالة واضحة على رسالة سدرة للطب الرامية إلى تقديم رعاية صحية فائقة للنساء والأطفال في صرح طبي مبتكر، به مرافق مزودة بأحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا، لا سيما المرافق المخصصة للاستشفاء، موضحاً أن هذين الطفلين الجميلين اللذين تمت تسميتهما «حمد وتميم» كانا في قلوب وعقول المئات من العاملين بمركز سدرة للطب وشركائنا في مؤسسة حمد الطبية، موضحاً أن العملية تمثل نموذجاً رائعاً للتنسيق والتعاون بين مؤسسة حمد و«سدرة».
وتوجه د. الكعبي بالشكر لمؤسسة حمد الطبية، ولا سيما فريق خدمات الأمومة وفريق وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة، لدورهما في إجراء عملية ولادة التوأم الملتصق ورعاية الأم ونقل التوأم بأمان لوحدتنا الخاصة بالرعاية المركزة لحديثي الولادة. وقال الدكتور هلموت هالمر رئيس قسم حديثي الولادة بمركز سدرة للطب، إن هذا النجاح لم يكن ليتحقق دون الرعاية الفائقة التي وفرها الأطباء والممرضات والمساعدون الصحيون للتوائم على مدار أسابيع عدة في وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة. 
وقال الدكتور ميشيل ليفيس رئيس قسم تخدير الأطفال بمركز سدرة للطب، إن النجاح في هذه النتيجة المبهرة جاء بفضل عناصر مهمة وهي التخطيط المحكم والتوقع والاستعداد لأية مضاعفات.

والد التوأم: سمّيت ولديّ «تميم» و«حمد» عرفاناً بالفضل

قال السيد عثمان محمد والد التوأم، إنه يشعر بالامتنان لدولة قطر على تحملها هذه المسؤولية الإنسانية والطبية لمساعدته في إنقاذ زوجته وابنيه، لافتاً إلى أنه بحث كثيراً عن أماكن في دول العالم لفصل التوأم إلا أن التكاليف كانت باهظة للغاية، ومن ثم فقد كان البحث عن مكان متطور طبياً، وفى الوقت نفسه يكون لديه عامل إنساني لمساعدتنا في هذه الجراحة، وبالفعل كان مركز سدرة للطب هو الملجأ الأفضل لنا، حيث تكفل المركز بجميع التكاليف المالية، بالإضافة إلى الرعاية الطبية الفائقة التي حظيت بها زوجته وأبناؤه بعد الولادة.
وتابع إنه من أجل أن يظل يتذكر فضل دولة قطر عليه، وعرفاناً منه بالجميل تجاه قطر، فإنه قرر إطلاق اسمي «حمد» و«تميم» على ابنيه ليظل يتذكر هذا المعروف وهذا الفضل طوال عمره، وليكون بمثابة رد بسيط للجميل لدولة قطر التي لا تدخر جهداً في مساعدة كل محتاج، موجهاً الشكر والامتنان لحكومة قطر ومؤسسة حمد الطبية ومركز سدرة للطب على جهودهم المضنية للحفاظ على حياة ولدَيه.
قالت الدكتورة هدى صالح استشاري الولادة والنساء، ورئيس قسم طوارئ المرأة بمركز صحة المرأة والأبحاث، إن ولادة التوأم تمت في مركز صحة المرأة والأبحاث وكانت قيصرية، ولم تحدث أية عقبات خلال عملية الولادة على الإطلاق، بل استغرقت المدة الزمنية المعتادة في مثل هذه الحالات، وكان هناك توقع بأن تدخل الأم في حالة ولادة مبكرة ومن ثم كان الاستعداد من جانب الأطقم الطبية والتمريضية على أعلى مستوى.

سفير مالي: المبادرات الإنسانية ليست جديدة على الدوحة

توجه سعادة السيد أحمد التيجاني السفير المالي في الدوحة، بالشكر لدولة قطر على تحملها مسؤولية هذه الجراحة للتوأم المالي.
وأكد أن هذه المبادرات الإنسانية ليست جديدة على قطر، التي يعرف عنها مساهماتها الإنسانية في جميع دول العالم، كما أنها تعكس مدي عمق العلاقات بين البلدين الشقيقين، والتي انعكست في زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى إلى مالي، ديسمبر من العام الماضي.
وتابع إن من بين الاتفاقيات بين البلدين إنشاء مستشفى كبير في مالي، ومن المؤكد أن ما قام به «سدرة» سوف ينعكس على مدى التطور الذي سيكون عليه هذا المستشفى في مالي.
وأضاف أن مساهمات دولة قطر لمساعدة دولة مالي لا تتوقف، ومنها على سبيل المثال مبادرة صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر لمساعدة أطفال مالي في التعليم، في إطار مبادرة التعليم فوق الجميع.

د. زروق: 200 ساعة تدريبية لتفادي المخاطر

قال الدكتور عبدالله زروق -رئيس قسم جراحة الصدر والجراحة العامة- إن الفريق الطبي ومساعديه استعدوا لهذه الجراحة على مدار شهور طويلة، أمضى خلالها ما يزيد على 150 طبيباً ومساعداً أكثر من 30 ساعة في محاكاة العملية؛ لتقليل المخاطر، والوصول إلى أفضل نتيجة ممكنة. كما استخدم الفريق تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد في صنع مجسم يحاكي بطن التوأم والكبد، من أجل التخطيط المحكم للجراحة. موضحاً أن الفريق الطبي قام بالتدريب لأكثر من 200 ساعة على إجراء الجراحة قبل الإقدام على تنفيذها عملياً. لافتاً إلى أن التدريب كان نظرياً وعملياً.

;

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *