متى يجب الإمساك؟ وهل يجب قبل أذان الفجر؟

السؤال
هناك من يقول: إن الإمساك يكون عند أذان الفجر الثاني؛ استدلالاً بحديث سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام: إن بلالًا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى تسمعوا تأذين ابن أم مكتوم ـ علمًا بأن موعد أذان الفجر الرسمي، والذي بينه وبين إقامة الصلاة 30 دقيقة هو: 3:51 ص ـ وموعد الأذان الثاني قبل موعد الإقامة بـ 15 دقيقة، أي الساعة ـ 4:07 ص ـ أرجو من فضيلتكم توضيح هذا الأمر -بارك الله فيكم-.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالإمساك عن المفطرات من أكل، وشرب، ونحوهما إنما يجب عند طلوع الفجر الصادق، وليس بسماع الأذان من أي مصدر كان، قال تعالى: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ {البقرة:187}.

فإذا كان الأذان الثاني عندكم يرفع عند طلوع الفجر, فيجب الإمساك عنده, وإن كان هذا الأذان يتقدم عن طلوع الفجر، فلا يجب الإمساك, جاء في مجموع الفتاوى للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-: سئل فضيلة الشيخ -رحمه الله تعالى-: نرى بعض التقاويم في شهر رمضان يوضع فيه قسم يسمى:

 الإمساك ـ وهو يجعل قبل صلاة الفجر بنحو عشر دقائق، أو ربع ساعة، فهل هذا له أصل من السنة أم هو من البدع؟ أفتونا مأجورين؟ فأجاب فضيلته بقوله: هذا من البدع، وليس له أصل من السنة، بل السنة على خلافه؛ لأن الله قال في كتابه العزيز: وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّيْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ـ وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر ـ وهذا الإمساك الذي يصنعه بعض الناس زيادة على ما فرض الله عز وجل فيكون باطلاً، وهو من التنطع في دين الله، وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هلك المتنطعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون . انتهى

وفي فتح الباري للحافظ ابن حجر: من البدع المنكرة ما أحدث في هذا الزمان من إيقاع الأذان الثاني قبل الفجر بنحو ثلث ساعة في رمضان، وإطفاء المصابيح التي جعلت علامة لتحريم الأكل والشرب على من يريد الصيام، زعمًا ممن أحدثه أنه للاحتياط في العبادة. انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين أيضًا في فتاوى اللقاء الشهري: لا شك أن الله سبحانه وتعالى ربط الإمساك والإفطار بعلامات محسوسة أفقية، الإمساك بطلوع الفجر، فمتى طلع الفجر ورأيته فأمسك سواء أذن أم لم يؤذن، ومتى أذن ولم يتبين الفجر فلك الأكل، لكن من المعلوم أننا الآن لا يمكن أن نشاهد الفجر؛ لأن البلد مضيئة بالأنوار، والناس أكثرهم في الحجر لا يشاهدونه، فمن باب الاحتياط أنك إذا سمعت المؤذن فأمسك، ولكن لا حرج عليك أن تأكل اللقمة التي في يدك، أو تشرب الكأس الذي في يدك. انتهى.

 والله أعلم.

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *