جمعيات الخير الموازية.. فن إدخال السرور على الفقراء دون إعلانات
|شيماء عبدالله
منذ أعوام قليلة، بدأ العديد من الجمعيات الخيرية الموازية تتلمس طريقها في مجال دعم الفقراء وعلاج المرضى، لا يملك أصحابها سطوة الإعلانات التلفزيونية، بل كانت مواقع التواصل الاجتماعي وسيلتهم الوحيدة للانتشار، لم يشغلهم جذب انتباه المتبرعين بصور الحاصلين على التبرع، لكنهم اكتفوا بالإعلان عن مصارف التبرعات، وحجمها، وحالات الحاصلين عليها، دون الإشارة إليهم بصور أو توصيفات.
حملت تلك الجمعيات مسؤولية علاج غير القادرين، والبعض الآخر تولى مسؤوليات الإطعام الدائم وتخصيص مصارف خاصة لشهر رمضان، ثم توسعت الأنشطة وتنوعت مع زيادة حجم التبرعات، لكنها رغم ذلك لم تفارق دعايتها الفيسبوك، ولم تبحث عن شهرة أو دعم خارجه.
مؤسسة مرسال
بشعار “ابعت فرحة” كانت بداية مؤسسة مرسال الخيرية التي تعمل في مجالات الصحة والدعم الطبي، وتقدم جميع أنواع الرعاية الطبية لمن يحتاجها، كما تقدم الخدمة العلاجية لمرضى السرطان مهما كان مستوى الحالة، خاصة أن بعض المستشفيات ترفض استقبال مرضى السرطان الذين تلقوا علاجا بالخارج أو في مراحل متقدمة من المرض.
منذ خمس سنوات فقط بدأ نشاط مرسال، بهدف واحد، هو خدمة المرضى دون تمييز، بدأت المؤسسة بمقر صغير في مدينة نصر، بالإضافة إلى شبكة من المستشفيات والأطباء المتعاقدين مع المؤسسة، ومع زيادة حجم التبرعات التي اعتمدت على مواقع التواصل الاجتماعي، توسعت المؤسسة وافتتحت خمسة أفرع أخرى، بالإضافة لمشروع الوقف الخيري لدار ضيافة للمغتربين باسم الطبيب والأديب الراحل أحمد خالد توفيق.
ثم افتتحت المؤسسة العيادات المختصة بالمجان لغير القادرين، وبأسعار مناسبة للجميع، بالإضافة لأكثر من وحدة لغسل الكلى بالمجان، ولا يزال عدد من المشروعات تعمل عليها المؤسسة، مثل مركز للأورام، ومستشفى خيري للأطفال، ومشروع “حكاية صوت” لزراعة قوقعة الأذن.
ومن خلال دعم المشاهير عبر صفحاتهم، ونشر المؤسسة لأنشطتها الخيرية بدأت مرسال في الانتشار، وتوسع جمهورها الداعم، وخلال هذه الفترة شاركت مؤسسة الجمعية ورئيس مجلس إدارتها هبة راشد في العديد من المسابقات الخيرية، ونجحت في تقديم مبادرتها باعتبارها مبادرة اجتماعية ناجحة في العديد من المحافل العربية والدولية.
الحملات الدعائية للمؤسسة، لا تشمل فقط جمع الأموال، لكنها تسعى للتعريف عنها من خلال أنشطة مثل الماراثون، ودعوات لمناقشة كتب، وحملات للتعريف بأنواع نادرة من الأمراض، واتفاقات على نسب خصم من أرباح المطاعم وشركات الخدمات تذهب للمؤسسة.
مؤسسة أبواب الخير
بدأت المؤسسة الخيرية “أبواب الخير”، نشاطها عبر فيسبوك بنشاط فردي لمؤسسها الصحافي المصري هيثم التابعي، تولى هيثم ومجموعة من الشباب في البداية جمع تبرعات لحالات محدودة بعينها، سواء كانوا من مصريين أو سوريين من بين آلاف الوافدين الذين قدموا إلى مصر أثناء الثورة السورية، حيث وفر لهم الفريق السكن، والإيجار، والأثاث، والطعام والعلاج.
تحول الحلم الفردي إلى مؤسسة خيرية ثابتة ومقر دائم، ونشاط مستمر، بعد أن انضم في أنشطتها العديد من الشباب، الذين شاركوا التابعي حلمه في توسيع قاعدة أبواب الخير، من عمل فردي، لجمعية خيرية دون أى دعاية.
بناء أسقف منازل الفقراء أحد أبرز أنشطة مؤسسة أبواب الخير (مواقع التواصل الاجتماعي) |
وتحرص المؤسسة على احترام آدمية الحالات المقدم إليها التبرعات، حفاظا على كرامتهم، وتعففا عن إيذائهم بالصدقات، وفي غضون شهور قليلة وفي خضم نشاط مستمر لا يتوقف، توسعت أبواب الخير، لترعى وتتكفل بحالات متعددة من اللاجئين، والفقراء في ربوع مصر.
أنشطة رمضانية وأخرى على مدار العام، وحصاد سنوي تصر المؤسسة حتى الآن على نشره موثقا بالمستندات والفيديوهات المثبتة لمصارف التبرع، مؤكدة أن عمل الخير لا يحتاج لكل هذا الكم من الإعلانات والدعاية ذات الملايين، ويكفيه فقط النية الصادقة والعمل الجاد.
مبادرة دايما عامر
فاطمة صابر، لم ينل الاسم حتى الآن نصيبه من الشهرة، لكن سعيا حثيثا، وعملا دؤوبا يقود صاحبته نحو الاتجاه الصحيح، الذي بدأته منذ سنوات عضوا فاعلا في مؤسسة صناع الحياة، ثم جمعية رسالة، ثم قررت أن تبدأ مبادرتها الخاصة، عبر صفحتها على فيسبوك، “دايما عامر”، الاسم الذي استقرت عليه فاطمة لمبادرتها، بعد أعمال كثيرة قامت بها دون أن تلتفت لأن تضعها تحت إطار محدد.
أغطية “بطاطين” في الشتاء، وحفلات للأيتام، وتبرعات لدور الرعاية، وحقائب وأدوات مدرسية في موسم الشتاء، فضلا عن الإطعام في رمضان وعيد الأضحى، وحالات علاج وتوفير مأوى حسب المستطاع، عبر صفحتها الخاصة، تحاول فاطمة جاهدة الوصول لأكبر عدد من المتبرعين، وشرح الحالات، وتصوير التبرعات، وتقديم إيصالات المشتريات، كلها أشياء تحرص على إظهارها للجميع، دون أن يطلبها أحد، لمزيد من كسب الثقة، ولحاجتها لزيادة حجم التبرعات.
تقول مؤسسة دايما عامر “لا يوجد لدى فائض مالى للإعلانات، ولا حتى تمويل إعلانات عبر فيسبوك، لذلك أعتمد فقط على صفحتى الخاصة ومعارفي”، تكتفى فاطمة بمجهودها الشخصي، ومعها صديقة واحدة تعمل قدر جهدها، لكنها مع ذلك، لا تكل من طلب المساعدة المعنوية والمادية.
وتابعت فاطمة “كثيرا ما أحتاج لعدد من المتطوعين، لمشاركتي في التوزيع أو الشراء، أو توصيل التبرعات، أو حتى التعبئة والتجهيز، وحينها لا أخجل من طلب المساعدة من أصدقاء الفيسبوك، حتى وإن لم أكن أعرفهم بشكل شخصي، لكني أعتمد فقط على حدسي بصدقهم”.
النصب والاحتيال باسم الخير، هو أكثر ما يهدد مبادرة دايما عامر، كما تقول فاطمة للجزيرة، فكثير من الأفراد يتعرضون للخداع في جمع التبرعات، مما يجعلهم يفقدون الثقة بالمبادرات الصغيرة، لكن فاطمة تحدد هدفها من مبادرتها بشكل واضح “ليس هدفي هو التبرعات وحجمها رغم أهميتها، لكني بأقل القليل أسعى إلى إضفاء الفرحة والسعادة على وجوه المحتاجين”.
المصدر : الجزيرة