رفات جندي إسرائيلي.. هدية الأسد وبوتين لنتنياهو قبيل الانتخابات

محمد محسن وتد-القدس المحتلة

بينما قصفت طائرات إسرائيلية مستودعات إيرانية في حلب، حطت طائرة “العال” الإسرائيلية في مطار تل أبيب تحمل رفات الجندي زخاري بوميل -وهو من مفقودي معركة السلطان يعقوب في الحرب على لبنان عام 1982- الذي أعيد من سوريا بعملية خاصة استمرت عدة أشهر.

استغلت إسرائيل الحرب على سوريا لتبحث عن رفات جنودها، في محطات انتظار وعمليات سرية على مدار 37 عاما، حيث قتل ثلاثون جنديا إسرائيليا في معركة السلطان يعقوب التي درات بين الجيشين السوري والإسرائيلي بلبنان.

واعتبرت المعركة فشلا استخباراتيا إسرائيليا، بينما بقي مصير ثلاثة إسرائيليين غير معروف، وهم جنديان ومواطن من أصل أميركي.

ونشط الجيش والاستخبارات الإسرائيلية خلال هذه الأعوام في جمع معلومات عن موقع رفات المفقودين، دون تنسيق مع الروس أو مساعدة ميدانية من النظام السوري.

بوتين أثناء استقباله نتنياهو في موسكو (مكتب نتنياهو)

دور النظام
وفي العام 2016، دفعت التطورات إسرائيل لنقل المعلومات إلى الروس الذين استعانوا ميدانيا بجيش النظام للعثور على الجثة من أجل إعادة رفاتها إلى تل أبيب، وقد عثر على جثة الجندي بوميل في مقبرة جنوب مخيم اليرموك بدمشق، حسب وسائل إعلام إسرائيلية.

ورجحت المصادر أن قوات روسية وصلت يوم 19 مارس/آذار الماضي إلى مخيم اليرموك وداهمت المقبرة. وشوهد جنود روس وهم يغادرون بعد خمسة أيام وهم يحملون مجموعة أكياس.

وكشف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي رونين منليس مساء الخميس النقاب عن حملة أطلق عليها “زمار نوغا”، فبعد أن حددت الاستخبارات الإسرائيلية موقع الجثة، حوّلت المعلومات إلى روسيا، فتم تحليل عشرات الجثث، ويوم الأربعاء تم التعرف على جثة أحدهم دون الآخرين.

وتعمد الجيش الإسرائيلي التكتم على الدور الروسي وطبيعة المساعدة التي قدمتها قوات النظام، لكن الصحفي باراك رافيد نقل عن مسؤول إسرائيلي رفيع قوله إن “روسيا ساعدت إسرائيل على تحديد موقع جثة بوميل واستعادتها”.

وعن دور النظام في هذه المهمة، استذكر رافيد في تغريدة على “تويتر” إسقاط الطائرة الروسية بسوريا في سبتمبر/أيلول الماضي، وتصريحات المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية عن طلب الحكومة الإسرائيلية من موسكو مساعدتها في العثور على جثث الجنود الإسرائيليين، مؤكدا أن القوات الروسية بحثت -بالتعاون مع قوات النظام السوري- عن الجثث في مناطق كانت تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية.

مراسم أقيمت في وزارة الدفاع الروسية لتشييع رفات الجندي الإسرائيلي (مكتب نتنياهو)

 

مصالح متبادلة
ورأى محللون إسرائيليون أن توقيت تسليم الجثة يعتبر هدية من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس النظام السوري بشار الأسد لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قبيل انتخابات الكنيست التي ستجرى يوم التاسع من الشهر الجاري، سعيا لدعمه للفوز بولاية خامسة.

وصرح نتنياهو مؤخرا بأن الضربات الإسرائيلية في سوريا ليست موجهة ضد نظام الأسد، بل ضد التموضع العسكري الإيراني هناك، في إشارة إلى موقفه الداعم لبقاء الأسد بالحكم.

وبدت فرص التقدم في إعادة جثث الجنود أكثر واقعية خلال الحرب في سوريا، خاصة بعد تدخل الجيش الروسي في سبتمبر/أيلول 2015 لدعم النظام ومنع انهياره، حيث يعتقد المحلل في صحيفة “هآرتس” عاموس هرئيل أن الروس الذين أنقذوا الأسد خلقوا بقرارهم التدخل في الحرب قوة تفاوضية كبيرة بشأن كل ما يتعلق بإسرائيل، حيث رعى نتنياهو علاقات فعالة مع بوتين، منشئا آلية لمنع الاحتكاك بين القوات الجوية.

ويجزم هرئيل بأن إعادة الجثة نجاح رائع للجيش الإسرائيلي والاستخبارات والحكومة، وذلك بعد خيبات أمل كثيرة وبعد سنوات بدا فيها حلُّ لغز الجنود المفقودين مستحيلا، بينما تواصل إسرائيل جهودها لتحديد موقع المفقودين الآخرين.

ويضيف أنه “يُحتمل أن يترجم الإنجاز السياسي لنتنياهو إلى المجال الانتخابي كذلك، وقد يمكنه من حسم المنافسة، فعودة الرفات تشهد أيضا على العلاقات الشخصية القوية والوثيقة لنتنياهو مع القادة الأجانب”.

وخلص المحلل الإسرائيلي إلى أن التنسيق بعيد عن الكمال بين موسكو وتل أبيب، فلروسيا مصالحها الخاصة في سوريا، وخصوصا استقرار النظام، حتى بالتعاون مع إيران وحزب الله، لكن العلاقة بين نتنياهو وبوتين ساعدت إسرائيل على تعزيز تفاهماتها واستعادة رفات المفقودين.

المصدر : الجزيرة

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *