رغم التشكيك بنواياها.. باكستان تضيق على جماعات متهمة بالإرهاب

بعد المواجهة العسكرية الأخيرة مع الهند وتعرضها لضغوط دولية شديدة لحملها على كبح تنظيمات متهمة بالإرهاب والتطرف نفذت باكستان حملة واسعة شملت حظر جماعات، واعتقال بعض قادتها، وسيطرت على مئات المساجد والمدارس الدينية والمرافق الخدمية التي كانت تديرها هذه الجماعات.

وقد باتت الجارتان النوويتان على شفا حرب جديدة بعد الهجوم الانتحاري الذي استهدف منتصف الشهر الماضي قوات الأمن الهندية في القسم الخاضع للهند بإقليم كشمير، مما أسفر عن مقتل أربعين من عناصرها.

هذا الهجوم وضع مجددا باكستان في مرمى اتهامات قديمة لها بالتخاذل عن مكافحة عن تنظيمات “إرهابية”، وطالما سممت هذه الاتهامات العلاقات بين إسلام آباد ونيودلهي وواشنطن.

وتتهم الهند والولايات المتحدة باكستان بإيواء جماعات تنفذ عمليات ضد أهداف هندية أو ضد القوات الأميركية في أفغانستان.

ونسبت وسائل إعلام إلى تنظيم جيش محمد المحظور في باكستان تبنيه التفجير الذي نفذه مقاتل كشميري، لتسارع الهند إلى مطالبة جارتها بـ”وقف دعم الإرهابيين والجماعات الإرهابية التي تنشط على أراضيها”، في حين ردت باكستان بنفي ذلك.

وحين وقعت المواجهة الأخيرة سعت الهند إلى حشد تأييد دولي ضد باكستان بعدما اتخذت من التفجير حجة لتنفيذ غارات قالت إنها استهدفت معسكر تدريب إرهابيا في القسم الباكستاني من كشمير، الأمر الذي فنده مسؤولون باكستانيون حينها.

وعقب اندلاع المواجهة العسكرية القصيرة -التي شملت تبادل القصف الجوي والمدفعي- مالت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى تأييد موقف الهند، حيث اعتبر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن الغارات الهندية “عملية ضد الإرهاب”، داعيا باكستان لاتخاذ خطوات إضافية ضد ما وصفها بالجماعات الإرهابية.

وقبل أيام، قال مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون إن وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قرشي أكد له أن بلاده ستتعامل بحزم مع الإرهابيين، مضيفا أنه تحدث مع الوزير الباكستاني لحثه على اتخاذ خطوات ملموسة ضد تنظيم جيش محمد وجماعات أخرى تنشط داخل الأراضي الباكستانية.

والعام الماضي، قررت إدارة ترامب وقف مساعدات لباكستان بمئات ملايين الدولارات سعيا للضغط عليها كي تجتث مسلحين ينطلقون من أراضيها لشن هجمات في أفغانستان المجاورة، ولكن إسلام آباد هونت من شأن القرار الأميركي. 

مدرسية دينية في بهاولبور بإقليم البنجاب استعادتها الحكومة المحلية وتقول الهند إنها كانت مقرا لتنظيم جيش محمد المحظور (الأوروبية)

حملة واسعة
ومع أن إسلام آباد تنفي بشدة دعمها أي جماعات متطرفة مثل جيش محمد المتهم بتنفيذ عمليات دامية عدة في كشمير ونيودلهي فقد وجدت نفسها مضطرة لاتخاذ إجراءات بدت صارمة.

فخلال الأيام العشرة الماضية حظرت الحكومة الباكستانية جماعة الدعوة الخيرية التي توصف بأنها فرع من جماعة “عسكر طيبة” التي تقول واشنطن إنها وراء تفجيرات بومباي عام 2008.

كما قالت وزارة الداخلية الباكستانية إن حكومات الأقاليم استعادت السيطرة على 700 مدرسة دينية ومسجد ومشفى كانت تديرها جماعة الدعوة وتنظيم جيش محمد في مدن عدة، بينها بيشاور ولاهور وإسلام آباد، وعين مسؤولون حكوميون لإدارتها، فضلا عن مصادرة ممتلكات وأموال.

كما اعتقل أكثر من 100 شخص، بينهم شقيق مسعود أزهر مؤسس جيش محمد الذي شملته الحملة الأمنية.

وقال مصدر قريب من تنظيم جيش محمد لوكالة الصحافة الفرنسية إن معظم قادة التنظيم اعتقلوا، مؤكدا أنهم لم يتعرضوا من قبل لحملة بهذه الشراسة.

وبينما يرى المشككون في سياسة باكستان أن الغرض من هذه الحملة فقط “التجميل” والانحناء مؤقتا للضغوط الدولية تؤكد حكومة رئيس الوزراء عمران خان أنها جادة في هذا التوجه.

ومؤخرا عبر خان عن هذا الموقف بقوله إن باكستان جزء من المجتمع الدولي، وبلد مسؤول، وإن حكومته لن تسمح لأي مجموعة متمردة باستخدام الأراضي الباكستانية للقيام بأي نوع من النشاط الإرهابي خارج البلاد.

شكوك هندية
بيد أن موقع “ذي واير” الإخباري نقل عن مصادر حكومية في نيودلهي قولها إن الحكومة الهندية تعتقد أن باكستان لا تزال غير جادة في مكافحة الإرهاب.

وأضافت المصادر أن حكومة نارندرا مودي ربما تكون منفتحة على قيام دول أخرى بالتحقق من خطوات باكستان لإزالة البنية التحتية للإرهاب من أراضيها.

وربما يكون من دوافع هذه الشكوك عرقلة الصين -وهي حليف قوي لباكستان- الأربعاء في مجلس الأمن الدولي وضع زعيم “تنظيم جيش محمد” مسعود أزهر على لائحة الإرهابيين الدوليين.

وفي السياق، تنقل وكالة الصحافة الفرنسية عن الباحثة الباكستانية بمركز ويلسون حوما يوسف أن إغلاق البنى التحتية الرئيسية للجماعات المتطرفة مرحلة بالغة الأهمية، لكنها في المقابل تعيب على السلطات أنها ليست لديها إستراتيجية طويلة الأمد بهذا الشأن.

وتضيف أن الإجراءات التي اتخذتها حكومة عمران خان تأتي في مواجهة الضغوط الدبلوماسية، ولتفادي خطر إدراج باكستان في قائمة سوداء للبلدان التي تمول الإرهاب.

أما ميرا ماكدونالد -وهي خبيرة في الشؤون الباكستانية- فتشير إلى مخاوف حقيقية من أن ترد الجماعات التي يجري استهدافها بضرب الدولة الباكستانية في حال تعرضت لضربات قاسية.

المصدر : وكالات,الجزيرة,مواقع إلكترونية

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *