مؤتمر وارسو.. مَن المستهدف: إيران أم القضية الفلسطينية؟
|بعد أشهر من التحضير والترتيب والتحشيد الدولي، ها هي الولايات المتحدة تفتتح مؤتمر “وارسو” الذي دعت إليه في بولندا، بدعوى مناقشة القضايا التي تؤثر على استقرار منطقة الشرق الأوسط.
الإدارة الأميركية التي لم تخف يوما عداءها لإيران، اتخذت من مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة عنوانا رئيسيا لهذا المؤتمر، داعية إلى تكاثف جهود المجتمع الدولي للحد من التدخل الإيراني في شؤون جيرانها.
برنامج “ما وراء الخبر” في حلقة الأربعاء (2019/2/13) ناقش دلالات الحضور الدولي في مؤتمر “وارسو” سواء من حيث حجم المشاركة، أو حتى مقاطعة دول أوروبية قوية، وما تأثير ذلك على تحقيق الأهداف المعلنة.
ما أهمية وارسو؟
بحسب مدير الأبحاث بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط باتريك كلاوس، فإن أهمية مؤتمر “وارسو” تكمن في إظهار توافق دولي واسع حول بعض الأمور والسياسات غير المقبولة التي تنتهجها إيران، مثل قضية الصواريخ البالستية، ودعم الإرهاب وإساءة استخدام الإنترنت.
وأكد كلاوس أنه ليس من مهام المؤتمر مناقشة القضايا الخلافية بين واشنطن وبعض العواصم الأوروبية، مثل مسألة الاتفاق النووي الإيراني.
وأما أهمية الحضور العربي الكبير -برأيه- فمردها إلى ما يشاع عن نية جاريد كوشنير مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب كشف تفاصيل تتعلق بالخطة الأميركية لإقرار السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، أو ما يعرف باسم “صفقة القرن”.
ارتياح إيراني
من جانبه قلل الدبلوماسي الإيراني السابق ومدير مركز طهران للدراسات الإستراتيجية أمير موسوي من شأن مؤتمر “وارسو” بالنسبة لإيران، وقال إنه إذا كان البعض يعتبره بداية لنواة تحالف دولي ضد طهران، فإن هذه النواة “ولدت ميتة”، بالنظر إلى مقاطعة أربع دول عربية “وازنة”هي سوريا والعراق والجزائر ولبنان، إضافة إلى الجار المسلم القوي تركيا.
وأكد موسوي أن كل ما يجري في المؤتمر محاولة فاشلة لرفع معنويات “الكيان الصهيوني” الذي وجد نفسه محاصرا ومتهالكها أمام صعود قدرات محور المقاومة، واعتبر أن المؤتمر لن يتمخض عن شيء سوى صور تذكارية لرئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع بعض المسؤولين العرب في المنطقة الذين قبلوا الانبطاح لإسرائيل وأميركا، ويسعون لإيجاد أي مكان لهم بعد أن خسروا أموالهم وسيادتهم.
كما نفى وجود إجماع عربي على ما تردده واشنطن وبعض أتباعها بأن إيران تتدخل في شؤون جيرانها، مؤكدا أن من يردد هذه الأسطوانة المشروخة ثلاث أو أربع دول عربية فقط هي “في الحقيقة مستاءة من مناهضة إيران للاحتلال الإسرائيلي”، وأن بلاده تحتفظ بعلاقات طيبة مع بقية الدول العربية.
ونفى موسوي أيضا وجود إجماع أوروبي ضد الصواريخ البالستية الإيرانية أو الاتفاق النووي، مؤكدا وقوف روسيا والصين ومعظم الدول الأوروبية بجانب إيران في هذا الملف، بعيدا عن المبالغات والتهويل والأكاذيب الأميركية.
سياسة ترامب
من جانبه ذهب الأستاذ بمعهد الدراسات الشاملة في جنيف حسين عبيدي للتأكيد أن أهمية مؤتمر “وارسو” تكمن في أنه سيقدم لأول مرة صورة عن سياسة ترامب الخارجية، موضحا أن العالم ما زال يجهل رؤية ترامب رغم مرور عامين على وجوده في سدة رئاسة أميركا.
وأكد عبيدي أن واشنطن ستواصل حشدها ضد إيران، معربا عن قناعته بأن أوروبا لا تستطيع أن تخسر حليفتها القوية أميركا من أجل إيران.
أما موسوي فقال إن إيران مرتاحة تماما وتنظر لما يجري بوارسو على أنه مسرحية هزلية، وأنه لن يخرج إلا بتطبيع علني بين إسرائيل وبعض الدول العربية التي مارست التطبيع السري في السابق، “وفي النهاية ستخرج إيران منتصرة، أما الولايات المتحدة وإسرائيل فلا ينتظرهما سوى الهزيمة”.
ولم ينكر كلاوس أن نتنياهو أكبر المستفيدين من هذا المؤتمر، خاصة أنه يستعد لخوض انتخابات غير سهله في بلاده.