فورين بوليسي: هل حان الوقت للوثوق بطالبان؟

يتحدث الكاتب أناتول ليفن عن مدى فعالية المفاوضات بين الولايات المتحدة وحركة طالبان، ويتساءل هل يمكن الوثوق بهذه الحركة؟

ويشير الكاتب في مقال نشرته مجلة “فورين بوليسي” الأميركية إلى أن مفاوضات السلام التي جمعت واشنطن وطالبان مؤخرا، تمخضت عن اتفاق ينهي الحرب الأفغانية.

ويضيف أن هذا الاتفاق يقتضي اقتسام السلطة بين الحكومة الأفغانية المدعومة من الولايات المتحدة وبين حركة طالبان، وخروج الحكومة الأميركية من هذه الحرب بأقل الخسائر.

ويتابع أن واشنطن سعت جاهدة للتوصل إلى اتفاق يقضي بإنهاء الحرب في أفغانستان لأسباب متعددة.

تنظيم القاعدة
ويشير الكاتب إلى أن حركة طالبان سبق أن اعترفت على نطاق واسع بأن وجود تنظيم القاعدة على الأراضي الأفغانية في الفترة التي سبقت هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، كان خطأ فادحا كلفها التنازل عن حكم البلاد.

ويضيف أن طالبان تخوض حاليا معركة حامية الوطيس ضد مقاتلي تنظيم الدولة للسيطرة على أجزاء من أفغانستان، وأن العلاقة العدائية بينهما شجعت كلا من روسيا والصين على إجراء مفاوضات سلام مع الحركة.

ويقول ليفن “رغم أن الجيش الباكستاني يدعم حركة طالبان ضد توسع نفوذ الهند في أفغانستان، فإنه لا ينوي تشجيعها على تكرار أحداث 11 سبتمبر/أيلول التي كانت تداعياتها قاسية على باكستان“.

ويضيف أنه إذا ما تبين أن الباكستانيين يضمرون نية مماثلة، فإن المسؤولين الصينيين الداعمين لهذه الحركة سيمنعون هذه المحاولة، لا سيما في ظل مخاوف من انتشار “التطرف الإسلامي” في إقليم شنغيانغ ذي الأغلبية المسلمة.

حركة طالبان تخوض حاليا معركة حامية الوطيس ضد مقاتلي تنظيم الدولة (رويترز)

مكانة أميركا
ويقول الكاتب إن الهدف الحقيقي الثاني للولايات المتحدة من إجراء مفاوضات سلام مع حركة طالبان هو تعزيز “مصداقية” البلاد في الخارج، لكن واشنطن تسعى للحفاظ على “مكانتها وأهميتها”، حيث يبدو أن الحكومة الأميركية ترغب في تفادي التعرض لهزيمة واضحة ومهينة من شأنها أن تقوض احترامها وتعزز قوة أعدائها في الخارج.

ويضيف أنه بصرف النظر عن الدفاع عن هذه “المكانة”، فإن الولايات المتحدة تسعى إلى وضع حد لهذه الحرب الأهلية التي تزيد من تدفق اللاجئين الأفغان بشكل كبير إلى الدول الأوروبية، على غرار التداعيات التي نجمت عن أزمة اللاجئين السوريين في أوروبا.

ويتابع ليفن أن طالبان ستطالب بحصولها على حكم حقيقي في المناطق الأساسية الداعمة لها في قندهار وبكتيا وقندوز، بما في ذلك إحكام السيطرة العسكرية على قواتها المدمجة في الجيش الوطني والشرطة الأفغانية.

في الوقت الحالي، يبدو مستحيلا أن توافق حكومة كابل على مثل هذه الشروط. وبطبيعة الحال، تستطيع واشنطن إرغامها على ذلك بواسطة تهديدها بالانسحاب الأحادي، ولكنها بذلك ستقوّض قدرتها على ممارسة أي ضغط على طالبان.

وسيصبح التحكم في مواقف طالبان بعد الانسحاب الأميركي من مهام الدول المجاورة، وهي باكستان وإيران والصين وروسيا والهند. ويجب أن تكون هذه الدول أطرافا مركزية في عملية السلام بأفغانستان.

ويضيف الكاتب أنه يجب على الولايات المتحدة التخلي عن رغبتها في إنشاء قواعد عسكرية طويلة الأمد بأفغانستان، الأمر الذي تخشاه الصين وروسيا وإيران.

ويختتم بأنه إذا تخلت الحكومة الأميركية عن هذه الفكرة، فستقبل الصين وروسيا وإيران مساعدتها في الانسحاب بسلام من البلاد.

المصدر : الجزيرة,فورين بوليسي

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *