جباية الموت.. فرض رسوم على نقل جثامين المصريين بالخارج

دعاء عبد اللطيفالقاهرة

بلهجة تبدو حيادية أمام حدث الموت، استنكر رئيس البرلمان المصري علي عبد العال نقل جثامين المصريين الذين يتوفون بالخارج على نفقة الدولة.

ومبعث استنكار الرجل يكمن في كون نقل الجثامين -من وجهة نظره- يسبب إرهاقا لميزانية الدولة وخسائر كبيرة لشركة مصر للطيران المملوكة للحكومة.

وخلال لقائه عددا من أبناء الجالية المصرية في الكويت، اقترح رئيس البرلمان زيادة رسوم استخراج جواز السفر لصالح عملية نقل الجثامين، أو قيام أي مصري في الخارج بدفع رسوم طابع في صندوق باسم المصريين بالخارج.

وقوبلت هذه الاقتراحات بانتقادات كثيرة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين اعتبروها بمثابة جباية أو فرض ضريبة على الموت، وظهرت دعوات لمقاطعة المصريين بالخارج لشركة مصر للطيران.

هذ الهجوم دعا عبد العال للتصريح بأن كلامه لم يُفهم على النحو المقصود، منتقدا وسائل التواصل الاجتماعي التي تشتت ذهن أي مسؤول وتشغله عن الموضوع الأصلي.

وفيما يشبه محاولة لتدارك الخطأ، قدم اقتراحا آخر بأن يتضمن عقد العمل بالخارج بندا ينص على أن يدفع رب العمل مبلغا معينا تؤول حصيلته لصالح نقل الجثامين.

وقد زادت تحويلات المصريين العاملين بالخارج بنسبة 21% على أساس سنوي خلال العام المالي 2017-2018، لتبلغ 26.5 مليار دولار، مقابل 21.9 مليار دولار في العام المالي السابق.

تقليل الرسوم
وما فُهم من كلام رئيس البرلمان أن نقل الجثامين تقوم الدولة به بشكل مجاني تماما، لكن قرارا أصدره وزير الطيران المدني الفريق يونس المصري مطلع الأسبوع الجاري كشف عكس ذلك.

ويبدو أن السلطة حاولت تدارك تصريحات عبد العال واستيعاب غضب المصريين بالخارج، حيث أعلن وزير الطيران تخفيض رسوم نقل جثامين المتوفين بالخارج إلى مصر بنسبة 50%.

وأوضح رئيس مجلس إدارة شركة مصر للطيران للشحن الجوي باسم جوهر، أن تكلفة نقل الجثمان قبل هذا القرار كانت تبلغ نحو عشرة آلاف جنيه مصري، وبعد التخفيض فإنها ستصل إلى خمسة آلاف جنيه، أي ما يعادل حوالي ثلاثمئة دولار.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعلن رئيس الشركة القابضة للطيران أحمد عادل، أن خسائر شركة مصر للطيران بلغت 19.9 مليار جنيه، مرجعا ذلك لإلغاء بعض الخطوط الرابحة، ولا سيما خطوط سوريا وليبيا.

وكانت مصر للطيران أوقفت رحلاتها الجوية إلى الدوحة على خلفية إعلان القاهرة مقاطعتها مع دول الحصار.

رئيس البرلمان قدم اقتراحا آخر بأن يتضمن عقد العمل بالخارج بندا ينص على أن يدفع رب العمل مبلغا معينا تؤول حصيلته لصالح نقل الجثامين (الصحافة المصرية)

ترحيب
ورحبت عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب غادة عجمي بقرار وزارة الطيران، معتبرة إياه بداية لإلغاء الرسوم عليها نهائيا.

وقالت عجمي في تصريحات صحفية إنها تقدمت منذ عامين ونصف بمشروع قانون لتمويل نقل جثامين المصريين بالخارج، من خلال صندوق ممول من المصريين بالخارج أنفسهم ولا يكلف الدولة شيء.

وفي الاتجاه نفسه، رأى رئيس الاتحاد العام للمصريين بالخارج إسماعيل علي أن ثورة الغضب بين بعض المصريين بالخارج بسبب أزمة نفقات نقل الجثامين، ليس لها أساس من المنطق في ظل وجود حلول مفعلة.

وأوضح أن اتحاد المصريين بالخارج وقع برتوكولا مفعلا السنة الماضية مع شركة قناة السويس للمغتربين، بسداد ما يوازي 60 جنيه سنويا ومن ثم يضمن الحصول على 55 ألف جنيه في حال الوفاة لنقل الجثامين.

فيما ذهب مسؤول الملف السياسي للاتحاد العالمي للمواطن المصري بالخارج نصر مطر، لحل ربما يكون أقسى مما طرحه رئيس البرلمان.

فقد تساءل الرجل عن مدى إمكانية نقل جثامين المصريين الفقراء من أموال الصدقات التي تجمعها مؤسسة مصر الخير.

وحذر من أن تفتح التصريحات الأخيرة لرئيس مجلس النواب أبوابا لمن وصفهم بالمتربصين للدولة، لبث الفتنة بين المصرين في الخارج.

استغلال المواطن
والحديث عن فرض رسوم على نقل جثامين المصريين بالخارج يراه الرئيس السابق للجنة العلاقات الخارجية في البرلمان جمال حشمت، متسقا تماما مع رؤية القائمين على السلطة الحالية للوطن باعتباره سلعة للتجارة ووسيلة للتربح.

وتابع “مصر في زمن الانقلاب وتحت سيطرة العسكر هي مشروع تجاري يتم استغلاله بغض النظر عن أهلها وحالهم”.

والتجارة بالمواطن المصري ليست عند مماته فقط بحسب حشمت، فالسلطة الحالية تمارس التكسب من المواطنين في شتى النواحي كالصحة أو التعليم.

وكثير من المصريين بالخارج استخدموا مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن غضبهم من النية الحكومية فرض رسوم على نقل الجثامين، وشارك البعض في وسم “اركبوها أنتم” لمقاطعة شركة مصر للطيران.

وكتبت مها محمد على موقع تويتر “من لا يكرمنا ونحن أموات سنقاطعه ونحن أحياء”.

ورأى عماد الزيات وجوب نقل جثامين المصريين المتوفين في الخارج، لأنهم كانوا مصدرا للعملة الصعبة الداخلة إلى البلاد طوال فترة غيابهم في الغربة، خصوصا أنهم في حياتهم غالبا ما كانوا يسافرون في رحلات مصر للطيران.

المصدر : الجزيرة

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *