أكبر موسوعة بالإنجليزية توثق تاريخ فلسطين لأربعة قرون
|هديل الروابدة-عمان
بينما يواصل العدو الصهيوني محاولاته الجادة لتزوير تاريخ فلسطين وتذويب هويتها، يعتكف أصغر مؤرخ في موسوعة غينيس للأرقام القياسية، دكتور العمارة الإسلامية المقدسي محمد هاشم غوشة بين الكتب والمراجع والمخطوطات على مدى 12 عاما، راصدا وموثقا تفاصيل تثبت عروبة فلسطين، ساردا إياها في أكبر موسوعة كتبت باللغة الإنجليزية، ليضعها بين يدي عالم لا يحترم إلا الوثائق والشواهد.
يسافر الدكتور غوشة في موسوعته عبر إرث الأجداد الممتد لأربعة قرون، مارا بتفاصيل حياة الفلسطينيين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والطبيعية منذ عام 1516 حتى عام 1918، ويتوج رحلته التاريخية بإطلاق موسوعته، التي احتوت 24 مجلدا موزعا في سبعة آلاف صفحة، و30 ألف وثيقة وصورة وخريطة ورسما توضيحيا، و2300 نموذج من الأختام التي كانت تستخدم لتوقیع الاتفاقات والعقود آنذاك، ومواد أرشيفية أولية لم تُنشر من قبل.
رسالة حية
تضمنت الموسوعة أيضا نحو ثلاثة آلاف وثيقة عثمانية لعائلات فلسطينية، و1200 حجة وقف لعائلات أخرى تثبت أن من يملك الأرض هم الفلسطينيون، في حين احتوت ثماني مجلدات من الموسوعة على 12 ألف رسمة لمؤرخين أوروبيين خلال زيارتهم فلسطين.
ولم ينس غوشة، الذي يرى بأن الوقت قد حان لتقديم القضية الفلسطينية بطريقة أكاديمية حضارية جديدة، أن يضمن في موسوعته الكثير من الخرائط الفلسطینیة، بقراھا ومدنھا، وأسرها الإسلامیة والمسیحیة، وأماكن عبادتھم واحتفالاتھم وعاداتھم، متسلسلا فیھا عبر السنین حتى نھایة الحرب العالمیة الأولى 1918.
ولم تقتصر الموسوعة على توثيق الحياة الاجتماعية والاقتصادية للفلسطينيين، بل عمدت إلى وصف الحيوانات والأسماك والزواحف والشجر والحجر، فيسافر المتصفح للموسوعة بين جبال فلسطين وسهلها وساحلها، ويشتم رائحة ورودها، ويرى غزلانها ويستمع لزقزقة عصافيرها، ويعيش واقعها بصورة حية، لتصل الرسالة إلى المتلقي كما أرادها المؤرخ غوشة تماما.
رد قوي
وفي هذا السياق، يرى المستشار الإعلامي للموسوعة الكاتب خليل العسلي، في حديثه للجزيرة نت، أن الموسوعة “رد قوي” على كل محاولات تزييف التاريخ الخاص بفلسطين وطمس هويتها وإلغاء الوجود العربي والفلسطيني فيها بمضامينه الجغرافية والبشرية والتاريخية والحضارية والدينية، لافتا إلى أن كل حديث يشكك في عروبة فلسطين هو نسج خيال مؤلف هاوٍ، بحسب تعبيره.
ويذهب العسلي إلى اعتبار أن الموسوعة باتت مرجعا أكاديميا مهما للباحثين عن الحقائق، إذ يمكن الاعتماد عليها نظرا لتعزيزها بالحقائق الموثقة والصور والخرائط والرسومات التي جذرت اسم فلسطين عميقا في التاريخ.
كما أكد العسلي أن الموسوعة هي نتاج 12 عاما من العمل المتواصل والبحث الحثيث للمؤرخ غوشة وحده، نافيا بذلك وجود أي جهة راعية أو داعمة له، وفقا لقوله.
وجهة نظر منصفة للقضية
في حين يعتقد الكاتب والمحلل السياسي الدكتور حسن البراري أن غوشة قدم للعالم، عبر موسوعته، وجهة نظر جديدة عن القضية الفلسطينية وتطوراتها ومآلاتها بطريقة علمية رصينة، تثري فهم القارئ والباحث الغربي، بحسب قوله للجزيرة نت.
وتوقع البراري في حديثه للجزيرة نت أن ترجّح الموسوعة كفة تعاطف الرأي العام في العالم لصالح القضية الفلسطينية، بعد أن غدت مصدرا جيدا ومنصفا للحق الفلسطيني، يستقي منه الباحثون الغربيون معلوماتهم وحقائقهم.
وتتفق المؤرخة الدكتورة هند أبو الشعر، في رأيها مع البراري، فترى أن الدكتور غوشة نجح في توظيف المراحل التاريخية عبر أربعة قرون لتأكيد عروبة فلسطين وقضية شعبها.
وتردف في حديثها للجزيرة نت “إن الموسوعة ساهمت في حماية الأرشیف المقدسي، من خلال جمع كل ما يتعلق بفلسطين من حيث الزمان والمكان والأفراد بالشواهد والوثائق والمخطوطات”.
وتوضح أبو الشعر أن تدعيم الحقائق الواردة في الموسوعة بالصور اختصر الكثير من الحديث، وجذّر المشهد الفلسطيني بتفاصيله في عقل القارئ، ورسخه في ذاكرة الزمن، على حد وصفها.
موسوعة أردنية
وفي هذا الإطار، يكشف العسلي في حديثه للجزيرة نت نية المؤرخ المقدسي غوشة استكمال موسوعته الفلسطينية بأخرى أردنية، لاعتقاد الأخير أن فلسطين والأردن وجهان لعملة واحدة، وأن ارتباطهما أزلي، ولا يمكن فهم تاريخ أحدهما بمعزل عن الآخر، فرحلة إنجاز الموسوعة الأولى أظهرت حجم الالتحام والتداخل بينهما.
المصدر : الجزيرة