البكتيريا الإشريكية القولونية.. مفيدة أم مضرة؟

تتمثل بكتيريا الإشريكية القولونية، التي تعرف أيضا بجرثومة الأمعاء الغليظة أو الإي كولاي، في مجموعة من البكتيريا التي تعيش في أمعاء البشر، والتي تسهم في الحفاظ على صحة أحشائنا. ووفقا للمراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، يمكن لبعض أنواع البكتيريا -أحيانا- أن تتسبب في أمراض خطيرة.

وأنواع الإشريكية القولونية التي تنجم عنها التهابات خطيرة تنتج مادة سامة تعرف باسم “الشيغا” (Shiga).

وتعد الإشريكية القولونية O157:H7 من أكثر أنواع البكتيريا شيوعا في أميركا الشمالية. وحسب تقديرات مراكز مكافحة الأمراض تصيب هذه البكتيريا نحو 265 ألف أميركي كل سنة، الأمر الذي يسفر عنه دخول نحو 3600 شخص للمستشفى وثلاثين حالة وفاة، وذلك وفقا للكاتبة رايتشل روس في تقريرها الذي نشره موقع “لايف ساينس”.

وتعتبر بكتيريا “الإيكوتوميجينيك إي كولاي” أحد الأسباب الرئيسية لمرض “إسهال المسافر” الذي وفقا لجامعة إيموري يظهر غالبا لدى الأشخاص من البلدان المتقدمة عندما يزورون مناطق أقل تقدما.

وتشير التقديرات إلى أن “الإيكوتوميجينيك إي كولاي” تصيب ما بين 280 و400 مليون طفل دون سن الخامسة سنويا، خاصة في البلدان النامية، حيث يفتقر عادة هؤلاء الأطفال إلى المناعة الطبيعية، وفقا لجامعة إيموري.

في حين أن بكتيريا الإشريكية القولونية يمكن أن تنتشر وتتسلل إلى الجسم بطرق مختلفة، فإنه وفقا لجامعة كاليفورنيا بسان فرانسيسكو، تتأتى نحو 85% من العدوى من الأغذية. وتتلوث اللحوم عندما تنتشر البكتيريا في أمعاء الحيوانات عند ذبحها.

الأسباب 
ووفقا لوزارة الصحة والخدمات البشرية بالولايات المتحدة، يمكن أن يسهم تناول الأطعمة الملوثة، مثل لحم البقر غير المطبوخ جيدا والجبن المصنوع من الحليب الخام، إلى جانب المشروبات الملوثة كالماء والحليب غير المبستر وعصائر الفاكهة؛ في انتشار السلالات المُمرضة من الإشريكية القولونية في الجسم.

تجدر الإشارة إلى أنه من المحتمل أن تظهر العدوى نتيجة عدم الحرص على غسل اليدين جيدا إثر لمس الحيوانات أو الأشخاص أو الأسطح المعرضة للبكتيريا الضارة. وقد تؤدي السباحة في المياه الملوثة أيضا إلى الإصابة ببكتيريا الإي كولاي خاصة في حال تم ابتلاع شيء من هذه المياه.

ورغم أن بكتيريا الإشريكية القولونية يمكن أن تصيب أي شخص، فإن مجموعة “مايو كلينك” الأميركية تؤكد أن فئات معينة من الأشخاص هي أكثر عرضة من غيرها لتطور أعراض هذا المرض، بما في ذلك الأطفال والمسنون، بالإضافة إلى من يعانون من ضعف في جهاز المناعة وانخفاض في مستويات العصارة الهضمية.

الأعراض 
وتقول جامعة كاليفورنيا إنه أعراض الإي كولاي تستغرق عادة بين نحو يوم وثمانية أيام للظهور، خاصة بعد تناول أطعمة أو مشروبات ملوثة.

ويعاني أغلب المصابين من:

  • الإسهال.
  • تشنجات في المعدة.
  • شعور بالغثيان.
  • حمى.
  • ومن المحتمل أن يتسبب التقاط هذه البكتيريا في الإصابة بمتلازمة انحلال الدم، التي تؤدي بدورها إلى الفشل الكلوي.
  • انخفاض معدل التبول.
  • خمول.
  • شحوب في لون الخدود والجفون.

من جانبهم، يوصي الخبراء بضرورة السعي للحصول على علاج طبي في حال ظهور أحد هذه الأعراض.

ووفقا لجامعة كاليفورنيا بسان فرانسيسكو، تعد بكتيريا الإي كولاي مسؤولة عن نحو 90% من العدوى التي تصيب الجهاز البولي. كما تشير “مايو كلينك” إلى أن أعراض التهاب المسالك البولية تتجسد في الشعور بالرغبة الملحة في التبول التي ترافقها حرقة، إلى جانب اللون الداكن والرائحة القوية للبول.

وتعتبر النساء، خاصة اللائي يمارسن نشاطا جنسيا مكثفا، الأكثر عرضة للإصابة بعدوى المسالك البولية نظرا لقصر قناة الإحليل لديهن وقربها من فتحة الشرج.

التشخيص والعلاج
يعمل الأطباء على تشخيص عدوى البكتيريا الإشريكية القولونية عن طريق فحص عينات البراز لتبين وجود البكتيريا والسموم الخاصة. وذكرت الكاتبة أن الأطباء لا يلجؤون إلى العلاج عن طريق المضادات الحيوية ما لم تكن العدوى خارج المجرى المعوي، وذلك بشكل مماثل لالتهاب المسالك البولية.

حيال هذا الشأن، صرحت عالمة الأحياء الدقيقة في كلية أكسفورد بجامعة إيموري في جورجيا سارة فرانكهاوزر بأن سبب امتناع الأطباء عن اعتماد المضادات الحيوية يرتبط بقدرتها على قتل البكتيريا المفيدة خلال سعيها لقتل البكتيريا الضارة، مما يمنح بكتيريا الإي كولاي مجالا أكبر لتتكاثر وتنمو.

ويوصي الأطباء بعدم تناول أدوية مضادة للإسهال لعلاج أمراض العدوى لأنها قادرة على تثبيط عمل الجهاز الهضمي وإبطائه، فضلا عن منع الجسم من إزالة السموم التي تفرزها بكتيريا الإي كولاي.

  • وبدلا من ذلك، يتعافى معظم البالغين الذي يتمتعون بصحة جيدة من العدوى في غضون أسبوع تقريبا مع ضمان الحصول على الراحة وشرب كمية كافية من المياه.

    الوقاية
    احرص على غسل يديك باستمرار بالماء والصابون بعد استخدام الحمام أو تغيير الحفاضات أو التعامل مع أشخاص مصابين بالعدوى، فضلا عن ضرورة القيام بذلك قبل الأكل وبعده وإثر ملامسة الحيوانات الداجنة في المزرعة.

  • اغسل الأطعمة الطازجة جيدا، مع طهي اللحوم على درجات حرارة عالية، بالإضافة إلى تخزينها في الثلاجة أو المجمد.
  • ذوب الطعام المجمد في الميكروويف أو اتركه ليذوب بمفرده داخل الثلاجة.
  • حافظ على نظافة أماكن تحضير الطعام باستخدام الماء الساخن والصابون أو المطهر المخصص لغسل اليدين، بالإضافة إلى ضرورة تنظيف لوح تقطيع الخضار والأواني وأي شيء آخر قد يلامس اللحم النيئ. وافصل بين اللحم النيئ واللحم المطبوخ وجميع الأطعمة الأخرى.
  • تناول الأطعمة المعقمة والمبسترة، مثل الألبان والأجبان والعصير.
  • تجنب ابتلاع المياه عند السباحة في المسابح أو البحيرات وغيرها.
  • تجنب السباحة في الأماكن العامة إذا كنتَ تعاني من الإسهال، كما يجب عليك تجنب تشارك الحمام مع الآخرين وعدم تحضير الطعام لهم لتجنب نقل العدوى.

وتعد الأمراض المقترنة بالإسهال، بما في ذلك الأمراض التي تتسبب فيها بكتيريا الإي كولاي، شائعة للغاية في جميع أنحاء العالم. وتهدف جميع اللقاحات المتواجدة حاليا إلى تقليل نسبة الإصابة بهذه العدوى، وتقليل عدد الوفيات الناجمة عن المضاعفات المرتبطة بالأمراض، خاصة لدى الأطفال الصغار.

وفي مراجعة بحثية أُجريت سنة 2018 ونُشرت في مجلة “فرونتيرز إن مايكروبيولوجي” الأميركية، تمت الإشارة إلى محاولات الباحثين خلال العقود الماضية اتباع مجموعات متنوعة من الأساليب لتطوير لقاحات فعالة لعلاج الإي كولاي.

من جهتها، أعربت فرانكهاوزر أن العلماء طوروا لقاحات بدائية حتى الآن لعلاج إسهال المسافر لكنها ليست فعالة وتظهر نتائجها لدى فئة محددة من الأشخاص فقط.

وأشارت الكاتبة إلى توجه الباحثين الجديد لتطوير لقاحات للإي كولاي بناء على فصيلة دم الشخص المصاب، وهو ما يمكن اعتباره مجال بحث واعد. وتوصلت دراسة نُشرت في مجلة “كلينيكال إنفستيغايشن” سنة 2018 إلى أن شدة الإصابة بالأعراض المصاحبة لعدوى بكتيريا الإي كولاي ترتبط بشكل وثيق بفصيلة دم المصاب.

وتطرقت الكاتبة إلى التقدم الذي حققه فريق آخر من الباحثين في الولايات المتحدة وأوروبا على مستوى تطوير لقاح لمنع عدوى المسالك البولية التي تسببها الإي كولاي. وأوضحت الدراسة الأولية التي أجرتها المجموعة سنة 2017، والتي نُشرت في دورية “ذي لانسيت إنفكتيوس ديزيسس” أن هذا اللقاح آمن وتمكن من خفض عدد حالات عدوى الجهاز البولي لدى أكثر من ثلاثين مريضة.

المصدر : مواقع إلكترونية

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *