بن علي والأربعون ألف واش.. عندما يسخر التونسيون من النظام السابق

حياة بن هلال-تونس

بن علي والأربعون ألف “صبابا” (واش) وسم تداوله التونسيون بعد إعلان هيئة الحقيقة والكرامة عن قائمة تضم أربعين ألف شخص كانوا يعملون لصالح نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي برتبة وشاة منتشرين بكامل تراب الجمهورية، لا سيما في الإدارات والمؤسسات الخاصة والعامة.

المهمة الوحيدة لهؤلاء الوشاة هي نقل الأخبار إلى زعماء النظام السابق الذي ضاق ذرعا بكل معارض، بل وبكل رافض لقراراته، والأدهى من ذلك أن هؤلاء “الصبابا” (بالعامية التونسية) ينتشرون حتى داخل المساجد، ويعمدون إلى تتبع المصلين، والبحث عن جميع معلوماتهم وتحركاتهم بشكل يومي.

رقم الأربعين ألف واش كان صادما للتونسيين الذين سرعان ما تفاعلوا مع الموضوع، وانتشرت عبارات التهكم والسخرية والغضب على مواقع التواصل الاجتماعي، مثل إطلاق تسمية “بن علي والأربعون صبابا” على غرار القصة الشهيرة “علي بابا والأربعون حرامي”.

 

وأعاد جيش الوشاة لفائدة نظام بن علي للأذهان ممارسات الأخير على مدى ربع قرن تقريبا، إذ شدد الخناق على كل معارضيه، لا سيما من ذوي التوجه الإسلامي، وزج بكل من يشك في عدم موالاته للنظام في السجون، ومارس عليه أنواع التعذيب.

عملية حسابية
وتفاعل رواد مواقع التواصل مع الخبر تهكما وسخرية من هؤلاء الوشاة، وانتشرت في الصفحات الكبرى على موقع فيسبوك من قبيل “بن علي و الأربعون ألف صبابا”، ونشرت نقابة الديوانة (الجمارك) على صفحتها الرسمية في فيسبوك عملية حسابية لما كبده هؤلاء الوشاة من نفقات للدولة.

وقالت النقابة إنه إذا كان كل واش يتقاضى خمسين دينار (16.7 دولارا) في الشهر، فهذا يعني مبلغا قدره مليونا دينار شهريا، أي 24 مليون دينار (أكثر من ثمانية ملايين دولار) سنويا، وبالتالي فإن الكلفة الإجمالي طيلة عشرين سنة بين عامي 1991 و2010 تناهز 480 مليون دينار (167 مليون دولار).

وكتب الصحفي التونسي عفران الحسيني على صفحته في فيسبوك أن الأربعين ألف واش يفسر وحده قوة الحملة التي شنت على هيئة الحقيقة والكرامة، وأضاف الحسيني “هؤلاء كانوا يتحركون حتى لا ينتبه الناس إليهم، وإلى ما نهبوه مباشرة من ميزانية الدولة عدا الامتيازات والرشاوى”، وعلق الصحفي ساخرا “روسيا عندها الكي جي بي، وتونس عندها صا بي بي”.

محمد بن سالم: إعلان قائمة الوشاة مكسب إذا لم نرد لبلادنا الرجوع للوراء (الجزيرة)

وأشاد القيادي في حركة النهضة محمد بن سالم بعمل الهيئة، ووصفه بالإضافة المهمة لمسار تونس الديمقراطي، وقال محمد بن سالم في تصريح للجزيرة نت “إعلاننا عن وجود هؤلاء هو مكسب إذا لم نرد لبلادنا الرجوع إلى الوراء، ويحدث في جميع الدول الديمقراطية، ففي ألمانيا مثلا أعلنوا عن مثل هؤلاء وواجهوا ماضيهم بغية التقدم والإصلاح”.

رقم ضخم
وقال المحلل السياسي التونسي إصلاح الدين الجورشي إن عدد الوشاة المعلن ضخم للغاية، وقال “إن أضفنا الرقم لعدد الفاسدين الذين كشفت عنهم الهيئة، فإننا سنجد أنفسنا أمام جيش من هؤلاء، ومن المستحيل محاسبتهم جميعا، لكن يجب معاقبة الأكثر ضررا على الأقل، وبالنسبة للأحزاب السياسية أعلم أن هناك من لا يريد محاسبتهم”.

وترافق منظومة الوشاية جميع الأنظمة الدكتاتورية في العالم، وهي السلاح الأقوى لقمع معارضي تلك الأنظمة، وطمس حرياتهم، ويتم الكشف عنهم غالبا في الأنظمة الديمقراطية على غرار ما وقع في ألمانيا، ورغم ذلك ما زال التونسيون في تخوف من وجود هؤلاء حتى بعد الثورة التي اندلعت في 17 ديسمبر/كانون الأول 2010.

وتأسست هيئة الحقيقة والكرامة في آخر عام 2013، بهدف كشف الحقيقة عن مختلف الانتهاكات، ومساءلة ومحاسبة المسؤولين عنها وجبر الضرر، ورد الاعتبار للضحايا لتحقيق المصالحة الوطنية والعدالة، وإرجاع لكل ذي حق حقه، الأمر الذي لم يكن مرحبا به من قبل حزب نداء تونس الذي هاجم الهيئة في أكثر من مناسبة.

وأفادت رئيسة الهيئة سهام بن سدرين في مؤتمر صحفي بآخر أيام الهيئة (31 ديسمبر/كانون الأول 2018) أن الأخيرة أحالت إلى القضاء ثمانين ملفا و72 لائحة اتهام بارتكاب انتهاكات وتعذيب مناضلين من مختلف التيارات السياسية والفكرية في عهدي النظامين السابقين لزين العابدين بن علي والحبيب بورقيبة، وذلك بعد استكمال البحث فيها، في حين يجري استكمال التحريات في ثمانين ملفا.

المصدر : الجزيرة

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *