“التراحم والتنمية” تحمي غابة الصنوبر الكبرى في لبنان
|أحمد الأيوبي-طرابلس/لبنان
ويضم جبل بلدة السفيرة التي تبعد عن طرابلس 35 كلم، أكبر غابة متّصلة في لبنان والشرق الأوسط، وتمتد على مساحة تقارب 3 ملايين متر مربع من أشجار الصنوبر والسنديان والشربين.
وتعتبر البلدة من الحواضر التاريخية العريقة، إذ اتخذها الرومان قاعدة أساسية لهم حيث بنوا قلاعهم وحصونهم ومعابدهم، وكان أبرزها حصن الإمبراطور الروماني سفيروس، وهو ثاني أكبر حصن روماني من حيث الضخامة والأهمية في لبنان بعد قلعة بعلبك.
من نتائج أعمال التأهيل الرامية لحماية غابة الصنوبر الأكبر في لبنان (الجزيرة) |
التراحم والتنمية
ومن أجل أخذ زمام المبادرة في تنمية بلدة السفيرة وحماية غابة الضنية، تأسست جمعية “التراحم والتنمية” في السفيرة عام 2008، وحسب رئيسها محمد حسون فإنها “قائمة على العمل التطوعي وتولي عنايتها للتنمية المستدامة وللاهتمام ببيئة البلدة والضنية عموما وتسويق آثارها ووضعها على الخريطة السياحية”.
ولتنفيذ أهدافها، نظمت الجمعية سلسلة نشاطاتٍ بينها دورات للمزارعين لإطلاعهم على أساليب الزراعة الحديثة، وتضع الجمعية في أولوياتها “دعم القطاع الزراعي وإنشاء معمل لتجفيف الفواكه وصناعات غذائية زراعية أخرى، كون السفيرة وجوارها بلدات زراعية وتكاد تُهجر بسبب تكاليف الإنتاج الباهظة وعدم تصريفه”.
ويقول حنون إن غابة الضنية لا تحظى برعاية رسمية، ولا تخصّص لها وزارة الزراعة الحراسة لحمايتها من مخاطر اندلاع الحرائق التي تلتهم كل عام آلاف الأمتار من مساحاتها الواسعة.
وأمام هذا التحدي، تواصلت جمعية “التراحم والتنمية” مع الجهات المانحة ممهّدةً الطريق لشراكةٍ بين البلديات التي تتشارك مساحة غابة الضنية وهي السفيرة وطاران وبطرماز، وبالتعاون مع “جمعية التحريج في لبنان” لتنفيذ “مشروع حماية غابة الضنية من خطر الحريق” في إطار مشروع المساعدات الغذائية، التابع لبرنامج الأغذية العالمي المموّل من الوزارة الاتحادية الألمانية.
وتسعى الجمعية لنشر ثقافة الحفاظ على البيئة والتفاعل الإيجابي معها، وتنشيط السياحة البيئية وخلق فرص عمل لأهل القرى، وتحويل الغابة إلى مصدر إستراتيجي للاستثمار البيئي والسياحي والزراعي. وتضع بلدية السفيرة ضمن أولوياتها الحفاظ على الثروة الحرجية وحمايتها من عبث التخريب.
حماية غابة الضنية
وتهدف الجمعية من خلال مشروع التقليم واستصلاح الممرات في حرج الصنوبر، إلى فتح مساراتٍ داخل الغابة وتقليم الأشجار على مساحة أكثر من 150 ألف متر مربع خلال 48 يوما، بمساعدة من قبل قرابة مئتي متطوع خضعوا لدوراتٍ لرفع كفاءاتهم في التعامل مع البيئة وإدارة الغابات واستثمار القدرات البشرية في تأمين الحماية المنشودة للبيئة.
ولدى الجمعية تصوّر “للعمل على تخفيف التلوّث من خلال استغلال موارد الغابة المحيطة ببلدة السفيرة في مجال الطاقة، والإفادة من كميات الخشب الكبيرة الناجمة عن تقيلم الأشجار لصالح التدفئة والتقليل من استخدام مادة المازوت ومن ثم تقليل استهلاك الكهرباء، مما يستوجب إنشاء مركز لتقطيع وتحويل الأخشاب إلى حطب للتدفئة”.
ويختم حسون حديثه بالتأكيد أن هناك تصميما على إتمام المشروع لأنه يعني خطوةً أولى ناجحة في الطريق لإعلان غابة الضنية محمية بيئية تكفل توقّف كلّ أشكال الاعتداء على المساحات الخضراء كي تحظى الغابة بالرعاية والحماية وتشكّل مدخلاً للتنمية المستدامة المبنية على التكامل بين الإنسان والطبيعة.
المصدر : الجزيرة