أحكام إعدام جاهزة.. هل يصطبغ عام مصر الجديد بالدم؟
|عبد الرحمن محمد-القاهرة
وحسب مصادر حقوقية مختلفة، فقد شهد العام المنصرم إصدار أكثر من 580 حكما بالإعدام وإحالة أوراق 77 آخرين للمفتي، في حين تم تنفيذ الإعدام بحق 32 منهم، ومن هؤلاء عشرة حوكموا في قضايا سياسية، وهو ما يعني زيادة بنسبة 30% بالمقارنة مع أحكام الإعدام في 2017 التي بلغت قرابة 400.
رقم غير مسبوق
غير أن بلوغ ما أيدته محكمة النقض من أحكام إعدام بشكل نهائي 76 حالة، حسب تقدير حقوقيين، وهو عدد غير مسبوق لم تشهده أي من الأعوام السابقة، يدفع إلى التخوف من أن يشهد العام الجديد تنفيذا غير مسبوق لتلك الأحكام، مما ينذر بأن يكون عاما دمويا بحق معارضي النظام.
ومع هذه التخوفات، التي تعضدها إفادات مصادر مقربة من السلطات بوجود نية لدى النظام بإجراءات حازمة وحاسمة خلال عام 2019 بحق المدانين بتهم الإرهاب، وفي مقدمة ذلك تنفيذ أحكام الإعدام النهائية، يتوقع حقوقيون أن يتفاقم رد الفعل المقابل لتنفيذ تلك الأحكام بشكل لا يمكن التكهن بحجم تأثيره على المشهد المصري.
الموقف الدولي تجاه تدهور الأوضاع الحقوقية بمصر، وفي مقدمة ذلك أحكام الإعدام، والذي يعتبره مراقبون “باهتا” من قبل الأنظمة و”متقدما” من قبل المنظمات، يدفع بدوره كذلك إلى التساؤل عن حجم تأثيره على تلك الأحكام، ومدى فاعليته في الحؤول دون تنفيذ النظام المصري إعدامات جديدة في 2019.
وكان البرلمان الأوروبي قد طالب السلطات المصرية مع نهاية 2018 بوقف تنفيذ أحكام الإعدام، كما أعربت الأمم المتحدة مؤخرا عن صدمتها إزاء تنفيذ أحكام إعدام، كما حذرت مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشال باشليه من مغبة تنفيذ مصر أحكام الإعدام الصادرة على خلفية قضية رابعة.
سلمى أشرف تتوقع أن يتزايد تنفيذ أحكام الإعدام بمصر خلال العام الجاري (الجزيرة) |
موقف باهت
مسؤولة الملف المصري في منظمة “هيومن رايتس مونيتور” سلمى أشرف بنت توقعاتها لمآلات أحكام الإعدام في العام 2019 على ما كان عليه المشهد في العام 2018، الذي نفذ فيه النظام عددا منها مع تيقّنه -حسب قولها- من براءة ضحايا تلك الإعدامات ووجود أدلة قاطعة على ذلك.
وتوقعت في حديثها للجزيرة نت أن يتتابع تنفيذ أحكام الإعدام خلال العام بحق من باتت أحكامهم نهائية، طالما استمر رد الفعل المحلي والدولي باهتا وغير مؤثر، ولم يتوفر أي رادع يمنع النظام من “التمادي في استهتاره بحياة الناس الذي يظهر فيما يتم من تصفيات لمختفين قسريا وأحكام إعدام بالجملة”.
وترى سلمى أشرف أن من الإشكاليات المنتظرة في العام الجديد انعدام فاعلية المنظمات الحقوقية، في ظل تزايد استهداف العاملين في هذا المجال بصور مختلفة، وتجاهل المجتمع الدولي ذلك، مما يزيد جرأة النظام على الاستمرار في انتهاكاته، وفي مقدمة ذلك تنفيذ أحكام الإعدام.
ومع توقعه ارتفاع وتيرة إصدار أحكام الإعدام وتنفيذ عدد منها خلال 2019، يرى مدير منظمة السلام الدولية لحماية حقوق الإنسان علاء عبد المنصف أنه من المنتظر أن يتفاقم “احتقان” أهالي الضحايا وعدم تقبلهم لهذا الأمر، إلا أنه من الصعب معرفة مدى ذلك وحجم أثره على المشهد في مصر.
رسائل تخويف
ويرى عبد المنصف أن الدافع الأبرز لارتفاع وتيرة الإعدامات المتوقعة هو بعث رسائل القمع والتخويف للشارع المصري، معارضا كان أو مؤيدا، ودفع المجتمعين المحلي والدولي إلى حالة يأس كامل من حدوث أي تغير أو تبديل للواقع بمصر.
ورغم ضعف الموقف الدولي تجاه المشهد بمصر، والذي يظهر من خلال مواقف الدول والأنظمة، يرى الحقوقي المصري أن تحرك المنظمات الدولية مقبول وله تأثير ربما لا يلحظه البعض، واستمراره في 2019 مطلوب بشكل كبير، وسيكون له دور مؤثر في الحد من تفاقم ما هو مُتخوف منه كإصدار أحكام الإعدام وتنفيذها.
وبينما يرى مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان خلف بيومي أن العام المنصرم هو الأسوأ في إصدار أحكام الإعدام وتنفيذها، يتخوف من تفاقم الأمر في 2019، حيث ينتظر الحكم في عدد من القضايا المهمة أمام قضاة دوائر الإرهاب المعروفين بأحكامهم القاسية، مثل قضية التخابر مع حماس المنظورة أمام المستشار محمد شرين.
وفي حديثه للجزيرة نت، يتفق بيومي مع عبد المنصف في “إيجابية” دور المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان تجاه الأوضاع بمصر، متوقعا تزايد المواجهة بين النظام المصري وتلك المؤسسات خلال 2019، خاصة في مضمار مواجهة تنفيذ أحكام الإعدام، في ظل وجود 76 حكما نهائيا بالإعدام.
وفي المقابل، لا يتوقع القاضي السابق بمحكمة الاستئناف محمد عبد الحميد، في حديثه للجزيرة، أن تنفذ أحكام إعدام خلال 2019 إلا في أضيق نطاق، لكونها في الأساس مرهونة بتغيرات المشهد السياسي، في ظل ما يراه من استشعار النظام وجود نار أسفل الرماد، كما يستبعد تنفيذ إعدامات بحق رموز المعارضة.
المصدر : الجزيرة