وفاة أديب إسرائيل الأشهر.. هل كان مدافعا عن السلام أم الاحتلال؟

عمران عبد الله

مع إعلان وفاة الكاتب الإسرائيلي عاموس عوز الجمعة الماضية، حرصت وسائل إعلام أجنبية وعربية على تعريفه كأديب “مدافع عن السلام والحوار” ويساري معتدل في محيط متشدد.

لكن هذه الصورة ليست الحقيقة، فقد كان عوز مؤيدا للحوار والسلام مع الفلسطينيين لأسباب رآها ضرورية لأمن إسرائيل وحفظ وجودها وتخفيف التوترات والتهديدات حولها، كما حرص على تأييد حل الدولتين لضمان النقاء العرقي والديني للمجتمع الإسرائيلي.

وقد تمت ترجمة بعض أعمال عوز (79 عاما) إلى العربية ونشرتها دور نشر عربية باعتباره “روائيا إسرائيليا كبيرا”، لكن المبالغة في الإشادة بأدبه لم تخل من خلفيات سياسية لا علاقة لها بأهميته الأدبية والثقافية.

وكان عوز محسوبا على الحمائم وتبنى توجها اشتراكيا ديمقراطيا واعتبر نفسه من المعارضين للاستيطان منذ بداياته، وكان مرحبا باتفاقية أوسلو، وطالب بالحوار مع منظمة التحرير الفلسطينية، لكنه أيد حروبا إسرائيلية على لبنان وغزة معتبرا إياها دفاعا عن النفس ضد “منظمات إرهابية” وهو بذلك متسق مع حزب “العمل” الإسرائيلي المنتمي ليسار الوسط، وكان واحدا من المقربين لقياداته، واقترب أيضا من حزب “ميرتس” اليساري الديني ودعا الإسرائيليين في انتخابات عام 2003 للتصويت له.

الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين يلقي كلمة في حفل تأبين الكاتب عاموس عوز (غيتي)

مثير للجدل
يجري تصوير عوز كأحد أهم ثلاثة أدباء إسرائيليين، وباعتباره يمثل الضمير الليبرالي الجماعي للإسرائيليين، وإلى جانب الجوائز الأدبية التي نالها فقد كان يُقدم باعتباره مناهضا لاحتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية ومدافعا عن السلام.

ويتبع عوز أسلوبا أدبيا في رواياته قائما على وصف أبطاله بطريقة واقعية ساخرة، كما تحتوي أعماله الأدبية على نوع من النقد الذاتي للتشدد الإسرائيلي وحولت سيرته الذاتية الشهيرة “قصة الحب والظلام” لفيلم سينمائي عام 2015.

وتصف مذكراته الأكثر مبيعا -التي تُرجمت إلى العربية- طفولة عوز في القدس، وانتحار أمه عندما كان في الـ12 وانتقاله إلى الكيبوتس (مستوطنة زراعية) بعد ثلاث سنوات. وتناول عوز السياسة والنزاع مع الفلسطينيين في كتاباته ومقالاته السياسية.

وبعد وفاته قال عنه صديقه الأديب الإسرائيلي ديفد غروسمان إنه تحول للكتابة عن كارثة الاحتلال بعد ثلاثة أسابيع من انتصار إسرائيل في حرب الأيام الستة عام 1967، وأضاف غروسمان لصحيفة الغارديان البريطانية أنه “عندما اكتسحت إسرائيل في 67 شعرت بنشوة النصر العسكري غير القابل للتصديق، أدرك عوز على الفور أن هذا الاحتلال سيفسدنا، وشعر بفداحة الثمن الذي ندفعه لهذا الفساد، وكيف سنقع في حب الاحتلال، بالضبط كما حدث لنا وأصبح مأساتنا”.

مذكرات عاموس عوز ترجمت للغات عالمية بينها العربية وتحولت إلى فيلم سينمائي عام 2015 (رويترز)

صهيوني ومحارب
هاجرت عائلة عوز من ليتوانيا للأراضي الفلسطينية في زمن الانتداب البريطاني، التقى والداه أثناء الدراسة في الجامعة العبرية بالقدس المحتلة وكانا يتواصلان بالروسية أو البولندية وليس العبرية.

كان العديد من أفراد عائلة عوز من الجناح الصهيوني. كان عمه الكبير جوزيف كلاوسنر مرشح حزب حيروت للرئاسة ضد حاييم وايزمان وكان رئيس قسم الأدب العبري في الجامعة العبرية في القدس. لم يكن عوز وعائلته متدينين، ومع ذلك، درس بالمدرسة الدينية المجتمعية حيث كان البديل الوحيد هو المدرسة الاشتراكية المرتبطة بالحركة العمالية، التي عارضتها عائلته.

في سن الـ14، أصبح عوز صهيونيا ناشطا، غادر المنزل وانضم إلى كيبوتس هولدا. وفي وقت لاحق سأل لماذا غادر القدس إلى تل أبيب، فأجاب “تل أبيب لم تكن راديكالية بما فيه الكفاية، فقط الكيبوتس كان راديكاليا بما فيه الكفاية”.
وفي الكيبوتس المشبعة بالآثار الصهيونية والراديكالية الإسرائيلية، بدأ عوز الكتابة وأعطاه المسؤولون يوما واحدا أسبوعيا للتفرغ للكتابة ثم زادوا الوقت إلى ثلاثة ثم أربعة أيام بعد أن أظهرت أعماله الأدبية نجاحا بين أوساط المجتمع العبري.

وأدى عوز الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي في لواء ناحال وشارك في المناوشات الحدودية مع سوريا. بعد أن أنهى سنواته الثلاث من الخدمة العسكرية النظامية الإلزامية، وأرسله الكيبوتس إلى الجامعة العبرية بالقدس، حيث درس الفلسفة والأدب العبري. وتخرج عام 1963 وبدأ التدريس في مدرسة الكيبوتس الثانوية مع الاستمرار في الكتابة.

وقال عوز في مذكراته “لقد خدمت كاحتياطي للجيش في وحدة دبابات قاتلت في شبه جزيرة سيناء خلال حرب الأيام الستة وفي مرتفعات الجولان خلال حرب يوم الغفران (1973)”.

المصدر : الجزيرة

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *