تبكير انتخابات الكنيست الإسرائيلي.. الدوافع والدلالات

محمد محسن وتد-القدس المحتلة

حمل قرار الائتلاف الحكومي تبكير انتخابات الكنيست في أبريل/نيسان المقبل في طياته رسائل داخلية وأخرى خارجية، ولعل أبرزها هيمنة معسكر اليمين على المشهد السياسي الإسرائيلي، وتحكم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بخيوط اللعبة السياسية في البلاد.

أتى هذا القرار في ظل تحديات تواجه الائتلاف، سواء على الصعيد الأمني والتوتر على جبهتي غزة وسوريا والعمليات المسلحة بالضفة الغربية، أو حتى ملفات وأزمات داخلية مثل تهديد أحزاب الحريديم بتفكيك الحكومة على خلفية قانون التجنيد، وكذلك بذور حراك “السترات الصفراء” احتجاجا على غلاء المعيشة ورفع الأسعار.

ووفقا للمحللين الإسرائيليين، حاول نتنياهو تصدير أزماته الداخلية بإطلاق قطار التطبيع مع دول عربية وإسلامية، في خطوة تستبق مشروع الإدارة الأميركية المتعلق بتسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والسلام بالشرق الأوسط من خلال صفقة القرن، في ظل توصيات الشرطة بتقديمه للمحاكمة بشبهات الفساد وتلقي الرشى وخيانة الأمانة.

ويجمع محللون على أن نتنياهو أيقن بأن حكومته لن تصمد طويلا عقب استقالة وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان بسبب وقف إطلاق النار مع الفصائل الفلسطينية بقطاع غزة، ومع بدء المستشار القضائي للحكومة أفيحاي مندلبليت عقد جلسات استماع بشأن ملفات فساده، فأراد استباق التطورات والذهاب لانتخابات مبكرة بقرار سيادي هو صاحبه كي لا يكون مضطرا لذلك بفعل الضغوط. 

الصفحة الرئيسية لصحيفة يديعوت أحرونوت تتحدث عن انتخابات الكنيست في التاسع من أبريل/نيسان المقبل

صفقة وصفعة
واستعرض رئيس تحرير صحيفة “هآرتس” ألوف بن الأسباب التي دفعت نتنياهو للتوجه لصناديق الاقتراع، علما أن استطلاعات الرأي الأخيرة ورغم ما واجهته الحكومة من تحديات وأزمات، أبقت نتنياهو على رأس الهرم السياسي والأوفر حظا لتشكيل الحكومة المقبلة وبدء ولايته الخامسة في حكم إسرائيل.

واعتقد الكاتب أن نتنياهو الذي يواجه تحقيقات في أربعة ملفات فساد، أراد أن تكون الانتخابات المقبلة على شعبيته، ليؤكد أنه الزعيم والقائد لمعسكر اليمين الإسرائيلي، وهي المحاور التي ستشكل حملته الانتخابية بعيدا عن الأطروحات السياسية والفكرية.

وأوضح رئيس تحرير هآرتس أن إجراء انتخابات خاطفة سيصعب على كتل المعارضة الممثلة بأحزاب المركز واليسار الصهيوني رصّ الصفوف والتوافق على برنامج سياسي، مما يعني تكريس التشرذم وعدم الاتفاق على مرشح يطيح بنتنياهو الذي سيبقى المتحكم بمعسكر اليمين وحتى في الائتلاف الحكومي الحالي الذي سيكون حجر الأساس ونواة الحكومة المقبلة.

وعلى الصعيد السياسي الإقليمي، رأى ألوف أن قرار نتنياهو حلّ الكنيست وتبكير الانتخابات يهدف أيضا إلى تأجيل الإدارة الأميركية الإعلان عن صفقة القرن، حتى وإن كانت منحازة في غالبية مضامينها لليمين الإسرائيلي.

وجزم أن نتنياهو المطلع على تفاصيل الصفقة لا يبدي حماسه للكشف عنها في فترة الانتخابات، خشية أن يؤدي ذلك لتصدع بمعسكر اليمين والحلفاء السياسيين من قادة المستوطنين، وربما لشرخ في حزب الليكود الذي يترأسه.

صحيفة يديعوت أحرونوت خصت صفحاتها الرئيسية والداخلية لقرار نتنياهو واستعرضت بمقالات وتحليلات الدوافع والأسباب

فساد ومصير
لم يختلف محرر الشؤون السياسية في صحيفة “يديعوت أحرونوت” ناحوم برنياع مع الأسباب التي عددتها صحيفة هآرتس، لكنه بالمقابل شدد على أن ملفات الفساد ومصير نتنياهو السياسي، في ظل توصيات تقديمه للمحاكمة، هي السبب الرئيسي الذي دفعه لتبكير الانتخابات.

ويرى أن انتخابات 2019 ستتمحور حول شخصية وشعبية نتنياهو، بحيث إن مختلف المحاور الأمنية والعسكرية والإقليمية والسياسية ستكون مشتقة وتابعة لشخص رئيس الوزراء، الذي حوّل ملفات الفساد التي يواجهها إلى قضية سياسية لتعزيز شعبيته، وما تبقى من ملفات ستكون مهمشة أو معطلة إلى ما بعد تشكيل الحكومة.

ويقول برنياع إن تبكير الانتخابات كان بمثابة طوق ليس فقط لنتنياهو، بل لحكومته التي تواجه تحديات أمنية مع قطاع غزة، وتوتر على الحدود الشمالية مع سوريا، وحتى انعدم الاستقرار الأمني في الضفة الغربية، وخشية مواقف عالمية ضاغطة وإجراءات قضائية دولية بسبب سياسات إسرائيل في الضفة وغزة، فكل هذه الأزمات والمخاوف تم تأجيلها للمستقبل.

المصدر : الجزيرة

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *