طرد عائلات منفذي العمليات.. أحدث فصول العقوبات الجماعية الإسرائيلية

أسيل جندي–القدس

لن تكون نادية زوجة الشهيد المقدسي غسان أبو جمل آخر من تُطرد من مكان سكنها إلى الضفة الغربية بسبب تنفيذ زوجها عملية أسفرت عن مقتل خمسة إسرائيليين، كما لن تكون سهام والدة الشهيد بهاء عليان آخر أم يُهدم منزلها وتطرد للضفة الغربية للسبب ذاته.

الفرق الوحيد أن نادية وسهام تحملان هوية الضفة الغربية وسُحبت تصاريح إقامتهما بالقدس التي حصلتا عليها بمعاملة “لم الشمل” بقرار من وزير الداخلية الإسرائيلي، أما مستقبلا فسيكون بإمكان سلطات الاحتلال طرد الفلسطينيين من مناطق سكنهم إلى مناطق أخرى بعد تشريع قانون يسمح بذلك في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي).

إذ تعتبر مصادقة اللجنة الوزارية الإسرائيلية للتشريع مساء أمس الأحد على مشروع قانون طرد عائلات فلسطينية من مكان سكنها في الضفة الغربية بادعاء أن أحد أفراد العائلة نفذ عملية مسلحة أحدث فصول العقوبات الجماعية التي يسعى حزب البيت اليهودي اليميني المتطرف لتمريرها.

ووفقا لمشروع القانون الذي قدمه عضو الكنيست موتي يوغيف، فإن بإمكان سلطات الاحتلال طرد أقرباء من الدرجة الأولى لمنفذ عملية قتل فيها إسرائيلي من مكان سكنهم إلى منطقة أخرى في الضفة الغربية وذلك خلال سبعة أيام، مما يعني إنزال هذه العقوبة قبل استكمال الإجراءات القضائية ضد المشتبه بتنفيذه العملية حتى في حال عدم استشهاده وعدم إثبات مسؤوليته عنها.

عقاب جماعي
أعضاء اللجنة الوزارية صوتوا لصالح مشروع القانون ومن بينهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي أجّل هذا الاقتراح أكثر من مرة، خوفا من ردة الفعل العالمية المرتبطة بالمادة 49 من اتفاقية جنيف التي تعتبر أن تهجير السكان الفلسطينيين المحميين انتهاكا جسيما وجريمة حرب.

كما تحظر المادة 33 من الاتفاقية ذاتها فرض العقوبات الجماعية وإجراءات التخويف ضد الأشخاص المحميين وممتلكاتهم لقاء جريمة لم يقوموا بارتكابها بشكل شخصي.

محمد مصالحة: المستويان السياسي والعسكري في إسرائيل يتخبطان (الجزيرة نت)

أما المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية أفيحاي مندلبليت فأبدى معارضته لمشروع القانون وقال إنه غير قانوني، وتحفظت أوساط أمنية لم يتم الإفصاح عنها على المشروع الذي طالب رئيس حزب البيت اليهودي الإسراع بتحويله للكنيست للتصويت عليه بالقراءات الثلاث من أجل ردع وكسر شوكة منفذي العمليات الجدد حسب تعبيره.

وتتمثل الثغرة القانونية في مشروع قانون طرد عائلات منفذي العمليات كونه يتعلق بالأراضي المحتلة عام 1967 التي تخضع صلاحياتها للجيش الإسرائيلي، وسعي اليمين المتطرف الآن لسن قانون في الكنيست ليكون ساريا على الضفة الغربية هو أمر يتعارض مع القانون الدولي المتعلق بالمناطق المحتلة.

تخبط إسرائيلي
المستشار الإعلامي المتخصص في الشأن الإسرائيلي محمد مصالحة يرى أن المستويين السياسي والعسكري في إسرائيل يتخبطان إلى حد كبير في كيفية الرد على عمليات الفلسطينيين التي أوجعت وأثرت بشكل كبير في نفسية الرأي العام، إذ أظهر آخر استطلاع للرأي حول الأوضاع الأمنية أن 68% يرون عدم قيام نتنياهو بواجبه كوزير للجيش بما يكفل ردع الفلسطينيين.

وأضاف أن نتنياهو ووزراء الليكود دعموا مشروع القانون الجديد انطلاقا من قاعدة “مكره أخاك لا بطل”، مشيرا إلى أن أصوات وزراء وأعضاء كنيست من البيت اليهودي تتعالى منذ أمس بالتهجم على المحكمة الإسرائيلية العليا، لأنها أوقفت في السابق عددا من أوامر الهدم لمنازل فلسطينيين وعقوبات لإبعادهم الأمر الذي سيكون له بالغ الأثر في مناهضة هذا الاقتراح وإفشاله وربما دفنه.

 محمد عليان: الأداء القانوني الفلسطيني بمواجهة العقوبات الجماعية ضعيف (الجزيرة نت)

المحامي المقدسي محمد عليان قال إن مشروع القانون فضفاض ولا يُفصل كيفية التعامل مع المقدسيين الذين يحملون هوية القدس الزرقاء ويُعرفون كمقيمين في المدينة، مؤكدا ضرورة النظر إليه بعين الخطورة في ظل طرحه بالظروف الأمنية المتردية في الضفة الغربية من جهة، والظروف السياسية الإسرائيلية التي تشوبها الكثير من الخلافات بين أقطاب الحكومة من جهة أخرى.

مواجهة الإجراءات
وأضاف عليان في حديثه للجزيرة نت أن الأداء القانوني الفلسطيني في مواجهة العقوبات الجماعية ضعيف، إذ لا بد من مواجهة هذه الإجراءات دوليا عبر التوجه لمحكمة الجنايات الدولية، وتجنيد الرأي العام الدولي ضدها، بالإضافة لضرورة دراسة جدوى التوجه للمحكمة الإسرائيلية العليا على المستوى الوطني.

يذكر أن إسرائيل طردت بين عامي 1967 و1993 (1522) فلسطينيا دون محاكمة ودون إمكانية للاستئناف، واتُخذ قرار لأكبر عملية طرد سياسية عقب مقتل جنود إسرائيليين عام 1993 في عهد حكومة إسحق رابين، واعتقل جيش الاحتلال حينها أكثر من 1600 فلسطيني طرد منهم 415 إلى جنوب لبنان دون محاكمة.

وفي العام ذاته قررت المحكمة الإسرائيلية العليا أن قرار الطرد غير قانوني وفيه ثغرات وتجاوزات خطيرة، وبعد تدخلات دولية عاد المبعدون إلى الضفة الغربية وقطاع غزة ودول عربية.

المصدر : الجزيرة

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *