حاجز قلنديا يقطّع أوقات الفلسطينيين وأفراحهم

أمير أبوعرام-القدس

قد تكون جملة “قلنديا سالك” أبرز مسببات السعادة لدى كثير من الفلسطينيين؛ لندرة حدوثها، وهولِ المعاناة التي يسببها حاجز قلنديا العسكري (شمال القدس المحتلة)، فهي متجددة لا تنضب، وتسرق أعمار الفلسطينيين وأوقاتهم كل يوم.

يبعد منزل أبو ماهر بدران خمسمئة متر عن حاجز قلنديا، لكنّ اجتيازه للحاجز قد يستغرق ساعة أو أكثر بسبب الأزمة المرورية اليومية الخانقة، ويقول للجزيرة نت إن الازدحام يصل حتى باب بيته في كفر عقب من شدته، ويتابع “أحيانا تمر نصف ساعة وسيارتي لم تتحرك من مكانها ولم تخط خطوة إلى الأمام”.

نزيف الوقت
ينزف جسد الستيني محمود من قرية بدّو (شمال غرب القدس)، وينزف وقته على حاجز قلنديا الذي يسلكه للعلاج باستمرار في مستشفيات القدس، ويقول للجزيرة نت “لا يراعي جنود الاحتلال وضعي الصحي، أسلك ممر المشاة، وأقف منتظرا في مسارب حديدة ضيقة، قد يستغرق انتظاري ساعات طويلة، وجسدي لا يحتمل أبدا”.

ينقسم حاجز قلنديا إلى قسمين: لحملة هوية القدس، وآخر لحملة هوية الضفة، وفي القسم الأول مسلك واحد للمشاة وثلاثة للمركبات، أما القسم الثاني فخمسة مسالك للمشاة فقط. ويتحكم جنود الاحتلال في فتحها وإغلاقها، فقد يفتحون مسلكا ويغلقون البقية؛ متسببين في أزمة شديدة.

تتعرض الخمسينية علياء حماد من بلدة سلواد (شمال شرق القدس) للتدافع المستمر أثناء عبورها من مسلك المشاة على الحاجز، الذي تقصده باستمرار للصلاة في المسجد الأقصى، وتقول للجزيرة نت إنها تتكبد معاناة كبيرة، ووقتا طويلا، وتؤلمها قدماها، ويؤذيها التدافع، لكنها تنسى كل شيء عند وصولها المسجد.

360 ساعة ضائعة
“مررت من جهاز التفتيش الذي استمر في الرنين، أزلت كل مسببات الرنين ولكن صوته لم ينقطع، بدأت مجندات الاحتلال الضحك عليّ والاستهزاء بي أمام الجميع، قالوا لي إنني يجب أن أخضع لتفتيش عارٍ في غرفة مغلقة إذا كنت أريد المرور، رفضت ذلك وعدت أدراجي باكية”. لم تنس سارة الدجاني (23 عاما) هذا الموقف الذي حدث لها حين كانت في السنة الأولى بجامعة بيرزيت.

 الحاجة علياء حماد تواظب على الصلاة في المسجد الأقصى رغم صعوبة الطريق (الجزيرة)

وتقول للجزيرة نت إنها عانت يوميا من الحاجز الذي كانت تمر منه من بيتها في شعفاط بالقدس إلى جامعتها شمال رام الله، حيث كانت تفوتها المحاضرات أحيانا أو تعاني من إحراج نتيجة التأخر، وتؤكد الطالبة سارة أنها أضاعت 360 ساعة من عمرها سنويا أثناء انتظارها على قلنديا.

تتشارك الدجاني مع معاناة آلاف الطلبة المقدسيين، الذين يتجهون من القدس إلى مدارسهم وجامعاتهم في القدس أو العكس، لا أحد ينجو، إلا المضطر الذي يستقل مركبة خاصة توصله حاجز “حزما” في اتجاه آخر شرق القدس لسرعة أكبر بعيدا عن الازدحام، لكنه يدفع الأجرة مضاعفة.

حوّل الحاجز أفراح الفلسطينيين إلى أتراح، حيث تروي الدجاني أن شقيقتها تأخرت على زفافها نحو ساعتين بسبب ازدحام الحاجز الذي يفصل بين بيتها وقاعة الزفاف، وتقول إن الضيوف غادروا القاعة، والبعض لم يستطيعوا الوصول.

تركيا أقرب
يخرج الشاب عبد العفو زغيّر (27 عاما) من بيته بكفر عقب على بعد نحو ألف متر شمال الحاجر الساعة السادسة صباحا متجها إلى عمله في القدس، الذي يصل إليه متأخرا رغم تبكيره، ويروي للجزيرة نت أن طريق عودته من تركيا إلى فلسطين  استغرقت وقتا أقل من طريق عودته إلى بيته عبر حاجز قلنديا!

شاهد زغيّر مقطعا مصورا –انتشر مؤخرا- لرجل يترجل من مركبته قرب حاجز قلنديا، ويركض باتجاه جنود الاحتلال حاملا طفله الذي اختنق بشيء ما، لكن الجنود يصوبون البنادق نحوه ويمنعونه من الاقتراب رغم حالة طفله، ويعقّب زغيّر على ذلك قائلا “تخيلت طفلتي مكانه، تألمت كثيرا، أرى يوميا مركبات الإسعاف التي تنتظر ساعات عند الحاجز ليُسمح لها بالمرور، هناك حالات مرضيّة تتفاقم، وهناك أرواحٌ تزهق على الحاجز، لا أوقات فقط”.

المصدر : الجزيرة

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *