محاضرة بمعرض الدوحة الدولي للكتاب تتناول ملامح الاستبداد في الأدب العربي

نُظّمت مساء أمس الأول، بمعرض الدوحة الدولي للكتاب في دورته التاسعة والعشرين، محاضرة بعنوان «الاستبداد في الأدب العربي» قدّمها الناقد والروائي السوري نبيل سليمان. وأكد سليمان في محاضرته، التي حملت عنوان «التشكيل الروائي العربي للاستبداد»، أن الحديث عن الاستبداد في الوطن العربي يبدأ ولا ينتهي، مشيراً إلى أن المقصود بالاستبداد في حديثه ليس شقه السياسي، بل عموميته في سائر المؤسسات الاجتماعية «الأسرة»، والتربوية «التعليم»، منوهاً بأن عبدالرحمن الكواكبي عدّ استبداد الجهل على العلم والنفس على العقل أقبح أنواع الاستبداد.
وعرّج الناقد السوري على بعض الألقاب التي أطلقها روائيون على المستبدين في سردياتهم، حيث إن الديكتاتور -المستبد- الطاغية العربي الحديث، اقتدى بأسلافه العتاة في التاريخ، فأخذ «التأبيد» من يوليوس قيصر، وأخذ من اليهود مصطلح «الحكم الثيوقراطي»، ومن فرعون «التألّه»، مشيراً إلى أنه بعد ردح قصير من الزمن، تصدّر الديكتاتور العربي للوحة الاستبداد العريقة، وأقبلت عليه الرواية العربية، إذ سرعان ما صار الاستبداد والطغيان، شواغل روائية بامتياز.
وأثناء تحليله لعدد غير يسير من الأعمال الروائية العربية، انتهى الناقد إلى بلورة ما أسماه «اللعب الروائي» على نحو من سبعة أوجه، أولها: لعبة الأسماء والألقاب، حيث نجد أن بنسالم حميش في رواية «فتنة الرؤوس والنسوة» لقّب الديكتاتور بـ «الجنرال» و»الرئيس المهيمن الوهاب»، وفي «المخطوطة الشرقية» لواسيني الأعرج يوجد أكثر من ديكتاتور، والوجه الثاني: لعبة الزمان، إذ إن هناك من الروايات ما يعين المكان، لكن بما يبقيه مفتوحاً أو يطلقه من التعيين، لكن الغالب والأكثر تألقاً، هو ما اشتغل باستراتيجية اللا تعيين.
والوجه الثالث: لعبة المكان، وهو مكان يبتدعه الروائي وجغرافيا متخيّلة وليس المكان الجغرافي المألوف، فيما يأتي الوجه الرابع مع التركيز على لعبة التأثيل والتنسيب، فمثلاً ديكتاتور رواية «المخطوطة الشرقية» ينتهي إلى حمورابي وهتلر وبيسمارك وغيرهم، ليوضح الوجه الخامس: لعبة التألّه، ففي الرواية نفسها يتضرع الناس لشخصية الملياني كإله، ويعبر الوجه السادس عن لعبة «التحوين» ويقصد بها «جعل الديكتاتور حيواناً»، فتجعله ذئباً أو حيواناً سلطوياً وهكذا.
وفي الوجه الأخير تظهر لعبة السخرية، إذ زخرت الروايات بالمبالغة والمفارقة والهجاء وقلب العلاقات والطرفة، إلى آخر ما يقوم به فن السخرية.
وأضاف سليمان أن الأصداء التي أخذت تتردد في المشهد الروائي للشاغل الجديد المعني بحقوق الإنسان ما زالت قليلة، سواء تعلقت بحقوق المرأة والطفل، أم بحرية التعبير والاعتقاد، أم بأي من مفردات الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948، متسائلاً: هل يكون كل ذلك أفقاً روائياً جديداً؟ ليخلص إلى أن المدونة الروائية المعنية بحقوق الإنسان -كما جاء في إعلان 1948- محدودة، وأغلبها جاء حتى الآن فيما عُرف بروايات السجن السياسي، وروايات الزلزال المتفاقم منذ 2011.;

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *