باسل.. فتى بدوي يقارع الاحتلال بالكاميرا وعينه على الهندسة

عمر رجوب-جبل البابا (شرق القدس)

“أريد نقل الصورة للعالم” أربع كلمات استهل بها الفتى باسل عودة الله الجهالين (15 عاما) حديثه عن شغفه في توثيق جرائم الاحتلال الإسرائيلي المتلاحقة، بحق تجمع جبل البابا البدوي شرقي القدس، حيث يسكن إلى جانب ستين عائلة.

ورغم انشغال باسل في حياته المدرسية وتفوقه الدراسي، فإنه يخصص ساعات محددة من وقته يقضيها في المكان المخصص لاستقبال المتضامنين الأجانب والمحليين وكذلك الصحفيين، يرافقهم في جولات داخل التجمع الذي يتهدده خطر الترحيل من قبل السلطات الإسرائيلية، لتنفيذ مشاريع استيطانية، ويحدثهم خلالها عن قصص الهدم التي يتذكرها وعن طبيعة الحياة البدوية وعاداتها.

كاميرا هاتفه الذكي وحاسوب محمول وطابعة، هي معدات بسيطة يستخدمها باسل في توثيق عمليات الهدم وتنكيل الاحتلال بالأهالي في التجمع وكذلك يلتقط صورا عفوية لأصدقائه الأطفال عند تنظيم فعاليات واحتفالات تضامنية مع التجمع، والآن يُجري تعديلات نهائية على فيلم قصير من إخراجه سيعرض قريبا بواسطة مؤسسات داعمة.

باسل يمارس الإعلام دفاعا عن تجمعه السكني المهدد بالهدم ويخطط أن يكن مهندسا ليبني البيوت (الجزيرة)

حلم يتجاوز الاحتلال
بسرعة أجاب باسل عن طموحه المستقبلي “أريد أن أصبح مهندسا معماريا لأساعد أهلي في البناء وشق الطرق داخل جبل البابا” متجاوزا بحلمه كل المخططات الاستيطانية الإسرائيلية الرامية لتهجير أصحاب الأرض.

يقول والد باسل، عودة الله جهالين وهو منسق تجمع جبل البابا، إن باسل يرافقه دائما ويستمع لحديث السياسيين والمتضامنين خلال زيارتهم جبل البابا، ومنذ حوالي ثلاث سنوات صار واعيا لما يجري حوله وتعززت لديه المعلومات من خلال تعرضه كغيره من المواطنين لمضايقات الاحتلال.

أطفال بتجمع جبل البابا شرقي القدس يشاهدون فيلما من إنتاجهم (الجزيرة)

في كل اقتحام للتجمع البدوي يحمل باسل هاتفه ويبدأ بالتقاط الصور الفوتوغرافية ويزود الصحفيين بها إن تأخروا عن تغطية الحدث، كما يطبع أفضل الصور ويلصقها على حائط المكتب الذي يستقبلون فيه المتضامنين، كما يساعدهم في التنقل بين بيوت الصفيح لالتقاط الصور وإجراء المقابلات، وفقا لوالده.

وفي الخامس والعشرين من يوليو/تموز الماضي هدم الاحتلال الإسرائيلي مركزا نسويا وروضة للأطفال، وعندما حاول توثيق ما يجري منعه الاحتلال من الاقتراب وألقى الجنود صوبه وأصدقاءه القنابل الغازية والصوتية ما استدعى علاجهم ميدانيا.

أما “فرسان جبل البابا”، فهو فيلم يروي حب البدوي للخيل، وبطل هذا الفيلم ومخرجه باسل، وساعده أصدقاؤه في إنتاجه، بينما أشرف عليهم مدربون متخصصون من مؤسسات “تغيير للإعلام المجتمعي” و”أوكسفام” وقريبا سيعرض الفيلم بعد انتهاء الفتية من تعديل ملاحظات مشرفيهم.

وتزداد معاناة الأطفال البدو شرق القدس في فصل الشتاء، في ظل عدم أهلية منازلهم المكونة من الصفيح، لتحمل المنخفضات الجوية القاسية فضلا عن مشقة قطع مسافات طويلة للوصول إلى المدارس. ويشير أحد سكان تجمع جبل البابا البدوي حسن مزارعة إلى أن الأطفال الذين تهدم مساكنهم يبيتون في العراء.

أطفال التجمعات البدوية شرق القدس يعيشون طفولة مختلفة عن نظرائهم بسبب اضطهاد الاحتلال (الجزيرة)

طفولة مختلفة
ويضيف أن الأطفال في بادية القدس يعيشون حياة بدائية مقارنة بغيرهم من الأطفال الفلسطينيين في القرى والمدن الأخرى، فهم محرومون من الخدمات الأساسية كالكهرباء والماء، وعلى مقاعد الدراسة يتلقون معلومات عن الإنترنت والتكنولوجيا وغيرها لكن استخدامها حلم بعيد المنال، وحتى المدارس لم تسلم من المخططات الإسرائيلية فهي مهددة بالهدم في أية لحظة.

وتتوزع عشرات التجمعات البدوية وغالبية سكانها من الأطفال في المنطقة الممتدة بين القدس وأريحا، والتي تصنف حسب اتفاق أوسلو بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل بمنطقة “ج”، أي أنها تخضع للسيطرة الأمنية والمدنية الإسرائيلية، بينما يقع على عاتق السلطة الفلسطينية المسؤولية عن توفير الخدمات التربوية والصحية للسكان.

ويعتبر تشبث البدو في أراضيهم شرقي القدس عائقا أمام المخططات الاستيطانية الإسرائيلية الرامية لطرد أصحاب الأرض من المكان، وتنفيذ مشروع “إي1” الذي من شأنه فصل شمالي الضفة الغربية عن جنوبها وضم ما تبقى من القدس خارج الجدار العازل.

المصدر : الجزيرة

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *