خطاب بوتفليقة.. رسائل إلى “الدوائر المتربصة” و”الخلايا الكامنة”

محمد أمير-الجزائر

حمل خطاب الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في لقاء الأربعاء جمع الحكومة بالولاة رسائل مشفرة لخصومه تضمنت أوصافا وعبارات اعتبرت غير مسبوقة كـ”الدوائر المتربصة”، و”الخلايا الكامنة”، و”الزج بالبلاد نحو المجهول”، و”النوايا الدنيئة” ضد من سماهم الجاحدين المناورين سياسيا مع اقتراب إجراء الانتخابات الرئاسية العام المقبل.

ولم يسبق أن كانت رسائل بوتفليقة بهذه الحدة، خصوصا مثلما ورد في خطابه الذي تلاه أمين عام الرئاسة حبة العقبي، وهو ما فسره مراقبون بأن الرئيس يعي أن هناك معارضة شرسة لاستمراره في الحكم.

العتاب والتحذير
رسالة بوتفليقة حملت الكثير من “العتاب والتحذير” من “مناورات سياسوية تظهر مع اقتراب كل محطة حاسمة من مسيرة الشعب الجزائري” لكن “هذه النوايا المبيتة سرعان ما تختفي بعد أن يخيب الشعب الأبي سعيها” على حد قول بوتفليقة.

وقد ذهب الرئيس حد التشكيك في قدرة الخصوم على قيادة البلاد، فهؤلاء من منظوره “مغامرون ويسوقون لثقافة النسيان والنكران والجحود، لا يمكن أن يكونوا أبدا سواعد بناء وتشييد، فهم يخفون وراء ظهورهم معاول الهدم التي يسعون لاستخدامها من أجل الزج بالبلاد نحو المجهول”.

وأظهرت بعض ردود الطبقة السياسية في الجزائر على خطاب الرئيس بوتفليقة استغرابا كبيرا لما حمله من مصطلحات جديدة وصفت بالمرعبة، مشيرة إلى أن النظام ظهر وكأنه في حرب مع عدو مجهول دون تحديد من يقصد بالضبط، وأوضحت بعض الأوساط أن الرئيس يقصد بخطابه معارضي الولاية الخامسة.

حميد قومراصة: الأوهام التي هاجمها بوتفليقة وجماعته في خطاب منسوب له اليوم تعني شيئا واحدا: إثارة الرعب في نفوس الملايين لتبرير الاستمرار في الحكم

الاعتراف بالمسؤولية
وكشف وزير الاتصال الأسبق عبد العزيز رحابي في صفحته عبر فيسبوك عن قلقه من مضمون نص هذه الرسالة التي بعث بها الرئيس بوتفليقة، وحمله مسؤولية الجمود الذي تعيشه الساحة السياسية في الجزائر.

وقال رحابي “إن رئيس الجمهورية الذي يقدم قائمة جرد عيوب سياسته الحصرية دون رقابة شعبية أو قضائية يقر -دون الاعتراف بمسؤوليته- بالجمود الحالي، اللهجة المستعملة لا تصب في اطمئنان لا الشعب ولا القادة”.

وأضاف الوزير الأسبق أن “المسؤولية الحقيقية للأزمة يتحملها بوتفليقة، حيث لم يتم تنظيم خلافته الخاصة في استمرارية النظام كما سابقاتها، أو إعداد شروط للمنافسة السياسية مفتوحة وشفافة وذات مصداقية”.

ورأى الإعلامي حميد قومراصة في خطاب بوتفليقة مبعثا للرعب في النفوس تزامنا مع الاستحقاقات الرئاسية المقبلة.

خطاب بوتفليقة يأتي مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية العام المقبل (رويترز)

تخويف
وقال في صفحته على فيسبوك “عشية انتخابات 2014 مارست نفس الجماعة التخويف بفزاعة داعش في ليبيا والقاعدة في مالي، وكانت الرسالة يوما إما نحن وإما الإرهاب سيأكلكم إذا أردتم بديلا عنا”.

وأضاف “رسالة اليوم تعني يا شعب أنت ناكر للجميل وجاحد بنعمة الأمن التي حققناها لك فإذا أردت بديلا عنا فستزول هذه النعمة وسيأكلك الخراب من بعدنا”.

من جهته، اعتبر المحلل السياسي محمد هناد أن الخطاب المقروء في اجتماع الحكومة بالولاة باسم الرئيس بوتفليقة يبرز الطريقة التي صار نظام الحكم يتصور بها كل معارض أو ناقد.

وتساءل هناد في تعليق له على هذا الخطاب عبر فيسبوك قائلا “هل كل موقف معارض هو مغامرة سياسية؟ اللهم إلا إذا كان هذا الوصف تهديدا، وهل هو زرع لليأس أن يتم الكشف عن إفلاس النظام الذي بدد موارد البلاد الهائلة ونشر الفساد على أوسع نطاق إلى أن بلغ به الأمر حد اللجوء إلى طبع النقود الورقية؟”.

يشار إلى أن عبد العزيز بوتفليقة أعيد انتخابه لولاية رئاسية رابعة عام 2014 بأكثر من 80% من الأصوات في انتخابات قاطعتها المعارضة وأدلى فيها هو بصوته على كرسي متحرك.

المصدر : الجزيرة

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *