مهدي منصور.. حين يتحول الشعر لصوت وصورة

محمد خالد-بيروت

للوهلة الأولى تظن أن مهدي منصور يجري مقابلة لإحدى القنوات التلفزيونية، حين تراه واقفاً أو جالساً أمام الكاميرا يحمل أحد دواوينه ويلقي بعض أشعاره، ومحاطاً بفريق عمل كامل، من مصور ومخرج ومعد، أو تحسبه في أمسية شعرية.

هذا لأن كل حركاته تدل على ذلك: طريقة الإلقاء، حركة اليدين، نبرة الصوت، النفس الشعري، الموسيقى المصاحبة، لكن من غير جمهور، لأن الجمهور هذه المرة سيشاهده على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن هذا كله تجربة جديدة في الشعر العربي، تواكب تطورات العصر الحديث، في ظل تراجع حضور الشعر في العالم، حسب الشاعر اللبناني الشاب مهدي منصور.

ليس الهدف من التجربة التخلي عن الأمسيات والمهرجانات الشعرية، بل هي تجربة تجسدت من خلال تسجيل الشاعر مجموعة من قصائده الجديدة والقديمة، على شكل فيديوهات، تنشر على صفحته الرسمية الخاصة على موقع فيسبوك وعلى قناته في يوتيوب، بهدف تقريب الشعر واللغة العربية الفصحى إلى جيل الشباب الجديد والدفاع عن اللغة العربية، لما أحدثته وسائل التواصل الاجتماعي من طفرة وثورة لدى الجميع.

وتمتد أهداف هذه التجربة إلى مواكبة العصر أيضا، في ظل تراجع جمهور الأمسيات الشعرية.

ويقول مهدي إن مواقع التواصل فتحت المجال لكل الناس للتعبير، فكل شخص لديه نص أو فكرة أو خاطرة أصبح ينشرها على مواقع التواصل، فإذا تصفحنا الإنترنت وجدنا مئات الشعراء المبتدئين إلى جانب كبار وعمالقة الأدب، لذلك كان لا بد للشاعر في هذا الموقع الأزرق أن يلقي حجراً في محيط المتابعين للحصول على أكبر عدد منهم.

انتشار
ويضيف أن مواقع التواصل ساعدت في انتشار الشعر والشعراء، فمن خلالها يستطيع الكاتب أن يروج لنفسه ويحصل على جمهور كبير.

ويقول مهدي إن العديد من الشعراء أدركوا أن عصر التجديد قادم لا محالة، لذلك حضروا بأصواتهم وصورهم وأشعارهم إلى “السوشيال ميديا”، واستغل بعضهم هذا الفضاء من أجل ألا يتركوا هذه المساحة الشاسعة لكل من ادعى الشعر.

ويضيف الشاعر مهدي منصور “تجربتي الجديدة جلبت لي متابعين جددا من عدة بلدان، قربتهم مواقع التواصل وفرقتهم الحدود، وأصبح لي جمهور متنوع لم أكن أعرفه مسبقاً، ولا أعرف كيف يتذوق الشعر أو يتلقاه، فهناك أشخاص يفهمون المفردات الأدبية من خلال قراءة النص، وأشخاص يفهمون الشعر من خلال تطابق الكلام مع الصورة، وكل شخص يختلف عن الآخر في فهمه للشعر، لذا كان لا بد من خوض هذه التجربة، وأن أزور الناس ومحبي الشعر في بيوتهم عبر هواتفهم الذكية، لأنقل لهم الحس الشعري من خلال الصوت والنظر وإيقاع المفردات ولغة الجسد”.

فكرة الشاعر مهدي بدأت باجتماعه مع مجموعة من الشباب حديثي التخرج، أرادوا إثبات أنفسهم، ليس تحديداً في عالم الشعر، بل في الموسيقى والإخراج والتصوير والغرافيك، بمساعدة شركة “إنتر أكتيف أرتس توغاثر” -حسب مهدي- ويقدمون له الجانب التقني، وهو بدوره يقدم لهم الانتشار على مواقع التواصل كشاعر.

العمل على إنتاج الفيديو يستغرق نحو أسبوعين، في الإخراج والمونتاج وإضافة الموسيقى التصويرية، ومن ثم نشره بعد ذلك، ويسعى مهدي إلى نقل هذ التجربة -التي يعتبرها سيرة ذاتية له- من تجربة شخصية إلى منصات أكبر تهتم بالشعر.

تجربة واعية
12 مقطوعة شعرية متنوعة بين الحب، والوطن، والقضايا العربية، والاجتماعية والوجودية، سجلها مهدي إلى الآن، تم تصويرها في مواقع مختلفة، داخلية وخارجية، تنشر كل خميس الساعة التاسعة مساء على صفحته الخاصة على فيسبوك.

ويقول صاحب ديوان “كي لا يغار الأنبياء” إن تجربته جاءت عن وعي تام، بضرورة نشر الشعر عن طريق الفيديو، لما فيها من اختصار للوقت، بسبب انشغاله الدائم، فبهذه الطريقة يوفر الوقت ويختزل مشقة الوصول إلى متلقي الشعر.

ويسعى الشاعر مهدي منصور إلى تجميع هذه الفيديوهات في أسطوانة سيصدرها قبل حلول موعد الدورة المقبلة من معرض بيروت العربي الدولي للكتاب.

المصدر : الجزيرة

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *