منح الجنسية لغير المسلم يثير الجدل في المجتمع الكويتي

أثارت موافقة اللجنة التشريعية في مجلس الأمة الكويتي (البرلمان) على مقترح قانون جديد يسمح بمنح الجنسية لغير المسلمين؛ حالة من الجدل في أوساط المجتمع الكويتي.

وينظم قانون الجنسية الصادر بمرسوم أميري عام 1959 حالات منح الجنسية بغير الطريقة المتعارف عليها التي يتم اكتسابها من الوالدين أو الزوج.

ويشترط القانون وفق تعديل عام 1980 أن يكون الشخص المراد تجنيسه مسلما بالميلاد، أو أن يكون أسلم ومضى على إسلامه خمس سنوات على الأقل قبل تجنيسه. كما ينص على إسقاطها حال ارتداد الشخص، أو سلوكه مسلكا يقطع بنيته في ذلك. وتسقط كذلك عمن اكتسبها معه بطريق التبعية.

ويرى عضو اللجنة التشريعية في مجلس الأمة الكويتي النائب أحمد نبيل الفضل أن اشتراط الإسلام يعد أمرا نشازا في بنود قانون الجنسية الحالي.

وفي حديثه مع الجزيرة نت قال الفضل إن المقترح الجديد يرفع عوارا دستوريا عن القانون الحالي لكون اشتراط الإسلام يتعارض مع المادة 29 من الدستور الكويتي، التي تنص على أن الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، ولا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين.

وجود المسيحيين في الكويت يعود إلى أكثر من قرن من الزمان (الصحافة الكويتية)

الديانة المسيحية
وتعتبر الديانة المسيحية ثاني أكثر الديانات انتشارا بين الكويتيين، إذ يوجد نحو 250 إلى 400 مواطن كويتي مسيحي تعود أصولهم إلى تركيا وفلسطين والعراق ولبنان وسوريا.

ويعود وجود المسيحيين في الكويت إلى أكثر من قرن من الزمان، بينما قدمت الغالبية من المسيحيين الفلسطينيين إليها بعد النكبة. ويعد القس عمانويل غريب ذو الأصول التركية أبرز رجل دين مسيحي خليجي يعرفه العالم، وهو أول قس خليجي يرتدى الزّي الكنسي.

وفي مقابل موافقة اللجنة التشريعية على المقترح الجديد، أعلن النائب في البرلمان سعدون حماد رفضه للمقترح، واعتبره -وفق ما نقلته عدد من الصحف الكويتية اليومية- متعارضا مع المادة الثانية من الدستور التي تنص على أن دين الدولة هو الإسلام وأن الشريعة مصدر رئيسي للتشريع.

ويرى أستاذ القانون الدستوري بجامعة الكويت فواز الجدعي أن التعديل الجديد الخاص باكتساب الجنسية عبر المنح يعني أن الأمر لم يعد مشروطا، وهو ما يفتح الباب أمام منح غير المسلمين حق اكتساب الجنسية حال تمرير القانون من قبل البرلمان.

وأشار الجدعي إلى أن الشعب الكويتي بطبيعة الحال ذو أصول عدة، كما تلاقت على أرضه مختلف العرقيات بحكم الزواج، إذ يحق لزوجة الكويتي غير الكويتية التقدم بطلب للحصول على الجنسية شريطة موافقة الزوج.

ويضيف أن الكويت خلال العقود الثلاثة الأخيرة دخلتها أعراق وديانات مختلفة بحكم الانفتاح على العالم والعلاقات الأسرية، لكنها تبقى أعدادا محدودة، وبالتالي فإن فكرة التغيير الديمغرافي قد لا تبدو حاليا، وربما تظهر المخاوف المرتبطة بها بعد قرن أو قرنين من الزمان.
 
طبيعة المجتمع
ويوضح الجدعي أنه لا يعارض التعديل الجديد لكنه مع مراعاة طبيعة المجتمع، وأن يوضع في الحسبان أن يكون أغلب المجنسين من أتباع الديانات السماوية، متوقعا أن يؤدي التعديل إلى شرخ سياسي كبير داخل البرلمان، خاصة بين النواب من أصحاب المرجعية الإسلامية وبين مؤيدي التعديل.

دستوريا يؤكد الأكاديمي الكويتي أن القول بأن النص الخاص باشتراط الإسلام لمنح الجنسية يخلق نوعا من عدم المساواة يتعارض ونصوص الدستور الكويتي؛ مردود عليه بأنه لو كان عدم التمييز أمرا مطلقا لقررت المحكمة الدستورية الكويتية أن كل نصوص القوامة في العلاقة بين الرجل والمرأة -وأهمها نصوص الميراث- هي نصوص غير دستورية.

ويضيف أن المحكمة كانت دائما تحاول الوصول إلى صيغة وسط بين مبدأ عدم التمييز وبين نصوص الشريعة الإسلامية وكون الإسلام هو دين الدولة، وبالتالي لا يمكن وصف عدم تجنيس غير المسلم بأنه عوار دستوري، معتبرا أن حصر التعديل في أتباع الديانات السماوية يحقق المعادلة الوسطية التي نحتاج إليها.

بدوره يؤكد المدير السابق لجمعية حقوق الإنسان الكويتية المحامي محمد الحميدي إن طرح التعديل في الوقت الحالي يأتي بهدف خلق جدل في الشارع الكويتي، مستبعدا أن يتم إقراره في نهاية الأمر.

ويضيف الحميدي في حديث للجزيرة نت أنه يؤكد على ضرورة عدم التمييز على أساس العرق أو الدين، لكن طرح التعديل ينكأ جراحا مجتمعية، إذ كان الأولى إنسانيا أن تتبنى اللجنة التشريعية طرح مشروع قانون لتجنيس المستحقين من فئة المقيمين بصورة غير قانونية (البدون) لكونها مشكلة مستمرة منذ أربعة عقود دون حل جذري.

المصدر : الجزيرة

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *