مؤسس الرواية الكويتية.. الحاضر الغائب بالمعرض الدولي للكتاب

محمود الكفراوي-الكويت

أبى شباب كويتيون أن يمضي معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الحالية دون أن يسجلوا لمسة وفاء لمؤسس الرواية الكويتية في العصر الحديث، الراحل إسماعيل فهد إسماعيل، الذي رحل عن عالمنا قبل أقل من شهرين من افتتاح المعرض.

ويمكن للمتجول في أرجاء المعرض -الذي بدأت فعالياته الأربعاء الماضي- أن يدرك الحضور الكبير للروائي الراحل الذي كان من أبرز المشاركين في فعالياته منذ انطلاقه وحتى دورته الماضية.

وتتنوع رسالة العرفان بين مجموعة من الصور الخاصة به وضعت في مدخل صالة كبار الزوار وإلى جوارها عدد من أبرز مؤلفاته، إضافة إلى تعليق لوحات خاصة زينت أجنحة المكتبات الكويتية في المعرض، وهي مبادرات في معظمها جاءت ذاتية من مالكي تلك الدور والقائمين عليها من الناشرين الشباب، وفق ما رصدته الجزيرة نت.

ويعد الأديب إسماعيل فهد إسماعيل -المولود في البصرة في الأول من يناير/كانون الثاني 1940- من أبرز أدباء الكويت على مدى تاريخها، ومن بين أبرز رواياته “إحداثيات زمن العزلة” و”ذاكرة الحضور” و”الضفاف الأخرى” و”الحبل”.

وبموازاة مبادرة الشباب الكويتيين، وجّه بعض المهتمين سهام النقد إلى المؤسسة الثقافية الرسمية في البلاد ممثلة بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، بدعوى تواضع ما قامت به لتكريم الفقيد الراحل.

مجسمات لأعمال الفقيد في مدخل المعرض (الجزيرة نت)

الروائي والناشر الشاب خالد النصر الله أوضح لمراسل الجزيرة نت أن تلك الجهود انطلقت في البداية من محبي الأديب الراحل الذين بادروا بمخاطبة الجهات الرسمية لتكريمه في الدورة الحالية، كما شملت الجهود كذلك طباعة الكتيب الخاص بتأبينه الذي أقيم في مركز جابر الثقافي بالكويت عقب وفاته لتوزيعه خلال المعرض.

وأضاف النصر الله -وهو من تلاميذ إسماعيل- أن تلك الجهود جاءت ردا لجميله وتخليدا له، كونه صاحب فضل على أغلب الروائيين الشباب، مضيفا أنه كان مؤسسا لكثير من الشباب روائيا قبل أن يكون مؤسسا للرواية الكويتية نفسها.

انتقاد رغم الاحتفاء
ولَم يشفع للمجلس تخصيص إحدى ندواته الرئيسية في اليوم الرابع من المعرض للاحتفاء بالأديب الراحل تحت عنوان “إسماعيل فهد إسماعيل.. روائيا وإنسانيا”، إذ شهدت الندوة توجيه العديد من الانتقادات من قبل قطاع واسع من المهتمين بالثقافة.

الندوة التي غلبت عليها روح التأبين والسرد الإنساني عن الراحل، شهدت كذلك التأكيد على مناصرته لقضايا أمته العربية، فضلا عن سرد مواقف تؤكد تبنيه بشكل خاص للأدباء من فئة المقيمين بصورة غير قانونية (البدون).

الروائي الشاب خالد النصر الله مستعرضا كتيب تأبين إسماعيل فهد إسماعيل (الجزيرة نت)

وفي حديثه عنه، روى أستاذ النقد الأدبي في جامعة الكويت مرسل العجمي كيف تعرّف عليه عن قرب في خريف 1981 حين كان يعمل على أطروحة الدكتوراه في إحدى الجامعات الأميركية، وكان موضوعها عن الإنتاج الأدبي لإسماعيل فهد إسماعيل، وكيف وجد رواياته الصادرة آنذاك في رفوف مكتبة الجامعة في الولايات المتحدة، مشيرا لعديد المواقف التي جمعتهما منذ ذلك الوقت.

وذكر العجمي أنه حين صدرت رواية “كانت السماء زرقاء” للراحل عام 1970، قدمها للمشهد الروائي العربي الشاعر المصري الراحل صلاح عبد الصبور بحفاوة بالغة وحماسة شديدة، ليؤكد أنه بعد مضي خمسين عاما على هذا التاريخ استطاع إسماعيل فهد إسماعيل أن يفرض اسمه كواحد من أهم الروائيين العرب ويثبت كيف كان عبد الصبور صاحب نظرة استشرافية ثاقبة.

وفي كلمتها، أكدت الشاعرة سعدية مفرح -التي تعد من أبرز الأديبات البدون- أنه كان قيمة إبداعية عربية تحمل هموم عالمنا العربي، كما أنه كان الملاذ الأول للروائيين الشباب في الكويت، وحاول أن يكون وطنا للكويتيين “البدون” إذ كتب عن مآسيهم كمن يعيشها لا كمن يعايشها، منتقدة غياب التأبين الرسمي له في أول دورة للمعرض بعد وفاته.

في ندوة خاصة بمعرض الكتاب الدولي بالكويت عن الأديب الراحل إسماعيل فهد إسماعيل (الجزيرة نت) 

وفي معرض رده على الانتقادات الموجهة للمجلس الوطني للثقافة، أكد الأمين العام المساعد لقطاع الثقافة في المجلس عيسى الأنصاري أن وفاة الراحل فاجأت الجميع وكانت فاجعة للوسط الثقافي الكويتي والعربي، لكن كان من الصعب إطلاق اسمه على الدورة الحالية للمعرض بعد اعتماد تبني القدس عاصمة أبدية لفلسطين من قبل الجهات الرسمية في كل من الكويت وفلسطين، مشيرا إلى إلغاء المجلس إحدى الندوات واستبدالها بندوة عن الراحل وإنتاجه الأدبي، فضلا عن التخطيط لإطلاق اسمه على إحدى المكتبات العامة في البلاد.

بدورها، روت الأديبة الكويتية ليلى العثمان كثيرا من المواقف التي جمعتها بالراحل، وكيف علمت بخبر وفاته أثناء مشاركتها في إحدى الفعاليات خارج الكويت، لتصرّ على العودة في اليوم نفسه.

وفي حديثه للجزيرة نت، أكد الأديب ناصر الظفيري أن الفقيد كان عروبيا، إذ كتب عن مصر روايته “النيل يجري شمالا” في ثلاثة أجزاء، كما كتب عن لبنان “رواية الشياح”، وكتب عن العراق، وانطلق إلى رحاب أوسع من الإنسانية بكتاباته عن الفلبين، ليؤكد أنه ينتمي إلى الإنسان أينما كان أكثر من انتمائه لمكان محدد.

وأضاف أن كتابته عن المهمشين في الكويت في روايته “العنقاء والخل الوفي”، جاءت تتويجا لمسيرة كبيرة احتضن خلالها عشرات المبدعين من فئة غير محددي الجنسية، وكان بمثابة الحاضنة الثقافية غير الرسمية لهم.

المصدر : الجزيرة

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *