تدريس الإسلام بمدارسها.. هل يقرب المراهقين المسلمين من ألمانيا؟

 
في هذه الأثناء، يتساءل المراهقون المسلمون في ألمانيا عن مدى انتمائهم إلى هذا البلد، وهل يمكن أن يكونوا ألمانا ومسلمين في الوقت ذاته؟

وذكرت الكاتبة لويزا بيك في تقريرها المنشور بصحيفة الإندبندنت البريطانية، أن بعض المدارس العمومية الألمانية تساعد هؤلاء المراهقين على الإجابة عن أسئلتهم من خلال صف لتعليم الدين الإسلامي.

وأفادت شبكة الأبحاث “مديندينست إنتيغريشن” أن هذه الصفوف التي تقدم دروسا في القرآن وتاريخ الإسلام والدين المقارن والأخلاق، أصبحت تدرّس على شكل دورات اختيارية في أكثر من 800 مدرسة ابتدائية وثانوية عامة في تسع ولايات ألمانية.

وصرحت الطالبة في صف تعليم الدين الإسلامي غولندام فيليباسوغلو (17 عاما) بأنه “عندما يسألني ألماني من أي بلد أنا، أقول تركيا“، رغم أنها ولدت وترعرعت في مدينة ألمانية. مع ذلك، حين تجيب الشابة بأنها “ألمانية” فإنهم “لا يتقبلون الإجابة وسينظرون إلي على أنني أجنبية، رغم أنني مواطنة ألمانية”.

وأشارت الكاتبة إلى أنه وفقا لتقديرات مركز “بيو” للأبحاث، تحتل ألمانيا المرتبة الثانية في الاتحاد الأوروبي بعد فرنسا من حيث عدد السكان المسلمين، حيث مثلت نسبة المسلمين في ألمانيا 6.1% من عدد السكان عام 2016. ورغم ذلك، أظهرت أحدث الدراسات الحكومية أن أقل من نصف هؤلاء فقط يؤدون صلاتهم بانتظام، في حين أن عدد الذين يرتادون المساجد أقل من ذلك بكثير.

ولطالما كان لقادة البلاد وجهات نظر متباينة حول الإسلام. وفي هذا السياق، كان زعيم حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي في ولاية بافاريا هورست زيهوفر قد صرح بأن “الإسلام لا ينتمي إلى ألمانيا”، وذلك بعد أشهر من نجاح حزب “البديل من أجل ألمانيا” المعادي للإسلام في دخول البرلمان.

وكانت ميركل استنكرت هذا الكلام ورفضت تقاسم السلطة مع هذا الحزب، لكن الأخير حافظ على دعم ثابت طوال السنتين الماضيين وحقق يوم 14 أكتوبر/تشرين الأول الماضي مكاسب انتخابية أكثر من أي حزب آخر في ولاية بافاريا، أكثر مدن ألمانيا كثافة سكانية.

مسجد “شهيتليك” (الشهداء) في برلين (غيتي)

استهداف الإسلام
وأضافت الكاتبة أن حزب “البديل من أجل ألمانيا” دائما ما يعلق لافتات مهينة ومناهضة للإسلام، مما يثير قلق منصور صدّيق زي -وهو أحد مدرسي صفوف الدين الإسلامي والمولود لأبوين أفغانيين في مدينة بوخوم الألمانية- على طلابه.

وفي وقت سابق من هذا العام، أطلقت مجموعة تطلق على نفسها اسم “رياليتي إسلام” حملة على مواقع التواصل الاجتماعي احتجاجا على قرار حظر ارتداء الحجاب وتجنيد الطلاب في صفوفها. وفي هذا الصدد، يعمل صدّيق زي على منع طلابه من الوقوع في شباك مثل هذه الجماعات.

ويشجع بعض السياسيين الألمان على توسيع صفوف الدين الإسلامي في المدارس العامة كوسيلة لتشجيع الاندماج الثقافي للطلاب المسلمين، والترويج للإسلام بطريقة تتماشى مع القيم الألمانية.

وفي هذا السياق، كتبت كريستين غريس من الحزب الديمقراطي الاجتماعي تقول “إننا بحاجة إلى المزيد من التعليم الديني، لأنه السبيل الوحيد لبدء حوار حول تقاليدنا وقيمنا وفهم تقاليد وقيم الآخرين”.

فضلا عن ذلك، يظهر سبب آخر من وراء تدريس الدين الإسلامي، وهو “تحصين” الطلاب المسلمين من التعصب الديني، وفقا لما أفاد به رئيس مجلس أساقفة الكنيسة البروتستانتية في ألمانيا هاينريش بيدفورد شتروم.

التطرف الذي قد يؤدي إلى العنف، يثير القلق بشكل خاص. فمنذ العام 2013، غادر ألمانيا أكثر من ألف شخص -أغلبهم تحت سن الثلاثين- للقتال في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية أو لدعم المنظمات الإرهابية الأخرى.

وفي هذه الأثناء، لا يزال بعض المدرسين والسياسيين يقاومون فكرة دخول تعليم الدين الإسلامي إلى المدارس الحكومية الألمانية، إذ في أعقاب تصريحات بيدفورد شتروم، أفاد القيادي في حزب “البديل” ألكسندر غاولاند بأنه “في الوقت الذي تعيش فيه مدارسنا مشاكل أكثر أهمية، لا يُقبل أن يدعم الأسقف الألماني الإسلام”.

 
وأوضح أستاذ الدراسات الإسلامية وطرق التدريس بجامعة غوته في فرانكفورت هاري هارون بير أنه لم تفحص أي دراسة مدى فعالية تعليم الإسلام في منع التطرف. ورغم ذلك، أضاف أن هذه الفصول الدراسية قيّمة لأنها تعلم الطلاب أن دينهم لا يقل أهمية عن الديانات الأخرى التي تُدرّس في مدارسهم، كما تظهر أن الدين الإسلامي دين منفتح على التفكر والنقد الذاتي.

وأضافت كاتبة التقرير أن صفوف تدريس الإسلام تحظى بشعبية كبرى في مدرسة منصور صدّيق زي، حيث 95% من الطلاب هم مهاجرون من الجيل الأول أو الجيل الثاني. ولا يعبر صدّيق زي فناء المدرسة دون أن يستوقفه طالب ليحدثه إما عن الدرجات الدراسية أو الحب أو مشاريعه المستقبلية.

وقد أشار الطالب يوسف أكار (17 عاما) إلى أن “ما يعلمه لي السيد صدّيق زي ليس أمرا يمكن تعلمه في المسجد، مثل كيفية التفاعل مع غير المسلمين الذين يجهلون الطريقة السليمة للتفاعل معنا، أو أولئك الذين يخشوننا”.

وأضاف أكار أن “هذا الصف يظهر أنه مرحب بي هنا، لأن المدرسة لم تعد تطالبنا بأن نبتعد عن ديننا، فهم يتقبلونه ويخلقون فرصة للتعرف عليه، وهو ما يجعلني أشعر بالانتماء إلى هذا المجتمع”.

المصدر : مواقع إلكترونية

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *