هل يتجه مركزي منظمة التحرير لفرض عقوبات جديدة على غزة؟

ميرفت صادق-رام الله

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إنه آن الأوان لتنفيذ قرارات المجلس الوطني والمركزي السابقة بخصوص “العلاقة مع إسرائيل وأميركا وحماس”، في إِشارة إلى مراجعة الاتفاقيات السياسية مع الاحتلال وإلى إجراءات جديدة ضد حركة حماس في غزة.

وتحدث عباس -في كلمة مقتضبة أمام الجلسة الافتتاحية للمجلس المركزي الفلسطيني مساء الأحد في رام الله– عن “قرارات خطيرة يجب ألا تخضع للمساومة فيما يتعلق بأميركا والاحتلال وحماس لأنهم لم يتركوا للصلح مكانا للوصول إلى مصالحة أو تسوية”.

ولم يذكر الرئيس الفلسطيني تفاصيل القرارات القادمة، إلا أنه نبه إلى ضرورة عدم الخضوع أمام لحظة تاريخية، بينما صرّحت أوساط سياسية في المجلس المركزي “بضرورة وضع إستراتيجية لمواجهة الانقسام وإفشال حركة حماس للمصالحة”.

وقال رئيس المجلس الوطني سليم الزعنون إن القرارات التي سيتخذها المجلس ستكون لها أثمان غالية وتبعات كبيرة، لأن هدفها الدفاع عن حقوق الفلسطينيين وحماية وحدتهم الجغرافية والسياسية، وإفشال فصل غزة وتكريس حكم ذاتي في الضفة الغربية.

وقال عضو المجلس المركزي والناطق باسم حركة فتح عاطف أبو سيف للجزيرة نت إن المجلس سيناقش الانقسام الداخلي كأحد أهم معيقات إنجاز المشروع الوطني، ولكن “لا قرارات جاهزة بهذا الخصوص رغم وجود توصيات ومقترحات للمناقشة”.

وبينما حذرت قوى فلسطينية معارضة لانعقاد المجلس المركزي من خطوات باتجاه الدعوة إلى حل المجلس التشريعي بناء على توصية من المجلس الثوري لحركة فتح قبل أسبوعين، قال أبو سيف إنه من المبكر القول إن لدى المركزي قرارا بحل التشريعي، ولكن هناك توصية بهذا الخصوص ستُناقش.

وقالت عريضة نشرتها القوى المعارضة لانعقاد المجلس المركزي في رام الله إن التهديد بعقوبات جديدة من شأنها تعميق الانقسام وتطوره إلى حالة انفصال بين الضفة وغزة، محذرة من أن “التهديد بحل المجلس التشريعي قد يفتح الباب أمام التفرد بالقرار السياسي”.

عباس تحدث عن قرارات خطيرة فيما يتعلق بأميركا والاحتلال وحماس (رويترز) 

اتهامات
ولكن الناطق باسم فتح قال إن “حركة حماس بعد تسع سنوات من الحوار الوطني لم تترك فرصة للحوار إلا أفشلتها، لذا علينا البحث عن سبل استعادة الوحدة الوطنية ووضع إستراتيجية من أجل التخلص من الانقسام”.

وأضاف أن على القوى التي تحذر من تعميق قرارات المركزي للانقسام أن تتعامل بحيادية وتقر بأن رفض حماس للمقترحات المصرية للمصالحة هو السبب في ذلك.

وعلى صعيد بحث العلاقة مع الاحتلال الإسرائيلي، قال أبو سيف إن المركزي سيستمع لتقارير اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حول مصير توصياته السابقة.

وأوصى المجلس المركزي منذ دورته المنعقدة في مارس/آذار 2015 بتعليق الاعتراف بإسرائيل إلى حين الاعتراف بالدولة الفلسطينية، ووقف التنسيق الأمني والانفكاك من تبعات الاتفاقيات الاقتصادية مع الاحتلال وعلى رأسها اتفاق باريس. وأعاد التأكيد على توصياته في دورتيه المنعقدتين العام الجاري، ولكن دون آليات واضحة لتنفيذها.

وقال رئيس اللجنة السياسية للمجلس الوطني خالد مسمار إن المركزي سيستمع إلى تقارير اللجان حول كيفية استكمال قرارات المجلس السابقة على صعيد العلاقة مع الاحتلال والولايات المتحدة. كما سيستمع لتقرير وزير شؤون القدس ورئيس لجنتها في المجلس المركزي عدنان الحسيني حول نتائج التحقيق الذي بدأته السلطة في عمليات تسريب العقارات التي شهدتها المدينة مؤخرا.

وفي نقاش الوضع الداخلي وتعرقل المصالحة الفلسطينية، قال مسمار إن المجلس سيتخذ قرارات مناسبة في هذا السياق، لكن ما راج عن مناقشة توصية المجلس الثوري لحركة فتح حول حل المجلس التشريعي لم يُطرح على جدول الأعمال.

حسن يوسف دعا عباس والمجلس المركزي إلى الخروج بقرارات توحد الشعب الفلسطيني ولا تعمق الانقسام (الجزيرة)

تعزيز الوحدة
في المقابل، قال المتحدث باسم حركة حماس في الضفة الغربية حسن يوسف، ردا اتهام عباس لحركته بالقبول بدولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة وتكريس فصل غزة عن الضفة، إن حماس نفت مرارا قبولها بدولة فلسطينية على حدود مؤقتة تحت أي ظرف، ولا تسعى لذلك، وتعارض من يفاوض عليه.

وأضاف يوسف للجزيرة نت أن مفاوضات التهدئة في غزة تسعى إلى فك الحصار وتوفير متطلبات الحياة الإنسانية لأبناء غزة بدون دفع أي ثمن، “لأن حماس لا تطرح نفسها بديلا سياسيا أو تفاوضيا عن السلطة الفلسطينية“.

ودعا يوسف الرئيس عباس والمجلس المركزي إلى الخروج بقرارات توحد الشعب الفلسطيني ولا تعمق الانقسام ولا تصب باتجاه فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، محذرا من أن فرض مزيد من العقوبات على غزة سيعزز الانقسام ويكرس الانفصال.

من جانبه، قلل المحلل السياسي خليل شاهين من احتمال اتخاذ المركزي هذه المرة أيضا قرارات أبعد من توصياته السابقة منذ عام 2015، وخاصة على صعيد العلاقة مع إسرائيل. وقال إن عباس حدد موقفا واحدا واضحا في رفضه لصفقة القرن دون أن يشير إلى الإجراءات التي سيتصدى بها.

ورجح شاهين صدور قرارات صارمة في لغتها ولكن دون جداول زمنية للتنفيذ، متوقعا قرارات ذات علاقة بإعادة فتح اتفاقية باريس الاقتصادية وتخفيض مستوى التنسيق الأمني في بعض المجالات، لكن بدون تحول جوهري في المسار السابق، بسبب تمسك الرئيس بالمفاوضات كإستراتيجية للحل السياسي مع إسرائيل.

لكن على صعيد آخر، رأى شاهين أن تصريح الرئيس “بأن حماس لم تترك للصلح مكانا”، يشير إلى قطعه الخيوط مع حماس وعزمه تنفيذ قرارات بشأن غزة لا أحد يعلم بها حتى الآن سواه، وهو من يقررها وليس المجلس المركزي.

وباعتقاد المحلل، ثمة خطورة في أفكار يتم تداولها حول تفويض المركزي للرئيس باتخاذ إجراءات اقتصادية ضد غزة أو باتجاه حل المجلس التشريعي، “وهذا يعني تفويض القائد الفرد بصلاحيات كل شيء”.

المصدر : الجزيرة

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *