لماذا تسعى مصر لتحويل القصور الأثرية إلى فنادق؟

أحمد سمير-القاهرة

اقترحت وزيرة السياحة المصرية رانيا المشاط في اجتماع اللجنة الوزارية المعنية بالقصور الأثرية، يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بأن تحوَّل القصور الأثرية إلى فنادق بوتيك “Boutique Hotels”، وهو ما أثار نقاشا واسعا حول كيفية تنفيذ المشروع مع الحفاظ على القيمة الأثرية والتاريخية لتلك القصور، والعائد المادي منها.

وقالت رانيا المشاط إن المقترح هدفه الاستفادة من القصور الأثرية في مصر، واستغلالها منتجا سياحيا يمكن الترويج له.

من جانبه قال أستاذ الآثار الإسلامية والقبطية في كلية الآثار بجامعة القاهرة  مختار الكسباني للجزيرة نت إن جميع القصور التي شيدت خلال القرن الـ19 صالحة لأن تكون فنادق تراثية قادرة على جذب السائحين، خاصة من يفضلون الإقامة في هذا النوع من الفنادق، وهم من أصحاب الإنفاق المرتفع.

وأوضح الكسباني أن هذه الفنادق سوف تحقق لمصر عائدا ماليا مرتفعا، خاصة أن الفنادق التراثية ليست مثل الفنادق الحديثة، فالسائح ستكون أمامه فرصة النوم والجلوس والعيش في غرفة أثرية أقامت فيها شخصية تاريخية مهمة، ربما يكون ملكا أو فنانا كبيرا منذ 100 عام أو أكثر.

وأكد أنه يجب مراعاة القيمة الأثرية والطابع المعماري الفريد لكل قصر قبل تحويله إلى فندق، ووضع دراسة دقيقة له، من أجل نجاح المشروع.

بينما يرى الباحث الإسلامي نور يحيي أن فكرة تحويل القصور الأثرية إلى فنادق سوف يعرض الزخارف المعمارية الهامة في تلك القصور للضرر، وقد يفقد هذه القصور هويتها المعمارية والفنية التي تميزها.

في المقابل اقترح في حديث للجزيرة نت أن تعاد صيانة وترميم تلك القصور الأثرية، لجعلها متاحف أو مزارات سياحية، لأنها ثروة لا تقدر بثمن.

قصر البارون في القاهرة (الجزيرة)

58 قصرا أثريا
بدوره، أوضح مدير عام “القاهرة التاريخية” محمد عبد العزيز أن عدد القصور الأثرية المسجلة في وزارة الآثار 58 قصرا، منها 8 قصور رئاسية و3 ملكية خاصة، ويجري حاليا رصد الحالة المعمارية لـ47 قصرا متبقية من أجل إجراء عمليات الصيانة والترميم اللازم لها، تمهيدا للاستفادة منها استثماريا.

يُشار إلي أن عددا من الفنادق التراثية كانت سابقا قصورا أثرية، ومنها سوفتيل كتراكت بأسوان وونتر بالاس بالأقصر وقصر السلاملك بالإسكندرية وماريوت الجزيرة بالقاهرة.

وقال عضو لجنة السياحة والطيران في البرلمان المصري أحمد إدريس للجزيرة نت إن مصر غنية بالقصور الأثرية، التي يتجاوز بعضها مئات السنين، وفي الوقت نفسه تعاني من الإهمال، لذا لا يوجد ما يمنع من صيانة وترميم تلك القصور وتحويلها إلى فنادق تراثية.

وأشار إلى أن الفنادق التراثية موجودة في كل دول العالم، فلا يوجد ما يدعو للقلق عند تنفيذ هذه الفكرة في مصر، ولكن يجب أن نهتم برفع كفاءة كل قصر أثري قبل تحويله لفندق، ووضع الدراسة اللازمة له، والدعاية المناسبة في خارج مصر التي تليق بالقيمة الأثرية والتاريخية للقصر.

وأكد أن نجاح الفنادق التراثية في مصر في منافسة الفنادق التراثية حول العالم يعتمد على فكر وأسلوب إدارة هذه الفنادق، لذا يجب طرح تلك القصور في مناقصة على الشركات العالمية المتخصصة في إدارة الفنادق حتى تحقق مصر العائد المرجو منها سياحيا وماليا.

وأكد الخبير السياحي علاء الغمري أن سعي الحكومة المصرية في تحويل القصور الأثرية إلى فنادق تراثية سوف يحقق لمصر عائدا اقتصاديا كبيرا.

قصر السلاملك بالإسكندرية من الفنادق التراثية (الجزيرة)

عمق تاريخي
ودلل على ذلك في تصريحات للجزيرة نت بأن الفنادق ذات الطراز المعماري والفني المميز وذات العمق التاريخي الكبير تجذب السواح ذوي الإنفاق المرتفع، متابعا أن الأحداث التي عاصرتها تلك القصور ومن عاشوا فيها سوف يرفع من القيمة التسويقية للغرف الفندقية، حتى إنها قد تصل إلى نحو 5000 دولار في الليلة الواحدة.

وأضاف الغمري أن قرب هذا النوع من الفنادق من المزارات السياحية سوف يكون فرصة جيدة لتنشيط السياحة وإيجاد فرص عمل للشباب.

وأكد أن تسويق تلك الفنادق يجب أن يكون بطريقة مبتكرة وجذابة، لجذب السائحين للإقامة فيها، من “خلال إقامة معارض دولية تتحدث عن تاريخ كل قصر والشخصيات المشهورة التي عاشت فيه، حتى نكون قادرين على المنافسة”.

المصدر : الجزيرة

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *