كيف يسهم العراقيون باقتصاد إقليم كردستان؟

رنا أحمد-أربيل

ينشط مستثمرون ورجال أعمال من مختلف القوميات العراقية في إقليم كردستان شمالي البلاد، دون أن يتأثروا كثيرا بالأزمات المتلاحقة بين الإدارة الذاتية والحكم المركزي في بغداد.

ويساعد هؤلاء المستثمرون في إنعاش القطاعات الإنتاجية حتى وقت الحرب الشرسة مع تنظيم الدولة، رغم أن أصحاب الشركات القادمين من مدن وسط البلاد وجنوبها يقولون إن وجودهم الملحوظ ليس صورة وردية على الدوام.

ولا توجد تقديرات دقيقة عن حجم مساهمة العراقيين من خارج الإقليم بالسوق الكردية، إلا أن مسؤولا في غرفة تجارة أربيل يذكر أن أهم مستثمري العراق لديهم نشاط واسع وشراكات مهمة مع نظرائهم الأكراد والأجانب العاملين شمال البلاد.

وفي تصريح للجزيرة نت، يذكر عضو غرفة تجارة أربيل صالح محمد هادي أن العلاقات التجارية مزدهرة منذ قرون بين بغداد والمدن الكردية التي تقع على طريق الحرير التاريخي “لذلك نجد أن العرب والأكراد كانوا ينشؤون المصانع في أقسى أيام الأزمة السياسية بين أربيل وبغداد عام ٢٠١٤ وأثناء اجتياح تنظيم الدولة أجزاء واسعة من شمال البلاد”.

 مهدي: استثمارات العرب كبيرة بسوق العقار الكردي (الجزيرة)

العقارات
ويضيف رجل الأعمال الكردي أن استثمارات العرب كبيرة في سوق العقار الذي يمثل قطاعا متناميا، كما ينقل العراقيون العرب أموالهم وخبراتهم في مجالات جديدة مثل تكنولوجيا الإنتاج الزراعي الحديثة والصناعات الغذائية ومصانع الأجهزة الكهربائية الناشئة، فضلا عن تجارة الترانزيت والوكالات التجارية.

وتفيد التقارير بأن الشراكات بين العرب والأكراد شجعت على استئناف الصناعات الإستراتيجية كمصانع الإسمنت الذي حقق العراق اكتفاء ذاتيا فيه مؤخرا، ومصانع الحديد والمواد الإنشائية، وهي صناعات توقفت تقريبا منذ فرض العقوبات الدولية عام ١٩٩٠.

وحسب دراسة أعدتها سلطات إقليم كردستان مؤخرا، فقد بلغ حجم الاستثمار المحلي في ٧٤١ مشروعا أكثر من ٣٩ مليار دولار، وذلك خلال الأعوام العشرة الماضية، مما يمثل نحو ٧٠% من حجم الاستثمار في المنطقة الكردية.

وتذكر أيضا أن المشاريع كانت صناعية بالدرجة الاولى، تليها مجالات العقارات والسياحة.

من جهته يرى ثائر الدليمي، وهو مستثمر عراقي يعمل في كردستان منذ سنوات، أن الاستقرار الأمني يشجع العراقيين على نقل جزء من أموالهم واستثماراتهم إلى الإقليم، خصوصا بعد الدمار الذي حل بمدن تجارية مهمة مثل الموصل أو محافظات معروفة بخبرتها الصناعية مثل الأنبار.

ويشير -في حديث للجزيرة نت- إلى أن هناك أسبابا أخرى عززت حضور العراقيين بالسوق الكردية وقطاعات الإنتاج، حيث إن الكثير من مهندسي التصنيع الحربي الذين اكتسبوا خبرات مهمة انتقلوا من بغداد إلى أربيل والسليمانية وشاركوا في تأسيس مشاريع صناعية مهمة اليوم.

الشراكات بين العرب والأكراد شجعت على استئناف الصناعات الإستراتيجية (الجزيرة)

عراقيل
لكن الدليمي يقول إن الحضور العراقي الكبير في سوق الإقليم الشمالي ليس ورديا على الدوام، إذ يواجه المستثمرون نقصا في التشريعات والقوانين التجارية والاستثمارية، وتضاربا أحيانا في إجراءات الإقليم والحكومة المركزية مما يعرقل تطوير النمو التجاري.

ويضيف أن الإصلاحات المتوقعة في النظام الاقتصادي العراقي يمكن أن تشجع على تكريس تكامل وتعاون في مستويات أكبر.

ويعتقد الدليمي أن القطاع الخاص لو أتيح له ظرف أفضل يمكنه أن يحول أسباب النزاع القومي إلى مجالات تعاون وتكامل يصنع الاستقرار في منطقة لا تزال تعيش ويلات حروب عديدة.

الدليمي: الحضور العربي بالسوق الكردية ليس ورديا على الدوام (الجزيرة)

د. ديار أحمد الذي عاد من الولايات المتحدة وأدار خلال السنوات الأخيرة مشاريع عدة بقطاعي الاتصالات والخدمات الطبية، يقول إنه لا توجد أرقام محددة حول الحصص في مجال الاستثمار الكردستاني غير أن قطاع المصارف كمثال واحد يكشف حجم المساهمة العربية في السوق الكردية.

ويضيف الخبير الاقتصادي أن معظم المصارف الأهلية التي ساهمت في تحديث قطاع المال هي بنوك من بغداد أو البلدان العربية المجاورة.

كما أن الوكالات التجارية -التي تقدم الدعم التقني والمعدات والتكنولوجيا الحديثة للمصانع والمنشآت الخدمية الكبيرة بكردستان- معظمها مملوكة لمستثمرين من الموصل وبغداد والبصرة، وخبرتهم في قطاعات متخصصة تصل إلى خمسين عاما “لذلك تركوا أثرا مهما في حركة الاقتصاد الكردستاني”.

المصدر : الجزيرة

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *