لماذا لم تفلح العلوم الطبية بعدُ في معالجة حب الشباب؟

أنجيلا لاشبروك*

توجد عشرات، إن لم تكن مئات، من النظريات حول الوقاية من حب الشباب وعلاجه، إذ يقسِم بعض الأشخاص بأغلظ الأيمان بفاعلية المكملات الغذائية، بينما يُمجد آخرون -لحد الهيام- فوائد التخلي عن تناول الألبان أو حتى شرب بول الكلاب من أجل القضاء على النتوءات المزعجة (المؤلمة أحيانًا).

ومع ذلك، فإن أفضل العلاجات المُستندة إلى دعائم علمية يمكنها أن تسبب مشاكل مثل جفاف الجلد والحساسية من ضوء الشمس والتشوهات الخلقية.

وتُضفي هذه العلاجات المَعيبة المتوفرة حتى الآن إثارة بالغة على خبر تطوير لقاحٍ جديدٍ لعلاج حب الشباب، لكن حتى هذا اللقاح -على الرغم من الآمال الواعدة المُعلقة عليه- قد يواجه العديد من العثرات المماثلة على غرار ما واجهته العلاجات الحالية.

صُمم اللقاح -الذي يعد الأول من نوعه إذا ما اسُتخدم ميدانيًا- للتقليل من الاستجابة الالتهابية للجسم في تصديه للسموم التي تفرزها البكتيريا الموجودة بالجلد.

لم يتم حتى الآن اختبار للقاح سوى على عيناتٍ من الفئران والأنسجة البشرية، لكن، كما يقول تشون مينغ هوانغ، أحد الباحثين الرئيسيين المعنيين بتحضير اللقاح، في بيان صحفي “الأثر المرجح لنتائج اكتشافاتنا قد يكون هائلًا بالنسبة لمئات الملايين من الأفراد الذين يعانون من حب الشباب”. (لم يرد هوانغ وفريقه على طلبات إجراء مقابلات معهم).

البكتيريا المستهدَفة من قبل هذا اللقاح الجديد لا تشكل سوى سبب واحد محتمل لظهور حب الشباب، مع العلم أن الهرمونات والعوامل الوراثية وبعض الأدوية الأخرى يمكنها أيضًا المساهمة في الإصابة بهذه الحالة.

يقول كارلوس تشارلز، مؤسس ديرما دي كولور، وهي عيادة أمراض جلدية، إن الطبيعة متعددة العوامل لحب الشباب تجعل من الصعب علاجه فـ “كثيرًا ما يأتيني أشخاصٌ ويسألونني: هل السبب نظامي الغذائي؟” وأقول نعم. أو يأتي آخر ويسأل “هل الأمر يتعلق بالكريم الذي أضع على وجهي؟ أقول نعم”.

كثيرًا ما يصف د. تشارلز لمرضاه مادة أيسوتريتينوين (isotretinoin) وهو دواء يتناوله المريض عن طريق الفم يعرف باسم أكيوتين Accutane (وإن كانت هذه العلامة التجارية لم تعد موزعة بالأسواق) مصنفٌ ضمن فئة من العلاجات تعرف باسم الرتينوئيدات، وهي واحدة من أفضل العلاجات المتوفرة لعلاج حب الشباب، لكنها تظل بعيدة كل البعد عن الكمال، نظرا لإمكانية تسببها في جفاف البشرة بشكل لا يصدق، ومخاطر الإصابة بعيوب خلقية شديدة لدى الحوامل إلى درجة يتعين فيها على المريضات اللواتي يتناولن هذه المادة إثبات أنهن يستعملن نوعين من وسائل منع الحمل أو الامتناع عن ممارسة الجنس مع الرجال.

ويقول تشارلز “أكيوتين علاجٌ استعمله بشكلٍ يوميٍ، لكن يجب وصفه بحذرٍ وعناية، ويُفضل أن يكون ذلك من قبل طبيب الأمراض الجلدية، مصادقا عليه من مجلس إدارة الأطباء”.

تقول أديلايد هيبرت، أستاذة الأمراض الجلدية بكلية ماكغفرن الطبية جامعة يوتي هيلث في هيوستن، إن الأطباء يصفون أحيانًا سبيرونولاكتون الذي ينظم ضغط الدم لعلاج حب الشباب. وكثيرًا ما يوصِي أطباء الأمراض الجلدية بطرق أقل حدة (وغالبًا أقل فعالية) مثل الرتينوئيدات الموضعية، والمضادات الحيوية، وحبوب منع الحمل، والمنتجات التي لا تحتاج إلى وصفة طبية، وتحتوي على حمض الساليسيليك أو البنزويل بيروكسايد.

لكن معظم هذه العلاجات لا تستهدف سوى عاملٍ واحدٍ محتمل من مسببات حب الشباب: بالنسبة لحب الشباب البكتيري، هناك مضادات حيوية. ولعلاج حب الشباب الهرموني، هناك حبوب منع الحمل. لكن، عدد قليلٌ من المواد المتاحة تستهدف كلا العاملين، إلى جانب عدد لا يحصى من العوامل الأخرى، من انسداد المسام بفعل مواد التجميل إلى طول الفترة التي يقضيها الإنسان مرتديًا خوذة، وتسهم كلها في ظهور حب الشباب.

وإذا كان لقاح حب الشباب قيد التطوير “واعدًا حقًا” حسب تشارلز، فإن مجال استهدافه يظل ضيقًا ويقتصر فقط على الاستجابة الالتهابية لبكتيريا الجلد.

إيمانويل كونتاس -وهو مساعدٌ رفيع بالمستشفى الجامعي وكلية الطب جامعة زيورخ، ومؤلف مقال يخص البحوث الجارية حول اللقاح، يقول إن هناك سببا وجيها للتفاؤل بشأن اللقاح الجديد، لكن من المحتمل أن يتمخض هو الآخر عن آثار جانبية.

 

ويوضح أن استهداف سلالة بي أكنيس (P. acnes) -وهي البكتيريا الأكثر ارتباطًا بحب الشباب- بلقاح، سيكون أكثر تركيزًا وأقل سمية من العلاجات الكيميائية، لكن من الجدير بالذكر أنه ليست كل أنواع هذه البكتيريا مضرة، كونها تتشكل من سلالات مختلفة، منها ما يسبب حب الشباب، بينما الأخرى مفيدة للإنسان.

ويضيف كونتاس: في حالة استهداف السلالات الخاطئة، فمن شأن اللقاح أن يلحق أضرارا أخطر بالمرضى من خلال إحداث خلل بسلامة البشرة.

بينما يتصور تشارلز أن يكون اللقاح أفضل استخدامًا في حالة استعماله إلى جانب علاجات حب الشباب أخرى الأكثر رسوخًا. ويضيف “لا أتصور أن يكون العلاج مشكلا من عاملٍ واحدٍ، لكنه قد يساعد في التقليل من استعمالنا بعض المواد الأخرى”.

أظهرت علاجات ناشئة أخرى لحب الشباب نتائج واعدة بالعقدين الماضيين أيضاً. تستخدِم إحدى هذه الطرق البروبيوتيك الذي يمكنه -حسب جينيفر شواليك أخصائية الأمراض الجلدية في عيادة يونيون سكوير لمعالجة الأمراض الجلدية بالليزر- أن يساعد في تقليل كثافة حب الشباب لدى بعض المرضى.

وتقول شواليك إن “إحدى الأفكار الأكثر إثارة للاهتمام تستهدف التركيز على الخلل الكامن في ميكروبيوم الأمعاء/الجلد”. وقد كشفت بعض الدراسات أن استعمال بكتيريا معينة قد تكون له آثار مضادة للالتهابات والقضاء على البكتيريا.

الطبيعة متعددة العوامل لحب الشباب تجعل من الصعب علاجه (الألمانية)

بمستوى التطلعات
يُستخدم الليزر أيضًا بشكلٍ متزايدٍ لعلاج حب الشباب، على الرغم من أن الأكاديمية الأميركية للأمراض الجلدية تشير إلى أن هذه الطريقة تتطلب فترات طويلة من الوقت، في حين أن نتائجها لا يمكن التنبؤ بها، بالإضافة إلى أن العلاج بالليزر ينطوي على مجموعة من الآثار الجانبية المحتملة، بما في ذلك التورم والاحمرار وحتى الحروق.

وعلى الرغم من السلبيات المحتملة، يقول تشارلز إنه متحمسٌ بشأن اللقاح، مضيفًا “لم نتوصل إلى علاجٍ جديدٍ لحب الشباب منذ وقتٍ طويلٍ، وجميعنا، أطباء أمراض جلدية ومرضى على حد سواء، بدأنا نشعر ببعض الفتور واليأس من أنواع العلاج المتوفرة حتى الآن “.

_______________
* هذا المقال نشر على موقع ذا أتلانتيك.

المصدر : مواقع إلكترونية

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *