لماذا يطرح العراق فئات صغيرة من العملة بالأسواق؟

مروان الجبوري-بغداد

في خطوة مفاجئة، أعلن البنك المركزي العراقي عن قيامه بطباعة كميات كبيرة من الفئات الصغيرة للعملة العراقية وبدء توزيعها، وذلك بعد تحسين نوع المادة المستخدمة، وإجراء تغيير بسيط في شكل هذه الفئات.

وقال مدير المحاسبة في البنك المركزي إحسان الياسري إن الفئات الصغيرة هذه هي تلك التي طبعت في عام 2004، وتشمل فئات 250 و500 و1000 دينار، وقد أصبحت الحاجة ماسة اليوم لضخ مزيد منها في السوق العراقية.

وأضاف للجزيرة نت أن العراق استلم قبل يومين الشحنة الأولى من فئة الألف دينار وقام بتوزيعها على المصارف والمؤسسات المالية من أجل طرحها للتداول في السوق، وسيستلم هذا الشهر الشحنات الخاصة بفئتي 250 و500 دينار.

وقد غير البنك المركزي العراقي صورة الدينار الإسلامي على فئة الألف دينار وجعلها صورة للأهوار التي أدرجت في لائحة التراث العالمي.

كما أثارت خطوة محافظ البنك المركزي علي العلاق بوضع اسمه على العملة إضافة إلى توقيعه نوعا من الجدل في الشارع العراقي، وطالب البعض مجلس النواب بإزالة هذه الإضافة.

إلا أن الياسري اعتبر الخطوة أمرا طبيعيا على اعتبار أن الكثير من البنوك المركزية في العالم تضع اسم المحافظ بجانب التوقيع، وتكتفي في أحيان أخرى بالتوقيع، مبررا ذلك بكونه “بصمة تؤرخ للعملة العراقية”.

فئة 1000 دينار وفئة 250 دينارا التي ينوي البنك المركزي العراقي طرح كميات منها في السوق (الجزيرة)

انخفاض التضخم
وقد أعلن البنك المركزي العراقي في وقت سابق عن وضع مشروع لإعادة هيكلة العملة المحلية وحذف ثلاثة أصفار منها، وأعلن عام 2012 عن اكتمال تصميم العملة الجديدة، إلا أن مجلس النواب طالبه بالتريث وقتها، مما أدى إلى توقف المشروع.

ويقول الخبير الاقتصادي ستار البياتي إن البنك المركزي هو أعلى سلطة نقدية في البلاد، وهو الذي يضع السياسة النقدية ويشرف على القطاع المصرفي، وهو من يستشعر الحاجة لمثل هذه الخطوات.

ووفقا للبياتي فإن السوق العراقية تحتاج إلى مثل هذه الخطوة، لأن هناك فقدانا للفئات الصغيرة وتلفا للكثير منها، وهو ما يمكن أن يعزز حالة السوق ويمدها بالعملات المطلوبة، لتسهيل التعاملات اليومية.

وبالإضافة إلى ذلك فإن زيادة عرض النقد تؤدي إلى انخفاض معدلات التضخم، وتعطي انطباعا بأن الوضع النقدي في البلاد جيد، والسلطة النقدية بهذا تقوم بدعم الاقتصاد وتحسين سمعته عالميا، وفق ما يرى.

ورغم أن سعر صرف الدولار الأميركي يبلغ 1200 دينار عراقي حاليا، إلا أن معدلات التضخم منخفضة والاقتصاد على قدر “لا بأس به من المتانة”.

وعن المطالبة بإعادة العمل بالعملات المعدنية للفئات الصغيرة، يشير البياتي إلى أن ذلك يخضع في كثير من الأحيان لحاجة السوق والقبول المجتمعي أيضا، وقد كانت هذه العملات متداولة في العراق حتى اختفت بداية تسعينيات القرن الماضي بسبب الحصار الاقتصادي وما رافقه من تضخم، إلا أن العودة إليها اليوم تبدو “صعبة للغاية”.

الكثير من المصارف العراقية ترفض استلام الفئات الصغيرة من العملة من الجمهور على اعتبار أنه قد يكون فيها تمزق أو مطموسة الكتابة (الأوروبية)

فساد مالي
ويرى أستاذ الاقتصاد في الجامعة العراقية عبد الرحمن المشهداني أن واحدة من عوامل الفساد التي يعاني منها العراق في السنوات الأخيرة هي اختفاء العملات الصغيرة من الأسواق، حيث لم تستبدل هذه الفئات منذ طباعتها عام 2004، باستثناء كميات صغيرة طرحت في السوق عام 2013 لكنها لم تف بالحاجة.

وكثيرا ما تكون هذه الفئات الصغيرة الموجودة في الأسواق ممزقة أو مطموسة الكتابة، مما يجعل معظم المصارف ترفض استلامها.

في حين أن هذه المصارف نفسها تسلم رواتب الموظفين في كثير من الأحيان بهذه الفئات، مما يضطرهم إلى تغييرها في مكاتب الصيرفة بعملات صالحة للتداول مع فارق للسعر، مما يؤدي إلى خسارتهم لجزء من قيمتها.

وحسب المشهداني فإن العملة العراقية تتأثر بتقلبات أسعار صرف الدولار، وهو ما جعل تهريب الدولار إلى إيران وتركيا في الآونة الأخيرة يؤثر على العملة العراقية، لأن شحة الدولار في السوق تؤدي إلى ارتفاع سعر صرفه.

ويحاول البنك المركزي العراقي علاج ذلك عن طريق ضخ ما بين 150 و165 مليون دولار يوميا، وقد وصلت مؤخرا إلى 190 مليون دولار، يهرّب حوالي 50% منها إلى إيران، على حد قوله.

ويؤكد المشهداني أنه لولا هذه المعالجات لوصل سعر صرف الدولار العراقي إلى 1300 دينار بدلا من سعره الحالي 1200.

المصدر : الجزيرة

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *