سفير الأرجنتين لـ «العرب»: قطر تستحق الاحترام لأنها لم تلجأ إلى الانتقام من الدول التي حاصرتها

أكد سعادة كارلوس هيرنانديز -سفير جمهورية الأرجنتين لدى دولة قطر- في حوار مع «العرب»، أن زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى الأرجنتين ستتوّج بالتوقيع على اتفاقيات ثنائية، ومذكرات تفاهم، وإعلانات حول النوايا تغطي قضايا ومجالات مثل الصناعة الزراعية، والرياضة، والتعليم، والتبادل الشبابي، والتعاون التقني، والجامعات الوطنية، والمكتبات الوطنية، إلى جانب اتفاقية بين المدن، وإلى جانب اتفاقية لإعفاء المواطنين القطريين من التأشيرة؛ لافتاً إلى أن بلاده تأمل تدشين خط جوي مباشر بين الدوحة وبوينس آيرس قبل نهاية العام الحالي من أجل تسريع وتيرة التعاون والارتقاء بالمبادلات التجارية بين البلدين. وأبدى سعادة السفير تفاؤله بحل الأزمة الخليجية قريباً، معتبراً أن الوضع الراهن للمنطقة لا يعود بالفائدة على أية دولة، ويدمر التجارة الحرة. مؤكداً في الوقت ذاته أن قطر تستحق الاحترام لأنها لم تلجأ إلى الانتقام من الدول التي حاصرتها، الأمر الذي كان سيزيد الأمور سوءاً في المنطقة.. وتفاصيل أخرى في نص الحوار التالي:
ما قراءتكم لأهمية زيارة حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى إلى الأرجنتين؟
إن الزيارة الرسمية التي يقوم بها صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر إلى الأرجنتين تكتسي أهمية بالغة، ومن شأنها أن تضفي ديناميكية جديدة للعلاقات الثنائية الودية التي تربط بين قيادتي وشعبي البلدين، خاصة أنها الزيارة الثانية لصاحب السمو في غضون سنتين وبضعة أشهر. كما زار رئيسنا موريشيو ماكري قطر عام 2016، وتلتها زيارة أخرى لنائبة الرئيس غابرييلا ميشيتي.
وأودّ أن أنوّه إلى أن صاحب السمو أمير دولة قطر قريب جداً من الأرجنتين، يحب بلدنا، ولديه أصدقاء هناك، بجانب صداقته الشخصية الخاصة مع الرئيس ماكري؛ فهما قريبان جداً من بعضهما البعض.

ما الملفات التي سيجري تباحثها خلال الزيارة؟
سيتم تنظيم عدد من اجتماعات العمل مع السلطات الحكومية ورجال الأعمال، بالأساس. نحن نريد تفعيل العلاقة الثنائية ونقلها إلى أعلى مستوى ممكن. سيكون هناك أيضاً بعض الاتصالات في مجال الرياضة لا تتعلق بالضرورة بكرة القدم. وربما سيبقى صاحب السمو بعض الأيام الإضافية، بينما تقام مباريات أولمبياد الشباب في بوينس آيرس.

ما طبيعة الاستعدادات القائمة لاستقبال صاحب السمو؟ وما توقعاتكم لنتائج الزيارة؟
لدى الأوساط السياسية والاقتصادية الأرجنتينية توقعات إيجابية للغاية بشأن الزيارة، لأن سموّه أبدى دائماً تعاطفاً مع بلدنا وشعبنا. كما أن الشعبين القطري والأرجنتيني يتبادلان الاحترام والإعجاب. ولهذه الأسباب، من المرجح أن يزور صاحب السمو أمير دولة قطر الكونجرس الوطني، ويحظى باستقبال رسمي من المشرّعين في مدينة بوينس آيرس، بوصفهم «زائرين غير عاديين»، وهو تمييز لم يتلقه سوى عدد قليل من رؤساء الدول والحكومات، بعد اختيار دقيق للغاية.

ما نظرتكم لتطوير العلاقات الثنائية؟
العلاقات الثنائية بين بلدينا ممتازة في جميع جوانبها. على أي حال نحن نحاول أن نجعلها تتطور بطريقة أكثر ديناميكية من خلال العمل المستمر معاً. طموحاتنا هي مضاعفة وتيرة العمل الحالي، وفي أقصر وقت ممكن، وذلك يعني في الأساس تحديد المجالات التي سيتم تطويرها، والتي يمكن أن تكون مفيدة للجانبين في التجارة والاستثمار، ولكن أيضاً في الثقافة والتعليم، ونحن نقوم بذلك بالفعل بسرعة.. إنها ليست مجرد كلمات.
واختياري سفيراً يحمل رسالة واضحة مفادها أن الأرجنتين ترغب في أن تكون نشطة وديناميكية ومحل ثقة، وأن تحقق الأهداف المشتركة مع قطر في أقرب وقت ممكن.

ما الاتفاقيات التي سيتم التوقيع عليها خلال الزيارة؟
نتوقع توقيع اتفاقيات ثنائية، ومذكرات تفاهم، وإعلانات حول النوايا تغطي قضايا ومجالات مثل الصناعة الزراعية، والرياضة، والتعليم، والتبادل الشبابي، والتعاون التقني، والجامعات الوطنية، والمكتبات الوطنية، إلى جانب اتفاقية بين المدن. وسنوقع أيضاً اتفاقية لإعفاء جميع المواطنين القطريين من التأشيرة، دليلاً على الثقة والصداقة بين البلدين.

ماذا عن المبادلات التجارية بين البلدين؟
فيما يتعلق بحجم التجارة بين البلدين، يجب أن نأخذ في الاعتبار أننا تبادلنا افتتاح السفارة في كلا البلدين عام 2013؛ وهي فترة قصيرة للحصول على النتائج المتوقعة. وعلى أية حال، تستمر كل من التجارة والاستثمارات بين البلدين في التزايد السريع سنة بعد أخرى. وتشير المعلومات الأخيرة إلى أنه خلال عام 2017 صدّرنا ما قيمته 20 مليون دولار أميركي، أغلبيتها من نصف المصنوعات الزراعية، والحبوب، والشعير، والفاكهة، والدواجن، واللحوم، والبقية المصنعة من أصل صناعي.
ومن الجانب القطري، ارتفعت الصادرات لتصل إلى 450 مليون دولار من الوقود أساساً، في غضون سنوات قليلة. وانتقلت قطر من كونها مزوّداً صغيراً للغاز الطبيعي المسال إلى الأرجنتين لتصبح الشركة الرئيسية في الوقت الحالي. ونحن نعمل على تحسين وتطوير وتنويع الصادرات والواردات من كلا البلدين. وبالنسبة للأرجنتين، نود أن نكون مزوداً غذائياً ملائماً لقطر. والأهم من ذلك، أن التبادل التجاري بين البلدين في نمو متزايد كل عام بين البلدين، وستكون أكثر ديناميكية حالما يصبح حلم تدشين رحلة مباشرة بين الدوحة – بوينس آيرس حقيقة، ونحن قريبون من تحقيقه.

ما موقف بلادكم من الحصار المفروض على قطر؟
فيما يتعلق بالأزمة الخليجية، فإن موقف الأرجنتين كالآتي: لقد أكدنا من جديد التزامنا بالحل السلمي للخلافات، واحترام القانون الدولي الذي يشمل بالطبع احترام الالتزامات المتعلقة بحقوق الإنسان. لدينا تقليد طويل من التعاون مع جميع الأطراف المعنية ونحن نتوقع حلاً سريعاً للأزمة الخليجية من خلال الحوار. هذه الحالة التي تعيشها المنطقة لا تعود بالفائدة على أية دولة، وتدمر التجارة الحرة. كما أننا أكدنا من جديد التزامنا بأمن الطيران المدني في أية منطقة في العالم.
وخلاصة القول: الوضع ليس جيداً لأي من دول الخليج، ولا بالنسبة لآخرين مثل الأرجنتين؛ لأننا نريد تحسين علاقتنا التجارية مع قطر. ونأمل أن نصل إلى الحل من أجل صالحنا جميعاً.

قطر واجهت الحصار بنضج
ومسؤولية واحترافية

أكد سعادة كارلوس هيرنانديز -سفير جمهورية الأرجنتين- أن قطر تعاملت مع الحصار وواجهت الأزمة بطريقة ناضجة ومسؤولة ومحترفة للغاية، وأبانت عن احترامها للقانون الدولي في جميع المجالات ذات الصلة، كما أنها تعاملت دوماً بحسن النية والكرم في مساعدة الدول في التنمية وكذلك دعم اللاجئين، بالإضافة إلى دعم المبادرات الدولية بشكل مستمر لمكافحة الإرهاب بجميع جوانبه، بما في ذلك غسيل الأموال، على الصعيد الثنائي والإقليمي والدولي.
تستحق قطر احترامنا لعدم الانتقام الذي كان سيزيد الأمور سوءاً في المنطقة. كما أظهرت قطر دبلوماسيتها بالطريقة التي يتوقعها المجتمع الدولي وفعلتها بشكل جيد.

نهج مشترك للبلدين في السعي إلى الوساطة وحل النزاعات

في تقييمه لدور الوساطة القطرية وجهودها لحل النزاعات في العالم، أكد سعادة كارلوس هيرنانديز -سفير جمهورية الأرجنتين لدى دولة قطر- في حوار مع «العرب» أن كلاً من الأرجنتين وقطر دولتان سلميتان وسخيّتان، وهذا يفسّر لما نحن على النهج نفسه في السعي إلى حل النزاعات والمبادرة بالوساطات. كما أن هناك تشابهاً كبيراً في مواقفنا السياسية إزاء القضايا الدولية. وتابع قائلاً: من أجل أن نكون قريبين بشكل أفضل، قمنا بإضفاء الطابع المؤسسي على المشاورات السياسية الثنائية المنتظمة التي يتم تنظيمها في الوقت المحدد، وبانتظام. كما أنشأنا لجنة ثنائية للتجارة والاقتصاد في القضايا الثنائية التي تنعقد ببعض الانتظام للنظر في القضايا الثنائية والدولية. وهذه اللجنة ليست فقط لتبادل وجهات النظر، ولكن أيضاً لتحديد العمل معاً في القضايا ذات الاهتمام المشترك.

تدشين جوي مباشر لـ «القطرية» في أقرب وقت

قال سعادة كارلوس هيرنانديز -سفير جمهورية الأرجنتين- أن السياحة بين البلدين لا تمثل رقماً مهماً في الوقت الراهن بين البلدين، لكنهما تعملان جاهدتين في هذه القضايا على إقامة جميع الاتصالات الممكنة بين الأطراف ومحاولة الوصول بأسرع وقت إلى رحلة الخطوط الجوية القطرية المباشرة بين الدوحة – بوينس آيرس. في الوقت الراهن، لدينا 7 رحلات أسبوعياً للخطوط الجوية القطرية من الدوحة إلى بوينس آيرس والعودة عبر ساو باولو.
ومن المهم لفت الانتباه إلى أن مجتمعنا المحلي ليس بهذه الضخامة، فهناك حوالي 170 شخصاً فقط يعملون بشكل رئيسي في الضيافة. ورغم ذلك، فقد أصدرنا حوالي 460 تأشيرة للسياح القطريين خلال عام واحد فقط.

تجنّب الازدواج الضريبي سيعزز استثمارات القطريين

في حديثه عن أبرز الاستثمارات القطرية في الأرجنتين، أكد سعادة كارلوس هيرنانديز -سفير جمهورية الأرجنتين لدى دولة قطر- أن شركة قطر للبترول قامت باستثمار مهم في الأرجنتين هذا العام يتعلق بالاستكشاف في مجال الهيدروكربونات غير التقليدية، عن طريق الاستحواذ على 30 % في الحصة المرسلة لشركة (Exxon Mobile Argentina)، وهي شركة ذات تراخيص مناسبة لاستكشاف احتياطي (Vaca Muerta) وكان هذا أول استثمار مهم من «قطر للبترول» في مجال الهيدروكربونات غير التقليدية في الخارج. نأمل ألا يكون هذا أعلى قمة جبل الجليد، وأنه مجرد بداية علاقة استثمار مربحة وطويلة الأمد لكلا الجانبين.
وأضاف: هناك العديد من الاحتمالات والخيارات. على سبيل المثال، تضغط الأرجنتين لمضاعفة إنتاجها من الغاز والنفط في فترة 5 سنوات، ونحن بحاجة للعمل في محطة للغاز المسال، ولدينا فرص قوية للاستثمار في المنبع. وتملك هذه الشركة أيضاً حصة بنسبة 12 % في شركة (ADECOAGRO)، وهي شركة صناعية رائدة مع مجموعة متنوعة من المنتجات وتمتلك 435.000 هكتار في الأرجنتين والبرازيل وأوروجواي.
وتابع سعادته قائلاً: بدأنا في استكشاف الاهتمام القطري بالاستثمار في التعدين. في الأساس لدينا احتياطيات جيدة من الذهب والنحاس وكذلك في بعض المجالات الاستراتيجية مثل الليثيوم، والتي لها طلب كبير على الصعيد الدولي وذات قيمة عالية. إنه مورد نادر في العالم، والأرجح أن الأرجنتين تمتلك ثاني أكبر احتياطي في العالم، كما أن لديها احتياطيات مهمة للغاية من الموارد الاستراتيجية للكوبالت التي تعدّ أكثر قيمة من الليثيوم في السوق الدولية.
وخلص إلى القول: على أي حال، نحن على يقين من أن التجارة والاستثمارات ستتعزّز بمجرد أن تصادق الأرجنتين على المعاهدة الثنائية بشأن الاستثمار ومعاهدة تجنب الازدواج الضريبي. وسيحدث ذلك قريباً.
وختم قائلاً: هناك إمكانيات تعاون أخرى في قطاع الطاقة، يمكن أن تكون مرتبطة بالطاقة المتجددة؛ حيث أصبحت الأرجنتين النجم الجديد في الساحة الإقليمية والدولية، خاصة في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المائية. لقد وصلت بالفعل الاستثمارات لآلاف الملايين من الدولارات الأميركية إلى بلدنا في العام ونصف العام الماضيين.

ندعم جهود قطر لإقامة مونديال تاريخي

قال سعادة كارلوس هيرنانديز -سفير جمهورية الأرجنتين- لـ «العرب»، إنه يعمل على التحضير لعدد من الفعاليات المشتركة في المجال الرياضي بين البلدين، بما يروي شغف القطريين الكبير بالرياضة، وكرة القدم على وجه التحديد؛ مؤكداً أن بلاده التي تمتلك تاريخاً عريقاً في كرة القدم، ستدعم قطر لإقامة مونديال تاريخي ناجح بكل المقاييس.
وأبدى سعادة السفير سعادته بمشاركة قطر المرتقبة في بطولة كأس أميركا إلى جانب منتخبات عملاقة في كرة القدم، ممثلة في الأرجنتين والبرازيل والبيرو والأوروجواي، وغيرها.
ونوّه إلى أنه يسعى جاهداً إلى تنظيم مباراة في كرة القدم بين نادي بوكا جونيور الأرجنتيني وأحد النوادي القطرية، الذي قد يكون نادي السد بدرجة كبيرة.
كما أكد سعادته أن يقوم باتصالات مكثفة للتحضير لإحدى الفعاليات الرياضية المشتركة بين البلدين، في إحدى أشهر الرياضات في الأرجنتين، بعيداً عن كرة القدم.;