مستقبل إدلب.. بين أجراس المتظاهرين وطبول المتقاتلين

علاء الدين عرنوس-إدلب

تحت شمس ظهيرة الجمعة الماضي، انضم ياسر إلى مئات من المتظاهرين في ساحة الشهداء وسط إدلب، بعد أن اعتذر رفاقه عن المشاركة في المظاهرة التي بدت أقل زخماً من مثيلاتها في الأسابيع الماضية رغم ضخامة الأعلام المتدلية من الشرفات المطلة على الساحة وما سبقها من جهود لحشد المتظاهرين.

ولولا تدخل القدر، لكان هذا الشاب العشريني ضحية انفجار سيارة مفخخة في شارع الثلاثين، حيث قُتل ناشط وجرح آخرون، وذلك في منتصف الطريق بين أكبر مساجد المدينة وموقع التظاهر، وبفارق لا يزيد على نصف ساعة.

“ماذا لو انفجرت بنا في موقع التظاهر؟” هكذا تساءل ياسر بغضب وهو يشير إلى عدد من الأطفال بين جموع المتظاهرين، وسط ساحة الشهداء التي اتخذت اسمها الجديد خلال سنوات الثورة بعدما شهدت قمع قوات النظام للمتظاهرين الذين هتفوا لحريتهم.

الناشط ياسر خلال مشاركته في مظاهرة الجمعة (الجزيرة)

رغم المخاطر
ومع عودة زخم المظاهرات إلى الشارع، أصبح مألوفا أن تشاهد الأطفال يرافقون آباءهم إلى الساحات كل جمعة، دون أن يكترثوا لتهديد سلامتهم في أحد أكثر بلدان العالم خطورة.

ويعلق أبو حكمت الذي اصطحب ابنه قائلا “لقد اعتدنا الموت ولم نعد نهابه، ولهذا نواجه أعداء ثورتنا حتى آخر رمق”، واصفا مفتعلي الفوضى الأمنية “بالجماعات العميلة المرتبطة بالنظام”، دون أن يسميها.

لكن لياسر رأيا آخر تجاه الفوضى الحاصلة في معقل المعارضة الأخير، ويرجع السبب إلى غياب دولة قانون يعترف بها الجميع، ويتهم النظام وأتباعه بالدرجة الأولى، فضلاً عن الدول التي لا تبالي بأرواح السوريين، حسب رأيه.

وبصورة عامة تتولى السلطات المحلية في مناطق التظاهر حماية المدنيين وتطوق أماكن التظاهر تحسباً لأي هجمات، غير أن الخروق الأمنية وسط المعارضة لا تزال مستمرة، وامتدت منذ منتصف العام لتطول وجهاء وناشطين وعمالاً في المجال الإنساني والطبي بعد أن اقتصر أغلبها على العسكريين والتجار.

القاضي حميدي تعرض للخطف من قبل مجهولين (الجزيرة)

اختطاف واغتيال
عشية الجمعة الماضي، أطلق خاطفون سراح القاضي محمد نور حميدي، وهو استشاري قانوني في النزاعات الدولية، مقابل مبلغ خمسين ألف دولار، بعد احتجاز استمر عشرين يوما تعرض خلالها للتعذيب الجسدي.

ورغم أن الحادثة أعطت انطباعاً جنائياً هدفه السلب، فإن ناشطين أشاروا إلى جماعات بعينها تلجأ إلى الخطف مقابل الفدية لتمويل أنشطتها، مستغلة الخلافات الفصائلية وغياب القانون، وتستهدف بالدرجة الأولى الفئات التي لا تتمتع بالحماية الأمنية.

وفي حديث للجزيرة نت اعتبر القاضي حميدي أن أطرافاً داخلية وخارجية أغاظها نجاح الثورة في توحيد كلمتها أمام تهديدات نظام الأسد وداعميه، وطالب بوضع حماية المدنيين فوق كل اعتبار.

وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان في أحدث تقاريره أن الاغتيالات طالت 320 مدنياً في مناطق الشمال التي تضم محافظة إدلب وريفي حماة وحلب، حيث تمثل حوادث الخطف والاغتيال مع تهديد النظام باجتياح إدلب قلقاً مزدوجاً لأغلب السكان والمهجرين.

ضد مجهول
وتتعدد روايات المدنيين عن حوادث الاختطاف والتصفية، بينما يحل عناصر الفصائل والعاملون في الفرق الإنسانية على رأس القائمة، دون أن تتضح ملابسات اختطافهم، وكثيراً ما تفضي تحقيقات المحاكم المحلية إلى نتائج سلبية.

ومعظم من التقتهم الجزيرة نت من ذوي المخطوفين أبدوا تكتماً شديداً على مستقبلهم، إذ يقول يوسف -المقيم بمخيم للنازحين- إن الخاطفين لم يكفوا عن التفاوض مع أسرته مقابل الإفراج عن عمه، وهو أحد وجهاء عشائر ريف حمص والمختطف منذ أكثر من شهر، ويضيف “إن استفزاز الخاطفين قد يتسبب في نتائج غير محمودة، فقط نسعى لجمع خمسين ألف دولار لدفع الفدية”.

ويؤكد ياسر أنهم سيخرجون للتظاهر في الجمعة القادم، وأن “أجراس الحرية ستقرع رغم طبول الحرب”، قبل أن تنتهي مظاهرة الجمعة ويقفل عائداً إلى بيته عبر شارع الثلاثين.

المصدر : الجزيرة

كلمات مفتاحية:

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *