«beIN» تبدأ إجراءات تحكيم استثماري بقيمة مليار دولار ضد السعودية

أعلنت «beIN» -المجموعة الإعلامية العالمية للرياضة والترفيه- أمس، أنها أطلقت تحكيماً دولياً استثمارياً ضد المملكة العربية السعودية بقيمة مليار دولار، بعد إخراجها بشكل غير قانوني من السوق السعودي، وتعرّضها لما وُصف بأنه «أكبر عملية قرصنة للبث الرياضي يشهدها العالم».
وهذه أول قضية تحكيم استثماري تتعلق بعملية قرصنة بث غير قانونية تدعمها دولة. وأطلقت «beIN» هذا التحكيم في أعقاب الإدانة العلنية الواسعة لقناة القرصنة «beoutQ»، التي تتخذ من السعودية مقراً لها، والتي نظمت -جنباً إلى جنب مع القمر الصناعي «عربسات» ومقره الرياض- حملة قرصنة لبرامج الرياضة والترفيه الدولية طوال العام الماضي. وقد اتخذت المملكة العربية السعودية -بعد تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع قطر في يونيو 2017- سلسلة من الإجراءات المسيئة، والتي استهدفت بشكل خاص مجموعة «beIN» العالمية، وذلك بهدف إخراج المجموعة -التي تتخذ من قطر مقراً لها- من سوق البث المحلي، وتدمير قيمة استثماراتها في المملكة. وتضمنت تلك الإجراءات الأحادية وغير القانونية إلغاء حق «beIN» القانوني في العمل على أراضي المملكة، ومنع بث قنوات «beIN»، وحظر استيراد وتوزيع أجهزة استقبال «beIN»، وتعليق المعاملات النقدية كافة مع «beIN»، وحجب المواقع الإلكترونية ومركز اتصالات «beIN».
انتهاك
وبالإضافة إلى هذه الإجراءات، انتهكت المملكة العربية السعودية بشكل فاضح القانون والأعراف الدولية، بدعمها النشط لقناة القرصنة التلفزيونية المتطورة المسماة «beoutQ»، والتي تسرق بشكل شبه يومي محتوى إعلامياً مملوكاً لقناة «beIN»، إلى جانب محتوى خاص بقنوات تلفزيونية دولية أخرى مثل «NBCUniversal Telemundo» و»ELEVEN SPORTS»، وتوفره بشكل غير قانوني على قناتها وعلى الإنترنت.
وقد وقعت الكثير من العلامات التجارية العالمية الرائدة في مجال الرياضة والترفيه ضحية لهذه القرصنة المدعومة من السعودية، ومنها استوديوهات أفلام في هوليوود، ودوري كرة السلة الأميركي للمحترفين (NFL)، و»الفورمولا 1»، والألعاب الأولمبية، إلى جانب اتحادات ودوريات كرة القدم والتنس في العالم، بما فيها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، والدوري الإنجليزي الممتاز، والدوري الإسباني. وقد دفع ذلك بالاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA)، في خطوة متميزة، إلى تعيين مستشار قانوني في شهر يوليو الماضي؛ لاتخاذ إجراءات قضائية في المملكة العربية السعودية. كما تفكر جهات أخرى في اتخاذ إجراءات مماثلة وتنديد التسييس الرياضي بالسعودية.
ونتيجة الإجراءات التعسفية والتمييزية التي نفّذتها المملكة العربية السعودية ضد «beIN» على وجه التحديد -والتي شملت أيضاً تدابير قانونية لا أساس لها من الصحة تتعلق بمخالفة قانون المنافسة، ومضايقات مستمرة لموظفي «beIN»، وتعطيل فعاليات رياضية كبرى لـ «beIN»- تكبّدت الأخيرة على أثرها خسائر تتجاوز مليار الدولار، وتتزايد هذه الخسارة يوماً بعد يوم. وتسعى «beIN»، من خلال التحكيم الاستثماري الذي طلبته، إلى الحصول على تعويض كامل عن هذه الأضرار.
وقد قُدّم هذا التحكيم وفقاً لاتفاقية منظمة المؤتمر الإسلامي (اتفاقية تعزيز وحماية وضمان الاستثمارات بين الدول الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي)، ومعاهدات الاستثمار الثنائية، وقواعد «الأونسيترال» للتحكيم.
منظمة التجارة
ومؤشراً على تزايد عدد المطالبات القانونية الكبيرة التي تُقدّم ضد المملكة العربية السعودية لمساندتها «beoutQ»، رفعت دولة قطر قضية في وقت سابق أمس أمام منظمة التجارة الدولية في جنيف، على أساس العديد من الانتهاكات الجسيمة من جانب المملكة العربية السعودية لالتزاماتها بموجب اتفاقية المنظمة حول الجوانب التجارية لحقوق الملكية الفكرية (اتفاقية «تريبس»). ويمكن أن يؤدي عدم امتثال المملكة العربية السعودية لاتفاقية «تريبس» إلى قيام منظمة التجارة الدولية باتخاذ إجراءات تجارية ضدها.
وفي حين أكدت الحكومة السعودية أنها بذلت «جهوداً حثيثة» لمكافحة القرصنة، فإن الحقيقة هي أن أجهزة استقبال بث «beoutQ» تُباع على نطاق واسع وبشكل علني في المملكة العربية السعودية، من قبل تجار يخضعون لنظام هيئة التنظيم السعودية (GCAM)، كما أن قنوات «beoutQ» تُعرض في المقاهي والفنادق والمطاعم وصالات المطار والأماكن العامة والمنازل في جميع أنحاء البلاد.
مراقبة خاصة
في وقت سابق من هذا العام، وللمرة الأولى منذ أكثر من 10 سنوات، وضعت حكومة الولايات المتحدة الأميركية المملكة العربية السعودية في قائمة المراقبة الخاصة 301 لعام 2018، مشيرة إلى المخاوف من تدهور بيئة حماية الملكية الفكرية هناك. وقد تزايدت الضغوطات على المملكة العربية السعودية في شهر أغسطس عندما أكدت 3 من كبرى الشركات العالمية الرائدة في مجال الأمن الرقمي وحلول الإعلام والتكنولوجيا -وهي «Cisco Systems»، و»NAGRA and Overon»- وبشكل قاطع، أن «beoutQ» تُوزّع على شركة القمر الصناعي «Arabsat»، والتي تتخذ من الرياض مقراً لها. وقد أدى هذا التأكيد إلى مزيد من الإدانة الدولية للقرصنة السعودية المستمرة، من قبل وسائل الإعلام وأصحاب الحقوق الرياضية الكبرى في العالم. ومع ذلك، تسعى المملكة العربية السعودية إلى تشجيع الهيئات الرياضية والترفيهية العالمية على دخول سوقها.
استغلال غير عادل
وتعليقاً على إطلاق التحكيم الاستثماري ضد المملكة العربية السعودية، قالت صوفي جوردان، المديرة التنفيذية للشؤون القانونية والمستشار العام لمجموعة «beIN» الإعلامية: «بعد محاولات فاشلة لحل هذا النزاع من خلال الحوار، اضطررنا الآن إلى طلب التحكيم بسبب الحملة السعودية المنسقة لمنع (beIN) من العمل في البلاد، على الرغم من أن (beIN) لها الحق القانوني والتجاري للقيام بذلك. فنحن شركة بث عالمية محترمة تقدّم لملايين العملاء حول العالم برامج عالية الجودة. من الواضح تماماً أننا نُستغل بشكل غير عادل في نزاع إقليمي أوسع. لكن لهذه القضية آثار تتجاوز (beIN). فمن خلال (beoutQ)، خلقت المملكة العربية السعودية وباء القرصنة، وما لم يتخذ قطاع الرياضة والترفيه والبث بأكمله موقفاً ضد هذا الوباء، فإن تأثيره سيكون مدمراً ولا رجعة فيه».
وقال ديفيد روني، الشريك في شركة المحاماة الدولية سيدلي أوستن (LLP)، الذي يقود التحكيم الاستثماري نيابة عن «beIN»: «تسعى (beIN) إلى إنصافها من التدابير العديدة غير المشروعة التي اتخذتها المملكة العربية السعودية بحقها، والتي أدت إلى استبعاد هذه المؤسسة الإعلامية الناجحة من البلاد، وتقديم الدعم للقرصنة المتطورة للمحتوى الإعلامي الخاص بـها. تُعدّ القرصنة مشكلة رئيسية تواجه قطاعات الرياضة والبث، ومن خلال دعم الانتهاك الشائن والواسع النطاق لحقوق الملكية الفكرية الخاصة بشركة (beIN) وشركائها، تؤسس المملكة العربية السعودية لسابقة خطيرة جديدة، وستتّبع (beIN) كل الوسائل القانونية المتاحة؛ لحماية حقوقها، وتأمين التعويض الكامل لقاء الأضرار التي لحقت بها».;

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *