خطاب صاحب السمو في الأمم المتحدة غداً.. رسالة سلام وثوابت راسخة

تأكيدا على تأييد دولة قطر ودعمها الكامل للمؤسسات والأجهزة الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة وأهدافها السامية ورسالتها النبيلة، يترأس حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى وفد دولة قطر في اجتماعات الدورة الثالثة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة التي تبدأ في مدينة نيويورك غداً الثلاثاء، وسيلقي سموه حفظه الله خطابا في الجلسة الافتتاحية للجمعية العامة للأمم المتحدة من المنتظر أن يتناول ثوابت السياسة القطرية، وأبرز القضايا والملفات على الساحتين العربية والدولية ومواقف دولة قطر حيالها.

وتأتي مشاركة سمو الأمير المفدى في اجتماعات هذه الدورة حرصا من سموه حفظه الله على حضور ومشاركة دولة قطر في كافة الأنشطة والفعاليات والحوارات واللقاءات الدولية وعلى كافة المستويات والتي تهدف في المقام الأول للتشاور وتبادل الآراء ووجهات النظر تجاه القضايا والموضوعات والملفات الساخنة على الساحتين الاقليمية والدولية. ومناقشة سبل التصدي للتحديات التي تواجه البشرية والتنمية في جميع أنحاء العالم، وإحلال السلام وكفالة حقوق الإنسان في كل مكان.

وتدلل مشاركة سمو أمير البلاد المفدى المتكررة في افتتاح دورات الجمعية العامة للأمم المتحدة كل عام ، على حرص سموه على نقل الصورة المشرفة والمشرقة لدولة قطر وشعبها، ومسيرتها الحضارية الناجحة، وعلاقاتها المتميزة مع مختلف الدول والشعوب، ووضعها أمام قادة وممثلي مختلف دول العالم.
وهذه هي المرة الثانية التي يتحدث فيها سمو الأمير من على منبر الأمم المتحدة بينما تتعرض بلادنا لحصار جائر فرضته دول شقيقة وأرفقته ومهدت له بحملة افتراءات واتهامات زائفة وباطلة لم يصدقها أحد، وعلى الرغم من هذا الحصار الجائر فقد استطاعت بلادنا أن تتجاوز آثاره،بفضل من الله وتكاتف والتفاف شعبنا حول قيادته، وصموده وصلابته وتمسكه بسيادة قطر وقرارها المستقل، وبفضل التخطيط الاقتصادي والاستراتيجي وعلاقاتها الدبلوماسية الراسخة مع مختلف الدول والمؤسسات الدولية. 

ولم تقف قطر عند حدود تجاوز الحصار وتداعياته بل نجحت أيضا في الانطلاق نحو آفاق رحبة من التلاحم والتكاتف والإبداع والانتاج، واستطاعت تحويل محنة الحصار إلى منحة وفرصة فجرت الطاقات الكامنة في نفوس القطريين وكل من يعيش معهم على هذه الأرض الطيبة بحيث أصبحت تزرع وتصنع وتنتج الكثير من احتياجاتها الغذائية والصناعية والاقتصادية بشكل نال إعجاب وتقدير كل المخلصين والمحبين لهذا الوطن.

وعلى الرغم من كل الجروح والألم الذي لحق بشعبنا جراء هذا الحصار ستبقى قطر دائماً حريصة على انتهاج الحوار سبيلا لحل وتسوية أي خلافات بعيداً عن الضغوط والإملاءات والشروط ،وعلى أساس الاحترام المتبادل والتعهدات المشتركة.

ومما لاشك فيه أن كلمة سمو الأمير المفدى أمام الجمعية العامة للمنظمة الدولية ،هي فرصة للتأكيد مجددا على كل القيم والمبادئ السلمية والإنسانية التي تؤمن بها بلادنا وتسير على نهجها ، من أجل تحقيق السلام والأمن والاستقرار والتنمية في كافة أرجاء المعمورة. كما تتيح كلمة سمو أمير البلاد المجال لنقل وتأكيد حقيقة الموقف القطري الذي يتعرض لحملة من الأكاذيب والافتراءات التي تحاول إلصاق تهمة الإرهاب بدولة قطر، بينما الحقيقة الناصعة هي أن بلادنا تحرص أشد الحرص على العمل والتعاون مع مختلف أجهزة الأمم المتحدة ذات الصلة بمكافحة الإرهاب،وقد انتهجت لهذه الغاية نهجا شاملا ينطوي على ترسيخ ثقافة السلام والتسامح والحوار بين الحضارات والثقافات والأديان.

وفي الوقت الذي تدين فيه بلادنا كافة أشكال التطرف والإرهاب، فإنها تحرص على أهمية التمييز والتفريق بين الإرهاب وبين كفاح الشعوب ونضالها المشروع لنيل حقوقها واستقلالها كما ترفض دولة قطر التعامل مع هذه الظاهرة بمعايير ومكاييل مزدوجة أو حسب هوية مرتكبيها.

ويشهد المجتمع الدولي بأسره على جهود دولة قطر ودورها في مكافحة الإرهاب، وكانت أحدث الشهادات في هذا الإطار إشادة وزارة الخارجية الأمريكية قبل أيام، بالجهود التي بذلتها دولة قطر في مكافحة الإرهاب وتمويله على مدى العام الماضي، وقالت في تقريرها السنوي إن قطر تعد شريكا هاما ونشطا في هذا المجال مع كل من الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والاقليمية، بجانب قيامها بتنفيذ استراتيجية لمكافحة التطرف العنيف عبر النهوض بالتعليم في المجتمعات الفقيرة.

ومن المنتظر أن يجدد الخطاب الذي سيلقيه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى أمام الجلسة الافتتاحية للجمعية العامة غدا مواقف دولة قطر الثابتة والراسخة تجاه القضايا والحقوق العربية والاسلامية والدولية وسبل تسوية الصراعات التي يموج بها العالم، وفي هذا السياق تؤمن دولة قطر أن قضايا الشرق الأوسط هي أكثر القضايا تهديدا للأمن والسلم الدوليين، لما لهذه المنطقة من أهمية حيوية للعالم.

كما تؤمن بأن القضية الفلسطينية في مقدمة القضايا الملحة، فهي قضية عادلة، لا يمكن تأجيل حلها للأجيال والعقود المقبلة.

وترى دولة قطر أن تحقيق تسوية عادلة ودائمة للقضية الفلسطينية لابد وأن تقوم على أساس إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، كما تؤمن قطر أن غطرسة القوة لن تقهر مقاومة الشعب الفلسطيني، وأن على إسرائيل أن تعي أن أمنها لن يتحقق إلا من بوابة السلام، وأن الاحتلال مصيره إلى الزوال.

كما تقف دولة قطر مناصرة لقضية الشعب السوري وتطالب بالعمل الجاد من أجل التوصل إلى حل سياسي لهذه القضية بشكل يلبي تطلعات الشعب السوري للعدالة والكرامة والحرية، ويحفظ وحدة سوريا وسيادتها، كما تدعو دولة قطر المجتمع الدولي للتعاون والعمل للحيلولة دون إفلات مجرمي الحرب أينما كانوا من المحاسبة والعقاب.

وفي الشأن اليمني تؤكد دولة قطر في كل المحافل والمناسبات على أهمية المحافظة على وحدة اليمن وتحقيق أمنه واستقراره، وإنهاء حالة الاقتتال والحرب وتبني الحوار والحل السياسي والمصالحة الوطنية كأساس لإنهاء هذ الأزمة وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

وتدعو دولة قطر لبذل كافة الجهود لحل القضية الليبية بشكل يحافظ على وحدة ليبيا وسيادتها ونسيجها الاجتماعي ويعيد لها الاستقرار، بتضافر الجهود المحلية والدولية. 

ولأن حفظ السلم والأمن الإقليمي والدولي يمثل أولوية في السياسة الخارجية لدولة قطر والتي تستند في مبادئها وأهدافها إلى ميثاق الأمم المتحدة وقواعد الشرعية الدولية، فإن من المنتظر أن تتطرق كلمة سمو الأمير إلى قضايا أخرى خارج المنطقة العربية، ومنها قضية العنف ضد أبناء أقلية الروهينجيا وتوفير الحماية لهم وإعادة النازحين منهم إلى موطنهم ومنع التمييز الطائفي أو العرقي ضدهم، وضمان حصولهم على كامل حقوقهم المشروعة كمواطنين كاملي المواطنة، وتقديم المساعدات الإنسانية لهم، حتى لا تترك الشعوب التي تتعرض للقمع والقهر لتواجه مصيرها وحدها ،وحتى لا تسود الساحة الدولية شريعة الغاب والبطش. 

ومن المؤكد أن خطاب سمو الأمير المفدى في الأمم المتحدة سوف يعكس تمسك قطر بثوابتها ومبادئها وستواصل سياساتها المحلية والإقليمية والدولية وفق مبادئ السلام والقانون الدولي، ولن تألو جهداً في العمل على تعزيز دور وجهود الأمم المتحدة الرامية لتحقيق ما ينشده المجتمع الدولي من سلم وأمن، وتعزيز حقوق الإنسان والدفع بعجلة التنمية، وستواصل جهودها في الوساطة لإيجاد حلول عادلة في مناطق النزاع بالسبل السلمية، حيث يقع ذلك في صميم اولوية السياسة القطرية. 

كما أن دولة قطر ستبقى حريصة على حماية حقوق الإنسان في كل مكان، وقد بات ذلك خيارا استراتيجيا لها ويشكل العمود الفقري لسياسة الإصلاح الشامل التي تنتهجها، وقد انعكس ذلك على سياستها الخارجية، من خلال المسارعة في تقديم المعونات الإنسانية والدعم المطلوب لكافة المتضررين في المناطق المنكوبة في أنحاء العالم كافة دون استثناء، حتى بات العمل الإنساني القطري وسيظل مثالا يحتذى به في العالم وله بصمات واضحة جعلت منه منارة للإنسانية، وبلسما يداوي جراح المنكوبين والمعوزين في كل البقاع والقارات.
;

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *