مهرجان القدس.. متنفس ثقافي بمدينة يخنقها الاحتلال

أسيل جندي-القدس

“يا صخرة المعراج شيدك الوليد، وصار يحمي عرضك المهتوك في القدس القديمة، يا حبيبة الفقراء، أطفال الوليد.. في كل محراب جريح نازف وعلى زوايا كل مصطبة شهيد.. وزجاجك المجروح في شرفاته لا بد يوما أن يعود إلى التوهج من جديد.. فإلى جنان الخلد من سقطوا إلى أعلى ورووا بالدماء الزاكيات تراب أقصانا المجيد، وإلى جهنم كل من قالوا (نعم) للتسويات العار، ما دام الصغار الأبرياء لدى مخيمات الجوع تهتف (لا نريد)”.

هذه العبارات جزء من قصيدة “وسيبقى المسجد الأقصى” للشاعر المقدسي فوزي البكري كتبها عام 1982 بعد إطلاق “ألن غوتمان” الرصاص على المصلين في قبة الصخرة المشرفة وساحات الأقصى، وهبة أهالي المدينة المحتلة من مسلمين ومسيحيين للدفاع عن المسجد في ذلك اليوم.

هذه القصيدة بالإضافة إلى 64 قصيدة أخرى جمعها مركز يبوس الثقافي في إصدار حمل عنوان “فوزي البكري.. قيثارة تحت نافذة القدس” وأطلقه في أمسية أدبية ضمن فعاليات مهرجان القدس الذي ينظمه المركز على مدار ستة أيام بالمدينة المحتلة.

وكان من اللافت عدم حضور الشاعر فوزي البكري الذي نُظمت الأمسية لإطلاق كتاب عن أعماله الشعرية، وعن سبب ذلك قال مدير البرامج في المركز خالد الغول -الذي كان له ورقة عن تجربته في العمل على إطلاق الكتاب حملت عنوان “صوت الغلابى”- إن الشاعر البكري استثنائي، ولطالما اختار أن يبقى في الظل.

مدير البرامج في مركز يبوس الثقافي خالد الغول (الجزيرة)

شاعر استثنائي
وتطرق الغول لردة فعل الشاعر التلقائية عندما تلقى اتصالا لإبلاغه بأنه مُنح جائزة القدس للثقافة والإبداع لعام 2018 من اللجنة الوطنية للقدس عاصمة دائمة للثقافة العربية، حيث قال “ما زلت متفاجئا حتى الآن، أنا الذي كتبتُ عن قضية التعتيم في ديواني، وعن الذين يعتلون العروش في المؤسسات الثقافية ثم يصيرون طغاة أحصل على جائزة! لا بد أن خللا قد حدث، أو أن خللا قد أُصلح.. أيهما؟ لست أدري”.

وخلال الأمسية الأدبية التي لم يحضرها صاحبها تحدث كل من خالد الغول وصبري الصفدي صديق الشاعر عن الإصدار، ورددا مرارا اللقب الذي يحب الشاعر أن يلقب به “صعلوك القدس القديمة”. كما غنى الفنان المقدسي كنعان الغول وعزف على آلة العود زجليات للشاعر البكري، وسط حضور مقدسي لافت من كافة الفئات العمرية.

جانب من الأمسية الأدبية “قيثارة تحت نافذة القدس” (الجزيرة)

هذه الأمسية الأدبية واحدة من أربع أمسيات أخرى يضمها مهرجان القدس هذا العام، الذي رفع القائمون عليه شعار “أصوات الحرية”. وقال الغول إن المركز يعمل على إصدار سلسلة كتب لأدباء وكتّاب لم يتم التطرق لهم أو نشر أعمالهم من قبل، كما يحرص على تشجيع المواهب الشابة التي خصصت لها أمسية في المهرجان.

وحرص مركز يبوس على تنوع الفعاليات التي تشارك بها فرق فنية وفنانون وموسيقيون وراقصون فلسطينيون وعالميون، إلى جانب فعاليات فنية متنوعة تحمل بعدا ثقافيا وطنيا يعبر عن مبادئ وقيم تشكل جوهر الثقافة الوطنية، ويعزز القدرة على الصمود والاستمرار لحمل مشاعل البقاء في القدس.

معرض صور “يبوس وسنوات من النقش” ضمن فعاليات مهرجان القدس (الجزيرة)

تعزيز الصمود
مديرة مركز يبوس الثقافي ومديرة المهرجان رانيا إلياس قالت في حديثها للجزيرة نت إنه من المهم جدا تنظيم الفعاليات الثقافية على مدار العام في القدس للمحافظة على الوجود الفلسطيني، ولخلق حالة ثقافية في المدينة المحتلة تعزز مفاهيم الصمود والهوية.

وتطرقت رانيا لانضمام مئة متطوع ومتطوعة في تنظيم فعاليات المهرجان، مشيرة إلى أهمية إشراك الشباب في هذه الأنشطة.

مديرة مركز يبوس الثقافي ومديرة مهرجان القدس رانيا إلياس (الجزيرة)

وعن مدى إقبال الجمهور على عروض المهرجان قالت إن تنوع برنامج الفعاليات بين المسرح والموسيقى والرقص وإطلاق الكتب والسيرك والفنون والتراث، لاقى استحسانا لدى الجمهور. وأضافت أنهم تفاجؤوا بالإقبال الكبير على شراء تذاكر العروض من كل من مدينة رام الله والداخل المحتل، إذ تغلق شبابيك بيع التذاكر بعد ساعات قليلة على افتتاحها كل يوم.

يذكر أن المهرجان انطلق بافتتاح قاعة الراحل فيصل الحسيني بحضور رسمي وشعبي بعد ترميم للقاعة استمر خمس سنوات.

المصدر : الجزيرة

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *