الشبكات الاجتماعية من نشر الديمقراطية إلى محاربتها

تحولت وسائل التواصل الاجتماعي من أداة لنشر الديمقراطية، كما حدث في ثورات الربيع العربي، إلى وسيلة لمحاربتها كما حدث في الانتخابات الأميركية. هذا ما تعتقده الكاتبة زينب توفكجي في مقالها بموقع “تكنولوجي ريفيو”.

وبحسب المقال، فإن هناك خمسة أسباب رئيسية أوصلت إلى هذه الحالة، تتمثل في ضعف سلطة التدقيق المتبعة في وسائل الإعلام التقليدية، وتغول شركات التواصل الاجتماعي، وانهيار الصحافة المحلية، وقوة التأثير والوصول للجمهور المستهدف، وأخيرا ضعف البنية التحتية للأمن الرقمي في الولايات المتحدة.

وترى الكاتبة أن البداية كانت في 2008 عندما استعملت حملة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما وسائل التواصل الاجتماعي لربط المرشح الديمقراطي بقاعدته الجماهيرية في الولايات، ونالت بذلك استحسان الجميع لقدرتها على توظيف التكنولوجيا للوصول إلى الجمهور.

حملة أوباما كانت ناجحة في استخدام الشبكات الاجتماعية للوصول إلى الجمهور (رويترز)

واستغلت الشبكات الاجتماعية الفترة التي تلت ذلك، ونمت بشكل متسارع، وبدون رقابة، وتمكنت من الحصول على المزيد من المعلومات حول الجمهور، ولم تعد مجرد قنوات محايدة ينتقل عبرها الخبر، بل أصبحت توجه الجمهور للأخبار التي تشدهم وتجعلهم متعلقين بتطبيقاتها، كل هذا دون وجود رقابة على ما ينشر أو ما يتم جمعه من قِبَلها.

ويضيف المقال أن الذي عزز هذا الاتجاه هو انهيار الصحافة المحلية التي كانت تمثل خط دفاع في وجه الأفكار والأخبار المغلوطة، والتي أصبح بالإمكان نشرها عبر منصات التواصل الاجتماعي بسهولة؛ مما أدى إلى تحول تلك المنصات لأداة في يد فئة من السياسيين لا يترددون في طرح أفكارهم مباشرة من خلالها.

حملة ترامب تفوقت باستخدام فيسبوك (رويترز)

فالرئيس الأميركي دونالد ترامب استخدم تويتر لجذب الانتباه، وتفوقت حملته أيضا باستخدام فيسبوك، وبرز دور الأدوات الرقمية بشكل ملحوظ في الاضطرابات السياسية في جميع أنحاء العالم في السنوات القليلة الماضية، مثل تصويت بريطانيا لمغادرة الاتحاد الأوروبي، ومكاسب اليمين المتطرف في ألمانيا والمجر والسويد، وأماكن أخرى.

وبحسب الكاتبة، فإن كل هذا ما كان يحدث لو أن البنية التحتية للأمن الرقمي للولايات المتحدة الأميركية قللت من غرورها واعتقادها بأنها صعبة الاختراق، ولذلك لم تجد حاجة لإصلاح نقاط الضعف أو تعزيز أمن الحاسوب بشكل عام.

وتقول توفكجي إنه نتيجة لذلك تمكنت روسيا من استغلال الأمن الرقمي الضعيف للولايات المتحدة لتخريب المناقشة العامة حول انتخابات عام 2016، وغمرت القنوات الإعلامية التقليدية بمحتوى غير ذي صلة في الغالب؛ لذلك لم تحصل حملة ترامب ولا كلينتون على التدقيق الإعلامي الذي تستحقه.

ما الحل؟
تعتقد الكاتبة أن الحل يجب أن يبدأ بأن تنتهي الرقابة الرقمية بشكلها الحالي بحيث لا يُسمح لشركات التواصل الاجتماعي بجمع كل هذا الكم من المعلومات عن الجمهور.

لكنها تقول إن التقنيات الرقمية ليست السبب الوحيد لما وصلنا إليه، فإذا كان الاتصال الرقمي وفر الشرارة، فعملية الاشتعال تمت لأن بذور التخريب كانت موجودة بالفعل في كل مكان. مؤكدة أن الطريق إلى الأمام لا يتمثل في الرجوع إلى الطرق التقليدية في نشر المعلومات أو مثالية الربيع العربي.

وتختم الكاتبة بأن الحل يكون بمعرفة كيف يجب أن تعمل مؤسساتنا في القرن 21، وليس فقط التكنولوجيا الرقمية، بل السياسة والاقتصاد أيضا، وهذه المسؤولية لا تقع على عاتق روسيا أو فيسبوك أو تويتر، بل على عاتقنا نحن.

المصدر : مواقع إلكترونية

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *