تفجيران بأفغانستان.. تصعيد للجماعات المسلحة وأسئلة معلقة

ناصر شديد-كابل

تصاعد نوعية الهجمات في أفغانستان الأسبوع الماضي يحمل في طياته تحولا لافتا لدى المجموعات المسلحة، إذ تبنى تنظيم الدولة الإسلامية هجوما انتحاريا داخل قاعدة عسكرية، كما قتل علماء دين بتفجير آخر استهدف احتفالا بالمولد النبوي.

ووقع التفجير في قاعدة بولاية خوست (جنوب شرقي أفغانستان) أثناء أداء الجنود صلاة الجمعة في مسجد داخل قاعدة، وأودى التفجير بحياة ثلاثين عسكريا وجرح أكثر من ثمانين، بينهم ضباط كبار.

وقبل هجوم القاعدة، استهدف التنظيم الثلاثاء الماضي احتفالا دينيا داخل قاعة أفراح وسط العاصمة كابل بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف بتفجير راح ضحيته 55 شخصا وأصيب 94 آخرون، معظمهم من علماء الدين وأئمة المساجد وطلاب العلم الشرعي.

وتفيد معلومات الأمن الأفغاني بأن انتحاريين فجرا نفسيهما في كلا الحادثين؛ ففي هجوم خوست وقع التفجير أثناء إقامة صلاة الجمعة، بينما في الاحتفال الديني كان مع بدء قراءة القرآن الكريم إحياء لذكرى المولد النبوي، وهو تفجير غير مسبوق لطبيعة الاحتفال ونوعية المستهدفين.

شاهد عيان
مولاداد خالقي شاهد عيان التقته الجزيرة، وقد توفي شقيقه في الانفجار، أكد أن الإجراءات الأمنية كانت مشددة للغاية، “لقد تم تفتيشنا أربع مرات من قبل رجال الأمن عند دخولنا قاعة الاحتفال، وعلى مراحل متعددة، وكانت هناك مقاعد خاصة للعلماء وأخرى للمواطنين العاديين، كنت جالسا بالقرب من العلماء، وفي منتصف قراءة القرآن وقع الانفجار”.

الغموض الذي قد يكون وحيدا في تفجير قاعة الاحتفال التي ضمت أكثر من ألف شخص هو كيفية دخول الانتحاري وسط إجراءات أمنية مشددة؛ فالحكومة الأفغانية لم تعلق على كيفية حدوثه باستثناء أنه هجوم انتحاري، تاركة الشارع الأفغاني حائرا وسط اختلاف في روايات الشهود.

قوات أفغانية تعاين مخلفات التفجير الانتحاري الذي استهدف قاعدة عسكرية جنوبي شرقي البلاد (رويترز)

والتقت الجزيرة تميم خان في موقع التفجير، الذي قال “سمعت الجرحى يقولون وهم يخرجون من قاعة الاحتفال والدماء على وجوههم وملابسهم؛ إن انتحاريا يلبس عمامة مفخخة ليفجر نفسه وسط الحضور”.

ليست عادية
ويرى المحلل السياسي الأفغاني انتظار كاظم أن حادثة استهداف علماء الدين خطيرة جدا، ويقول “هذه الحادثة ليست عادية، لقد شوشت على الناس، إذ استهدف علماء الدين هذه المرة، وليست القوات الأميركية أو الجنود الأفغان، رجال الدين موضع ثقة كبيرة عند الناس، ومن الممكن أن يشاركوا في محادثات مع طالبان”.

وأضاف كاظم في تصريح للجزيرة أن حادثة استهداف احتفال المولد النبوي قد تؤدي إلى تأجيل الانتخابات الرئاسية، وقد تُعقّد اتفاق السلام بين طالبان والحكومة الأفغانية، منوها إلى أن التفجير ربما يشوش على الحكومة وطالبان في الوقت نفسه.

وطالب المحلل السياسي السلطات الأمنية الأفغانية والأميركية ببذل قصارى جهدهما لكشف الجهة التي استهدفت العلماء، وإشراك الشعب الأفغاني في نتائج التحقيق.

طالبان تندد
من جهتها، نددت حركة طالبان أفغانستان بتفجير قاعة الاحتفال، وقالت على لسان المتحدث باسمها ذبيح الله مجاهد إن “عناصر شريرة تريد تعكير الأجواء بين المسلمين هي من تقف خلف التفجير”. داعيا الشعب الأفغاني إلى “أن يكون حذرا ويضع حدا لمثل هذه الهجمات”. ولم تعلن حتى الآن أي جهة مسؤوليتها عن هجوم الاحتفال الديني.

وأعلن الرئيس الأفغاني أشرف غني الحداد الوطني لمدة يوم واحد إثر التفجير الانتحاري الذي استهدف علماء الدين وأئمة المساجد، وطالب بتشكيل لجنة تحقيق في الهجوم على قاعدة خوست لمعرفة كيفية دخول الانتحاري لمسجد القاعدة العسكرية.

ويتوقع مراقبون أفغان أن يقوم الرئيس الأفغاني بموجة تبديلات وإحالات للتقاعد في القيادات العسكرية والأمنية بعد الحادثتين، اللتين أفسدتا نحو شهرين من الهدوء الأمني النسبي في أفغانستان، وبعد تقدم طفيف في محادثات السلام بين الحكومة وطالبان.

المصدر : الجزيرة

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *