قطر والأرجنتين.. علاقات صداقة متنامية.. وتكامل اقتصادي

تعكس جولة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى الحالية في عدد من الدول الصديقة في أميركا اللاتينية، والتي تختتم بزيارة الدولة التي بدأها سموه لجمهورية الأرجنتين المحطة الرابعة والأخيرة في الجولة التي شملت أيضاً كلاً من جمهوريات الإكوادور وبيرو والباراغواي اهتمام سمو الأمير المفدى بتوسيع المساحة الجغرافية لعلاقات قطر الاقتصادية والسياسية وشراكاتها الاستراتيجية مع مختلف دول العالم الشقيقة والصديقة.
وصل صاحب السمو، أمس، إلى العاصمة بوينس آيرس، في زيارة دولة إلى جمهورية الأرجنتين.
وكان في استقبال سموه لدى وصوله مطار منيسترو بيستاريني (أزيزا) الدولي، سعادة السيد خورخي فوري وزير خارجية جمهورية الأرجنتين، وسعادة السيد فهد بن إبراهيم المانع سفير دولة قطر لدى جمهورية الأرجنتين، والسادة أعضاء السفارة القطرية.
يرافق سمو الأمير وفد رسمي.
ومن المنتظر أن تتناول مباحثات سمو الأمير في بوينس آيريس مع فخامة الرئيس ماوريسيو ماكري سبل توطيد وتعزيز علاقات التعاون بين البلدين الصديقين في مختلف المجالات، وخاصة في القطاعات الاقتصادية والتجارية والغذائية والاستثمارية، كما ينتظر أن تتناول المباحثات عدداً من القضايا والملفات الراهنة ذات الاهتمام المشترك على الساحة الدولية.
وترتبط دولة قطر وجمهورية الأرجنتين بعلاقات صداقة وتعاون متنامية ومتميزة، تعود بداياتها إلى منتصف عقد السبعينيات من القرن الماضي، عندما أبرم الطرفان بياناً مشتركاً عام 1974 بين الدوحة وبوينس آيريس في نيويورك، تم بموجبه تأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وكان ذلك بمثابة النواة التي شكلت بداية العلاقات الثنائية التي تطورت بين البلدين بشكل ملحوظ، ولا سيما بعد أن وقع البلدان مذكرة تفاهم لتبادل البعثات الدبلوماسية في فبراير 1994، التي تجسدت بصورة واضحة بعد أول زيارة قام بها صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلى الأرجنتين عام 2010، لتمنح هذه العلاقات بُعداً سياسياً مهد للتبادل الدبلوماسي، وقد قامت الحكومة الأرجنتينية بافتتاح سفارتها في الدوحة عام 2012، كما افتتحت دولة قطر سفارتها في بوينس آيرس عام 2013.
وتؤكد جولات سمو الأمير المفدى الحالية والسابقة في قارة أميركا اللاتينية، أهمية تلك القارة ودولها والإمكانات المتاحة فيها، حيث إنها توفر فرصاً اقتصادية ضخمة وتجارية مهمة لدولة قطر لتوسيع استثماراتها الخارجية وتنويع مصادر احتياجاتها الغذائية والصناعية، خاصة أن تلك القارة تمثل شريكاً مهماً لتحقيق الأمن الغذائي؛ إذ تمتلك مساحات شاسعة من الأراضي الخصبة الصالحة للزراعة، ومصادر هائلة من المياه العذبة الضرورية للزراعة، مما جعلها من أفضل مزودي المواد الغذائية في العالم، فضلاً عن أن أميركا اللاتينية تشكل سوقاً استهلاكياً مهماً تقدر طاقته البشرية بأكثر من ستمائة وخمسين مليون نسمة، وتشكل رابع أكبر اقتصاد في العالم، وتضم مجموعة من أبرز القوى الصاعدة عالمياً.

جولتان من المشاورات السياسية

في مايو من العام الماضي وكذلك مايو من العام الحالي عقدت جولتان من المشاورات السياسية بين وزارتي الخارجية في دولة قطر وجمهورية الأرجنتين في كل من الدوحة وبوينس آيرس على التوالي، حيث جرى خلال الجولتين البحث في العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين في مختلف المجالات وسبل دعمها وتطويرها، بالإضافة إلى عدد من القضايا والمواضيع ذات الاهتمام المشترك.
وفي إطار الزيارات المتبادلة بين البلدين، قام حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى بزيارة لجمهورية الأرجنتين في يوليو عام 2016، حيث ساهمت هذه الزيارة في إحداث تغييرات جذرية عززت العلاقات السياسية بين البلدين، وقامت سعادة السيدة غابرييلا ميكاتي نائب رئيس جمهورية الأرجنتين بزيارة الدوحة في نوفمبر 2016، كما زارت الرئيسة الأرجنتينية السابقة كريسينا فيرناندز الدوحة في يناير 2011، تلتها زيارات رسمية أخرى إلى الدوحة من قبل كبار المسؤولين في الحكومة الأرجنتينية.

لجنة وزارية تجارية مشتركة

تربط الدولتين مجموعة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والتي تم التوقيع على العديد منها، مثل اتفاقيات لتطوير وتنفيذ مشاريع التكامل في مجال الطاقة والمجال الثقافي والتعاون العلمي، واتفاقية التعاون الاقتصادي والتجاري والفني، واتفاقية النقل الجوي، واتفاقية تعاون في المجال الرياضي، ومذكرة تفاهم بين غرفتي التجارة والصناعة في البلدين، ومذكرة تفاهم للتعاون السياحي بين البلدين، وفي عام 2014 تم إنشاء لجنة وزارية تجارية مشتركة بين حكومة دولة قطر وحكومة جمهورية الأرجنتين، وفقاً لما نصت عليه اتفاقية التعاون الاقتصادي والتجاري والفني الموقعة بين البلدين في 18 يناير 2010 في بوينس آيرس، وبناءً على توصيات الاتفاقية تعقد اللجنة اجتماعاتها مرة كل سنتين بالتناوب، وفي شهر نوفمبر عام 2016 دخلت اللجنة الوزارية التجارية المشتركة حيز النفاذ.
وفي يونيو الماضي وقعت «قطر للبترول» مع شركة إكسون موبيل الأميركية اتفاقية لشراء حصة تبلغ 30 % من أسهم شركتين تابعتين للأخيرة تملكان حقوقاً للاستكشاف الهيدروكربوني في سبع مناطق في حوض فاكا مويرتا في مقاطعة نيوكوين بالأرجنتين، وذلك في أول استثمار لـ «قطر للبترول» هناك.

ثاني أكبر اقتصادات أميركا الجنوبية

تقع الأرجنتين في الجزء الجنوبي الشرقي من قارة أميركا الجنوبيّة، وهي ثامن أكبر دولة في العالم من حيث المساحة، إذ تبلغ مساحتها مليونين وسبعمائة وثمانين ألف كيلو متر مربع، يقطنها نحو خمسة وأربعين مليون نسمة، ويوصف اقتصادها بأنه اقتصاد الدخل المتوسط، وتعتبر الأرجنتين من البلدان الغنية بالموارد الطبيعية، ويعتمد اقتصادها على قطاع زراعي موجه للتصدير، وقاعدة صناعية متنوعة، وهي ثاني أكبر اقتصاد في أميركا الجنوبية بعد البرازيل. والأرجنتين دولة متقدمة في المجال الزراعي، وتنتج من الزراعة حوالي 100 مليون طن سنوياً في السنة الواحدة، وهي من كبار مصدري اللحوم في العالم، وتحتل المرتبة الأولى بين المنتجين الرئيسيين في العالم في قطاعات الحبوب وخاصة الذرة، وفول الصويا، وبذور دوار الشمس، والقمح والحمضيات، العنب.

السلع الصناعية تمثل أكثر من ثلث الصادرات

يعتبر التعدين والأنشطة الاستخراجية الأخرى، مثل الغاز والبترول، صناعات متنامية، حيث ارتفعت من 2 من الناتج المحلي الإجمالي في عام 1980 إلى حوالي 4 في الوقت الراهن، إلا أن السلع الزراعية لا تزال تمثل أكثر من 50 من الصادرات، وتمثل السلع الصناعية اليوم أكثر من ثلث صادرات الأرجنتين، وتعتبر السيارات وقطع غيارها من الصادرات الصناعية الرائدة، بينما تمثل الكيماويات والفولاذ والألومنيوم والآلات واللدائن معظم الصادرات الصناعية المتبقية، كما تتمتع الأرجنتين بثروة سمكية ضخمة، وثروة حيوانية هائلة.;

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *