معتقلو جرادة المغربية.. عائلات تئن ومحاكمات “مسرحية”
|وجدة-الجزيرة نت
“أشقائي الثلاثة يقبعون في السجن ويحاكمون بتهم لا أساس لها”، بهذه الجملة بدأت حياة الكيحل تروي مأساة أشقائها الثلاثة الذين اعتقلتهم السلطات من منزلهم في 14 مارس/آذار الماضي، عقب أحداث العنف الدامية التي شهدتها مدينة جرادة شرقي المغرب.
ولأن الثلاثة -الطاهر ومحمد ويحيى- كانوا يعيلون الأسرة، أضحى المنزل دون معيل، فاضطرت حياة للعمل منظفة، وهي بالكاد تحصل على 700 درهم (حوالي 80 دولارا) شهريا، تعيل بها نفسها وزوجة شقيقها وطفليه، فضلا عن أشقائها الثلاثة القابعين في السجن.
وجاءت شهادة حياة خلال اللقاء الذي نظمته الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في وجدة شرقي المغرب، أمس السبت، مع عائلات المعتقلين وهيئة دفاعهم والعشرات من النشطاء الحقوقيين.
تتساءل حياة باستنكار وحرقة “هل كل أشقائي أحرقوا وضربوا؟”، في إشارة إلى الاتهامات التي وجُهت إليهم من قبل النيابة العامة، والتي لا تختلف كثيرا عن التهم الموجهة لغالبية المتظاهرين في هذا الملف، ومنها إضرام النار والعصيان وعرقلة السير، وغيرها من التهم التي تقع ضمن التهم الجنائية.
معتقلون وإضرابات
بدوره، روى لخضر خنفري قصة ابن شقيقه المعتقل خالد خنفري، الذي بلغ يومه الحادي عشر من الإضراب عن الطعام، احتجاجا على الأوضاع التي يعيشها في السجن.
ولم تتوقف الإضرابات الجزئية عن الطعام في صفوف المعتقلين منذ الاعتقالات الأولى التي عرفتها المدينة، ولا سيما الذين اعتقلوا قبل يوم واحد من المواجهات الدامية، حيث خاضوا إضرابات سابقة للمطالبة بتحسين ظروفهم داخل السجن وإنهاء عزلهم فيه.
ويقول جواد التلمساني رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بوجدة، إن عدد المعتقلين على خلفية هذا الملف -والذين يتوزعون على ثلاثة سجون في المنطقة الشرقية (وجدة وتاوريرت والناظور)- بلغ سبعين معتقلا، فيما بلغ عدد المتابعين في حالة سراح 25، ليصبح مجموع النشطاء حاليا أمام القضاء على خلفية هذا الملف 95 شخصا، بينهم عدد من القاصرين.
ويضيف التلمساني أن ظروف المعتقلين داخل السجون “غير مريحة”، حيث سبق لعدد منهم أثناء عرضهم على هيئة المحكمة أن أدلوا بتصريحات تفيد بتعرضهم لاعتداءات، وهو ما دفع الجمعية إلى توجيه رسالة إلى النائب العام تطالب فيها بفتح تحقيق في ادعاءات الاعتداء عليهم.
ليست عادلة
وخلال اللقاء الذي جمع العائلات بهيئة الدفاع ونشطاء حقوق الإنسان، تساءل المحامي بهيئة المحامين في وجدة، عبد الحق بنقادة “هل نحن إزاء محاكمة عادلة؟”، ليجيب بأنها ليست عادلة، بدليل أن المحاضر التي أنجزت للمعتقلين هي بمثابة تقارير متشابهة، استهدفت محاكمة نشاطهم كمحتجين بطريقة سلمية، وفق ما يكفله القانون المغربي والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب، إضافة إلى العديد من الملاحظات على تدخل القضاء أثناء سير الجلسات بما يعاكس الحياد المطلوب.
ويشاركه الرأي زميله في الدفاع لحبيب لعجين، الذي قال إنه شعر أكثر من مرة خلال جلسات المحاكمة بأنه يشارك في مسرحية تخدم السلطات، لتثبت للجميع أن مشاركة الدفاع في الترافع عن المعتقلين هو دليل على توفير شروط المحاكمة العادلة.
انتقادات ورد
ورغم الانتقادات الموجهة للسلطات بسبب الاعتقالات سواء في جرادة أو منطقة الريف وعدد من المناطق، وبصفة عامة عن الوضع الحقوقي في البلاد، فإن الحكومة المغربية تؤكد أن الوضع الحقوقي في البلاد يتطور بشكل إيجابي.
وقال مصطفى الرميد وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان -في لقاء بمدينة طنجة الجمعة الماضي- إن المغرب يتطور تطورا حقوقيا مطردا، لكنه تطور يعرف بعض المد والجزر.
وأضاف -بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية (ومع)- أن المغرب بصدد مرحلة مهمة من التطور الحقوقي، تقوم على وضع الأسس المتينة لبناء دولة تولي العناية اللازمة لحقوق الإنسان.
المصدر : الجزيرة