جائزة نوبل.. قضايا نكتت فيها نكتا سوداء
|“لعل القضية الكبرى التي تلقي بظلالها على فوزي بهذه الجائزة هي أنني القائد الأعلى لجيش دولة تخوض حربين” حقيقة لم يستطع الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما القفز عليها يوم ألقى خطابه أواخر العام 2009 في الحفل الذي تسلم فيه جائزة نوبل للسلام.
باراك أوباما نال الجائزة وجيش بلاده يخوض حربين في أفغانستان والعراق (رويترز) |
قضية أوباما ليست الوحيدة التي “نكتت نكتة سوداء” في سجل جائزة نوبل التي مرت في تاريخها بمطبات وأزمات كانت مدخلا ليطعن كثيرون في مصداقيتها.
فإذا كانت الجائزة قد نالها أوباما وهو لم يحقق للسلم العالمي أي شيء يذكر، وحظي بها وهو لم يتم بعد عامه الأول في ولايته الرئاسية الأولى، ولم ير أحد بعد من “مشروعه للسلام العالمي” غير النوايا والأقوال فإن مسؤولين إسرائيليين نالوا هذه الجائزة على الرغم من أن تهما بارتكاب جرائم حرب تحاصرهم من كل جانب.
فمناحيم بيغن وإسحاق رابين وشمعون بيريس الذين فازوا بهذه الجائزة كانوا في واقع الأمر قادة لدولة قامت على أنقاض شعب كامل، أفراده تشتتوا بين شهيد ولاجئ ومنكل به تحت رحمة دولة هي الوحيدة التي هناك شبه إجماع عالمي على وصفها بأنها دولة احتلال.
والثلاثة كلهم سجلهم حافل بتاريخ من الحروب والمجازر، فقد مروا من قوات العصابات الصهيونية مثل الهاغانا والأراغون والبالماخ، وقادوا الجيش الإسرائيلي في حروب خلفت مجازر فظيعة ضد الفلسطينيين، مثل قانا وجنين ودير ياسين وغيرها.
وأكثر ما هز سمعة جائزة مخترع الديناميت العالم السويدي ألفريد نوبل تلك الفضيحة التي اضطرت معها الأكاديمية السويدية المسؤولة عن الجائزة لتعليق تسليم جائزة الآداب لهذه السنة، واستقال ستة من أعضائها.
فقد قضت محكمة ستوكهولم بالسجن لمدة عامين بتهمة الاغتصاب على الفرنسي جان كلود أرنو المتزوج من العضوة في الأكاديمية كاترينا فروستينسون، كما تم اتهامه من قبل بأنه سرب سبع مرات أسماء الفائزين بجوائز نوبل، وهو متهم كذلك بالتحرش الجنسي بـ19 سيدة، بينهن بنات أعضاء في الأكاديمية السويدية.
أونغ سان سوتشي إحدى الشخصيات التي جرّت انتقادات كثيرة على جائزة نوبل (رويترز) |
سياسية أخرى هي أونغ سان سوتشي نالت جائزة نوبل للسلام، ونالت معها اللجنة المانحة سيلا من الانتقادات بعد ذلك، لأن المرأة لم يرف لها جفن ولم تنبس ببنت شفة ضد مجازر عسكر بلادها (ميانمار) ضد أقلية الروهينغا المسلمة.
أونغ سان سوتشي نالت جائزة نوبل مقابل تاريخ طويل من المعارضة للحكم العسكري في ميانمار، وهو المسار الذي كلفها سنوات عدة من الإقامة الجبرية (1989-1995) لم يسمح لها خلالها برؤية ولديها أو زوجها.
لكنها بعد المصالحة مع العسكر والتفاهم معهم بدأت مسارا آخر منعها من أن ترى أن ما يفعله جنود بلادها بمسلمي الروهينغا مناف لحقوق الإنسان، ورفضت أكثر من مرة التنديد بذلك حتى أن مطالب ارتفعت لسحب جائزة نوبل منها.
مطالب وانتقادات رد عليها رئيس مؤسسة نوبل لارس هيكينستن في مقابلة مع وكالة رويترز بالقول إن بعض تصرفات أونغ سان سوتشي “مؤسفة”، لكن لن يتم سحب الجائزة منها، لأن اللجنة ليست مسؤولة عن مواقف وتصرفات الفائزين بعد منحهم الجائزة.
“إصبع ديناميت” آخر برز للجائزة من داخل اللجنة التي تمنحها، فقد تقاسم الكاتبان السويديان إيفيند يونسون وهاري مارتينسون جائزة نوبل للآدب سنة 1974 رغم أنهما عضوان في الأكاديمية السويدية التي تمنحها، وهو ما أثار سجالا وضجة كبيرة حينها لأن فيه ما فيه من المحاباة و”تزكية النفس”.
هذه الحوادث وغيرها مما شاب مسار جائزة نوبل جعلت كثيرين يتفقون مع الكاتب والفيلسوف الفرنسي جون بول سارتر الذي توج بها لكنه رفضها ووصفها بأنها جائزة سياسية.
فقد نقل عن سارتر في تلك الفترة أنه كان جالسا يتناول وجبة الغذاء في مطعم في أحد أيام أكتوبر/تشرين الأول 1964 وبلغه خبر فوزه بالجائزة فكتب إلى اللجنة القائمة عليها يخبرها أنه يرفضها ويرفض أن يرشح لها.
وفسر بعضهم ذلك السلوك بأنه كان يعتبر أن مثل هذه الجوائز تضع حدا لمسار المبدعين، وأنها مجرد “قبلة موت”.
المصدر : وكالات,الجزيرة