القنصلية المصرية بالكويت.. “تغيير العتبة” يثير غضبا داخليا

خاص-الكويت

على مدار عشرة أيام أو يزيد صار المنزل رقم 25 الواقع ضمن حدود قطعة الأرض 659 بضاحية السلام التي تبعد عن العاصمة الكويت نحو 11 كم واحدا من أشهر الأماكن في الكويت، فمنذ إعلان مستأجريه الجدد عزمهم الانتقال إليه بحلول الأول من أبريل/نيسان الجاري بات المكان محط أنظار الكثيرين وفي مقدمتهم وسائل الإعلام المختلفة.

أما سبب الضجة حول المكان فلأنه أصبح المقر الجديد للقنصلية المصرية التي تخدم نحو سبعمئة ألف من الرعايا المصريين الذين كثيرا ما اشتكوا في السابق من ضيق المقر القديم الموجود في ضاحية الروضة، وهي شكوى اشترك فيها في ذلك الوقت كثير من سكان المنطقة ممن كان يزعجهم الزحام في محيط المبنى.

شكوى أهالي الروضة انتقلت بدورها للسكان المجاورين للمقر الجديد الذين سارعوا بالتعبير عن مخاوفهم، مطالبين بوقف تلك الخطوة خشية إرباك حركة السير في المنطقة، وهي الدعوة التي تبناها تسعة نواب في مجلس الأمة الكويتي عبر تقديمهم كتابا إلى نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح خالد الحمد الصباح اعترضوا فيه على انتقال القنصلية لمقرها الجديد.

وأكد النواب في كتابهم نقاط عدة، أبرزها رفض الأهالي وخاصة السكان المحيطين بالمقر لتلك الخطوة لتأثيرها السلبي على الحركة المرورية داخل وخارج المنطقة، إضافة إلى زيادة المخاطر الأمنية حول القنصلية بحسب نص الكتاب، فضلا عن قيام بلدية الكويت بتخصيص أراض ومواقع للبعثات الدبلوماسية في مناطق أخرى.

الاعتراضات دفعت القنصلية المصرية لإعلان تدابير لتنظيم حركة رعاياها إلى المقر الجديد بالتنسيق مع الجهات الأمنية، أبرزها عدم الانتظار حول الحرم الخارجي، وكذلك عدم اصطحاب مرافقين والالتزام بالأماكن المخصصة لانتظار السيارات وعدم إيقافها في الأماكن المخصصة للسكن الخاص.

مساكن خاصة مجاورة وضع حولها حواجز مرورية لمنع الوقوف بها (الجزيرة نت)

جولة للجزيرة نت في اليوم الثالث لعمل القنصلية كشفت عن حالة غضب لا تقتصر فقط على الجيران، بل يشاركهم فيها أغلب من حضروا إلى القنصلية لإنهاء معاملاتهم، وفوجئوا بعدم وجود أماكن مخصصة للانتظار ليضطروا للوقوف بشكل مخالف حول سور إحدى المدارس أو غيرها من المنشآت الحكومية.

وفي ظل حالة الزحام، يحتاج أغلب المراجعين للوقوف على بعد نصف كيلومتر من المقر الجديد الذي لا يوجد أمامه سوى مساحة صغيرة لا تكفي لوقوف خمسين سيارة في أغلب الأحوال.

مواطن مصري -تحفظ على ذكر اسمه- توقع ألا تستمر القنصلية في موقعها الحالي في ظل عدم وجود أي أماكن خاصة لوقوف السيارات، مشيرا إلى أنه حضر في الثامنة صباحا واضطر للوقوف بعيدا والمرور بساحة ترابية مجاورة للمبنى قام أصحابها باتخاذ تدابير لمنع وقوف أي سيارات بها.

أما المواطن الكويتي سعد الحمد فأكد بدوره أنه جاء لمقر القنصلية لاعتماد إحدى الشهادات الخاصة به ولم تستغرق الإجراءات اللازمة وقتا طويلا في ظل عملية التنظيم الحالية، معبرا عن اعتقاده بأن حل أزمة عدم توافر المواقف من شأنه إنهاء المشكلة برمتها.

وبحسب معلومات حصلت عليها الجزيرة نت فإن تلك الساحة كانت القنصلية تعول عليها لتكون ساحة للرعايا ظنا منها أنها أرض حكومية، إلا أن المفاجأة تمثلت في كونها عبارة عن ست قسائم ملكيتها خاصة أحيطت بالرمال من كل صوب فور انتقال القنصلية لمقرها الجديد.

مراجعون أوقفوا سياراتهم بعيدا وكان عليهم اجتياز إحدى الساحات الترابية للوصول لمقر القنصلية (الجزيرة نت)

وعبر مواطن مصري آخر عن غضبه الشديد من الوضع الحالي متسائلا ماذا يفعل من يأتي إلى المكان ولايلك إلا الوقوف في أماكن ممنوعة لإنهاء معاملته، ليقوم بعض الأهالي باستدعاء الشرطة.

ورصدت الجزيرة نت قيام الإدارة العامة للمرور بوضع حواجز حديدية أمام المواقف الخاصة بمنازل عدد من جيران المقر الجديد، في حين يجلس أحد الحراس أمام المنازل للحيلولة دون استخدام المواقف الخاصة بها من قبل المراجعين.

موضي العبد الله مسنة كويتية من جيران القنصلية وقفت إلى جوار اثنين من الخدم العاملين لديها لمنع وقوف أي شخص أمام منزلها، موضحة للجزيرة نت أنها تضطر كل صباح لمراجعة المستشفى الأميري الواقع في العاصمة الكويت، وهو أمر يستغرق عادة نحو ساعتين في الصباح، متسائلة عن المدة التي ستحتاجها في ظل الزحام الحالي.

النائب في مجلس الأمة الكويتي عبد الله الكندري أحد الموقعين على كتاب رفض نقل القنصلية لموقعها الحالي أوضح أن القوانين المنظمة للبناء في مناطق السكن الخاص تمنع استعمال تلك المنازل في أغراض أخرى بخلاف السكن، حتى إن المشرع عرف المناطق السكنية ذاتها بالمناطق خفيفة الكثافة المخصصة مبانيها لسكن عائلة واحدة.

سيارات في مواقف مخالفة بحرم إحدى المدارس المجاورة للقنصلية (الجزيرة نت)

وذكر الكندري للجزيرة نت أن نقل القنصلية بموافقة وزارة الخارجية الكويتية جاء بمثابة مخالفة صارخة لقوانين الدولة ولم يراع الطبيعة الخاصة لتلك المناطق، إضافة لوجود مخالفة أخرى بعدم الحصول على موافقة الجيران فضلا عن افتقاد المكان الجديد إلى الطبيعة الأمنية الخاصة بالعمل القنصلي.

ويحدد القانون 25 لسنة 2008 وقرارات المجلس البلدي ذات الصلة مناطق معينة لوجود البعثات الدبلوماسية والقنصلية في مقدمتها حي السفارات بمنطقة الدعية قرب العاصمة الكويت، وكذلك المنطقة الدبلوماسية في ضاحية مشرف على بعد نحو 15 كيلو مترا من العاصمة.

وفي حين نشرت إحدى الصحف المحلية أمس الثلاثاء أن عملية نقل مرتقبة للقنصلية من مقرها الجديد المثير للجدل في غضون شهر، أكد الكندري أن مجلس الأمة لم يصله أي إخطار رسمي بهذا الصدد، كاشفا عن تحرك نيابي جديد متعلق بالأزمة ستشهده جلسة مجلس الأمة الأحد المقبل.

المصدر : الجزيرة

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *