التداوي بالخرافات.. نساء يتبعن وصفات غريبة لتحقيق حلم الأمومة
|صفاء علي-القاهرة
أرض مزروعة بالباذنجان الأسود
ريهام فتاة مصرية متزوجة منذ أربعة أعوام، لكنها لم ترزق بأبناء بعد، وعلى الرغم من زيارة الطبيب الذي أخبرها أن حملها مسألة وقت فإنها قررت الانصياع لنصيحة ابنة عمتها بشق أرض مزروعة بالباذنجان الأسود، الغريب أن الحمل حدث لمرتين متتاليتين بعد عملها بالنصيحة، وفي كل مرة كان يحدث إجهاض مفاجئ.
وهو ما دعا ابنة عمتها لإخبارها بضرورة استكمال الطقوس بزيارة “السلخانة” (المقصب) لمدة ثلاثة أيام متتالية، وغمس يدها بدماء الذبائح فور الذبح مباشرة، لكي يتحقق المراد ويحدث الحمل.
ريهام هي واحدة من آلاف السيدات اللاتي يتبعن طقوسا خاصة قد يراها البعض خرافية تهدف لحدوث الحمل، وفك ما سموها “الكبسة” أو “المشاهرة”.
شجرة جميز في حي المطرية بالقاهرة تسمى شجرة مريم يزعم أنها كانت إحدى محطات رحلة العائلة المقدسة إلى مصر (الجزيرة) |
تعليق جريد النخل
تؤكد إيمان مصطفى للجزيرة نت أنها وصفات أكيدة ومجربة، حيث جربتها بنفسها، إذ تأخر حملها لمدة عام كامل فجربت وصفة شعبية تتمثل في تعليق “جريد النخل” بطريقة معينة في غرفتها لحين قدوم الشهر العربي الجديد، ثم رمت الجريد وهي تنظر إلى الهلال فحدث الحمل بعد ذلك بشهرين.
زيارة الأضرحة والمقامات
وفي محافظة القليوبية شمالي مصر وبقرية جمجرة الجديدة توجد شجرة تسمى شجرة الشيخ النجيلي، وتعتقد النساء أن زيارة الشجرة تحقق حلمهن بالإنجاب مثلما فعلت نهى سعيد التي تأخر حملها لمدة تسع سنوات فنصحها البعض بزيارة تلك الشجرة.
وتقول نهى للجزيرة نت “أوقات زيارة النساء تبدأ بعد صلاة العشاء وحتى أذان الفجر، هناك تقوم المرأة بخلع ملابسها والاستحمام على حجر بجوار الشجرة ثم تبدأ بالطواف وتترك جزءا من ملابسها الداخلية معلقة على الشجرة، وبعد فترة يحدث الحمل”.
وفي حي المطرية بمصر تزور النساء إحدى شجرات الجميز التي يطلق عليها “شجرة مريم”، حيث إنها كانت إحدى محطات رحلة العائلة المقدسة إلى مصر، ويعتقد البعض أن التبرك بزيارتها يحقق حلم الأمومة لمن تأخر إنجابهن.
وفي مدينة الإسماعيلية المصرية يوجد ضريح “الشيخة اعتدال” في منزل قديم، وتلجأ إليه السيدات الراغبات في الحمل.
وبحسب أحلام الهواري -وهي إحدى سكان المنطقة- فاعتدال فتاة عشرينية كانت مريضة بالجنون وماتت في منتصف القرن العشرين، وقبل دفنها بلحظات -وبحسب المعتقد الشعبي- “طار نعشها” ودفنت في المكان الذي طارت فيه، ومن وقتها وهو ملاذ لتحقيق الأمنيات.
الكبسة والمشاهرة
وفي دراسته عن التشابه بين المعتقدات الشعبية العربية، يقول الباحث الفلسطيني يحيى جبر إن العادات الشعبية تتشابه في هذا الجزء تحديدا بشأن معتقدات متعلقة بالعقم والإنجاب.
وهناك وسائل عدة تتبعها النساء وقاية من العقم والتهيؤ للحمل، ويدور أغلب هذه الاحتياطات حول المشاهرة التي تمثل الفعل المضاد للكبسة، أو وسيلة الوقاية منها، ومنها مثلا ارتداء العروس حلية ذهبية جديدة حتى لا تحدث لها الكبسة إذا دخلت عليها امرأة مرتدية حلية ذهبية جديدة، ومنع دخول عروس حديثة الزواج على عروس مثلها قبل الأربعين كي لا تكبسها فيتأخر الإنجاب.
كما رصد الكاتب المصري درويش الأسيوطي في كتابه “الحمل والختان والميلاد” عددا من الطقوس التي يتبعها العامة لفك الكبسة والمشاهرة، فلا يدخل الرجل الذي حلق ذقنه حديثا على عروس يوم صباحيتها، وكذلك الطفل الذي تمت طهارته أو المرأة التي لم تتطهر من دورتها الشهرية، كذلك الفاطمة لمولودها حديثا ولم يهل عليه شهر عربي، وكذلك الوالدة التي لم يمض شهر على ولادتها أو الشخص الذي يحمل الباذنجان أو اللحم النيئ.
رؤية هلال الشهر العربي
والمشاهرة تأتي من كلمة الشهر والمقصود به الشهر العربي، فرؤية هلال الشهر العربي تجنب حدوثها، وعدم رؤيته يحدثها، وهي مرحلة تتعرض لها المرأة في أوقات معينة من حياتها مثل ختانها أو زفافها أو وقت الرضاعة، وهو الأذى الذي من شأنه تعطيل خصوبتها، بحسب المعتقد الشعبي.
ولتجنب حدوث المشاهرة أو الكبسة تقول لنا فهيمة عثمان وهي “داية” (قابلة) من إحدى قرى ريف المنصورة بمصر إن العروس الجديدة تحمل نوعا من الملح المقروء عليه بعض آيات من القرآن، أو تلف شبكة صياد حول خصرها، وتخرج هي على ضيوفها ولا يدخلون عليها، كما تتجنب الخروج في الشارع حتى يهل الشهر العربي.
وتضيف “يقوم البعض بركوب القطار مسافة طويلة حتى تحل الكبسة، وكذلك فإن هناك عقدا من العقيق الخاص يأتي من الأراضي المقدسة تلقي به إحدى النساء على الأرض فتلتقطه المكبوسة وتضعه في كوب به ماء ويبيت ليلته في الندى ثم تستحم بهذا الماء في اليوم التالي وترتديه ولا تتركه إلا بعد الحمل”.
ملابس الإحرام وحمام الحرم المكي
وهناك اعتقاد أن ملابس الإحرام التي يعرق فيها الرجل أثناء طوافه بين الصفا والمروة بعد غسلها والاستحمام بمائها تكون حلا لإنجاب المرأة العاقر.
وبالإضافة إلى ذلك تقول الفلسطينية مروة زلط للجزيرة نت إن البعض يأخذ حبوبا من الغلال (الحبوب الموضوعة كطعام) من أمام طيور الحمام ثم يتم سلقها وأكلها وبعدها يحدث الحمل، وهي وصفة بحسب تعبيرها “أكيدة”.
المشاهرة تأتي من الشهر العربي فرؤية هلال الشهر العربي تجنب حدوثها وعدم رؤيته يحدثها (مواقع التواصل الاجتماعي) |
النظر في عين شخص متوفى
هناك اعتقاد لدى بعض النساء في العراق أن النظر في عين شخص متوفى حديثا والوثوب فوق الجثة سبع مرات يزيل “الجبسة” أو الكبسة، فالرعب هو حل أكيد لتحقيق الإنجاب حسب المعتقد الشعبي العراقي، بحسب ما أكدت لنا العراقية زينب حيدر، مضيفة أن دائرة الطب العدلي تمتلئ بالكثير من النساء يقمن يوميا بزيارة المشرحة لتجربة الوصفة.
ويرى الناشط والصحفي العراقي تحسين الزركاني أن “لجوء بعض النساء إلى عادات وتقاليد بالية وغير واقعية يتمثل بإيمانهن بأن مشاهدة الميت في المغتسل والمرور من فوقه أو الاغتسال بـ”طاس” الخلاص التي يغسل بها الأموات أو بماء النفاس الذي تغتسل به الأم بعد ولادتها، أو الاعتقاد بالروحانيات والمشعوذين لتتمكن من الإنجاب حال تأخر ذلك بعد الزواج يرجع إلى العادات والتقاليد البالية التي ليس لها أي علاقة بالثقافة والوعي”.
ويضيف الزركاني للجزيرة نت “المجتمعات بحاجة ماسة لتسليط الضوء على العادات والتقاليد البالية لحماية الراغبات في الحمل من الوقوع فريسة يسهل اصطيادها باستغلالها وإيهامها بجدوى تلك الطرق بدلا عن معالجة الضعف الجنسي، سواء عند الزوج أو الزوجة”.
المصدر : الجزيرة