مقابلة “سي بي أس” تثير السخرية والتساؤل: أين ملايين تجميل صورة السيسي؟
|وأثار الحوار ردود فعل واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، سواء من ناحية الشكل حيث ظهر السيسي وهو يتصبب عرقا، أو من ناحية المضمون حيث تعرض لأسئلة عدة لم يتعود على سماعها، واضطر للحديث مجددا عن أسباب الانقلاب العسكري الذي قاده في الثالث من يوليو/تموز 2013 وانتهاكات حقوق الإنسان، إضافة إلى التعاون الأمني مع إسرائيل في شبه جزيرة سيناء.
سخرية نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، واضطرار السيسي للعودة إلى المربع صفر لتبرير الانقلاب رغم مرور خمس سنوات، ونفيه المستمر لانتهاكات حقوق الإنسان، كل هذه الأمور تدفع للتساؤل عن مصير ملايين الدولارت التي أنفقتها الحكومة المصرية خلال السنوات الماضية لتجميل صورتها في الإعلام الغربي، كما تدفع للتساؤل عن ثمرة تماهي السيسي مع السياسات الأميركية والإسرائيلية، هذا التماهي الذي يبدو أنه أثمر رضا أو صمتا رسميا في الغرب، لكنه فشل في إقناع الإعلام ومنظمات المجتمع المدني.
أسئلة محرجة
خلال المقابلة، سأل الصحفي سكوت بيلي، الذي حاور السيسي، “هل لديك فكرة جيدة عن عدد المعتقلين السياسيين الذين تحتجزهم؟”، فأجاب “ليس لدينا معتقلون سياسيون أو سجناء رأي”، وأضاف أن هناك عناصر متطرفة تخضع لمحاكمات عادلة. وقال له المحاور إن منظمة هيومن رايتس ووتش تقول إن هناك نحو 60 ألف معتقل سياسي في مصر، فأجاب السيسي بأنه لا يعرف من أين جاءت المنظمة بهذا الرقم.
وتحدث المحاور عن مسؤولية السلطات عن مقتل نحو 800 شخص في اعتصام رابعة العدوية، في حين قال السيسي “نحن نتعامل (نتصدى) فقط مع تيار الإسلام السياسي المتشدد الذي يرفع السلاح”.
وتطرق المحاور إلى الإطاحة بالرئيس محمد مرسي، فقال السيسي إن “القضية كلها أن الشعب المصري رفض هذا الشكل من الحكم الديني المتشدد، ومن حق الشعب المصري أن يرفض أن تغيّر هويته بهذا الشكل”.
وأخبر المحاور السيسي أنه تحدث مع عدد من المصريين الذين يرفضون وصفه بأنه رئيس مصر ويقولون إنه دكتاتور عسكري، فقال السيسي “لا أعرف مع من تحدثت تحديدا، لكن ثلاثين مليون مصري خرجوا رفضا للحكم الذي كان موجودا”.
العلاقة مع إسرائيل
وفي شأن العلاقات المصرية الإسرائيلية، سئل السيسي هل التعاون بين الجانبين اليوم أقوى من أي وقت مضى؟ فقال “هذا صحيح”، وأضاف أن القوات الجوية المصرية تحتاج أحيانا للعبور إلى الجانب الإسرائيلي، ولذلك هناك تنسيق مع الإسرائيليين على نطاق واسع، حسب تعبيره.
وتخللت الحلقة التي أذيع فيها اللقاء مع السيسي، لقاءات أخرى مع عدد من الشخصيات، بينهم المعتقل السابق في مصر محمد سلطان الذي يحمل الجنسية الأميركية، وأحد القياديين في جماعة الإخوان المسلمين.
سخرية النشطاء
طوال ليل الأحد وفجر الاثنين، تداول النشطاء روابط لموقع البث المباشر للقاء السيسي، وهو ما شبهه بعضهم بانتظار مباريات الفرق المصرية في البطولات الكبرى التي تقام غربي الكرة الأرضية، وبعد اللقاء دشن النشطاء أكثر من وسم للتعليق على المقابلة، مثل #LyingSisi وSisi60mins#.
ودعا حساب باسم “أبو العز” ضباط وجنود الجيش المصري إلى مشاهدة السيسي “وهو يفتخر بالتعاون والتنسيق مع جيش الدفاع الإسرائيلي لسحق 1000 إرهابي في سيناء”. في حين قال حساب “مصري حر” إن السيسي “يكذب في كل مرة، فإذا انكشفت الخدعة بادر بالأخرى، كجهاز الكفتة والمؤتمر الاقتصادي، والمواطن كالمقامر مستمر في اللعبة أملا في تعويض الخسارة”.
وتساءل زكي فتحي “هل هناك جريمة يمكن أن يعاقب عليها رئيس دولة أكبر من السماح لدولة أخرى بقصف بلاده”.
من جهته، نشر عمرو دراج وزير التعاون الدولي الأسبق في حكومة مرسي، سبع ملاحظات حول الحوار، تتناول طبيعة البرنامج وما وصفه بفشل مساعدي السيسي في التحضير للمقابلة، كما تطرق إلى ما ذكره السيسي عن التعاون مع إسرائيل، وانتهاكات حقوق الإنسان.
|
أين ملايين تجميل الصورة؟
منذ الانقلاب العسكري، تحاول الحكومة المصرية تحسين صورتها في الإعلام الغربي عاما والأميركي خاصة، عبر التعاقد مع كبرى شركات العلاقات العامة، إلا أن المقابلة الأخيرة للسيسي تدفع للتساؤل عن مصير هذه الملايين.
وبدأت رحلة تجميل الصورة في أكتوبر/تشرين الأول 2013 حين أعلنت الحكومة المصرية تعاقدها مع شركة “جلوفر بارك غروب” لتحسين صورتها أمام مراكز صنع القرار في واشنطن. وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان لها إن “الشركة تعد واحدة من الشركات الأميركية المعروفة في مجال العلاقات العامة وتتمتع بسمعة ونفوذ كبيرين مع مراكز صنع القرار بالولايات المتحدة”.
وحسب صورة التعاقد الموجودة على موقع وزارة العدل الأميركية، ووقعه السفير المصري لدى واشنطن محمد توفيق، تبلغ قيمة العقد 250 ألف دولار شهريا، فضلا عن مصاريف إضافية تحددها الشركة.
وشملت أنشطة الشركة تنظيم مقابلات لأعضاء بالسفارة المصرية ومسؤولين مصريين بمسؤولين في البيت الأبيض وأعضاء بالكونغرس، فضلا عن نشر بيانات صحافية وحملات دعائية، وتنظيم مقابلات لوزير الخارجية المصري آنذاك نبيل فهمي مع عدد من وسائل الإعلام الأميركية.
وفي يناير/كانون الثاني 2017 نشرت وزارة العدل الأميركية، عبر موقعها الإلكتروني، نسخا من تعاقدات وقعتها مصر مع شركتي علاقات عامة أميركيتين، أولاهما هي “كاسيدي آند أسوشيتس” مقابل 50 ألف دولار شهريا، وشركة “ويبر شاندويك” مقابل 100 ألف دولار شهريا، أي ما مجموعه 1.8 مليون دولار سنويا، بالإضافة إلى المصروفات الإدارية وأي مصرفات تتعلق بمهام خاصة.
ونشرت وكالة أسوشيتد برس الأميركية وثيقة التعاقد مع شركة “ويبر شاندويك”، التي وقعها من الجانب المصري اللواء ناصر فهمي نيابة عن رئيس جهاز المخابرات السابق اللواء خالد فوزي.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2017 كشف رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر الصحافي ضياء رشوان عن توسع بلاده في التعاقد مع شركات دولية للعلاقات العامة خلال الأشهر القليلة المقبلة، بهدف تحسين صورتها في الخارج، وتغيير الصورة السلبية عن دوائر الحكم بها من خلال توضيح بعض الحقائق عن الداخل “بقدر من المهنية والصبر”.
المصدر : الجزيرة