السلفيتي.. بائع تحف ليس له من زوّار القدس إلا المشاهدة

 جمان أبوعرفة-القدس المحتلة

“يُصيبني من المنسف ملعقة أرز بدون لحمة” هكذا يصف التاجر المقدسي خالد السلفيتي ربحه من حركة السياحة في البلدة القديمة من القدس، و”المنسف” طبق فلسطيني رئيسي أساسه اللحم والأرز.

يبيع السلفيتي الهدايا التذكارية في دكانه بسوق خان الزيت، أحد أسواق القدس العتيقة، منذ أربعين عاما، لكنه لم يشهد كسادا كالسنوات الأخيرة، التي لا تزدهر حتى في أعياد الميلاد و رأس السنة.

ولد السلفيتي في بلدة سلفيت شمال فلسطين، و عمل في القدس بالتجارة والفندقة مع أقاربه، وفتح فيها دكانه الصغير الذي يبيع التحف والهدايا التذكارية ذات الرموز الإسلامية والمسيحية، والتي صُنع أغلبها في بيت لحم جنوب فلسطين، من الصدف وخشب الزيتون وخامات أخرى.

ورغم جمال بضاعة السلفيتي، يقل مريدوها، شأنه كشأن بقية تجار التحف في سوق خان الزيت، الذي يُلقبون بـ”السنتوارية”.

ميلاد ليس للقدس
يقول السلفيتي للجزيرة نت إن موسم أعياد الميلاد ليس للقدس بل لمدينة بيت لحم، حيث يحج السواد الأعظم نحوها للسياحة الدينية، أما في القدس فيذهب السياح نحو كنيسة القيامة ويشترون من الدكاكين في محيطها أو حارة النصارى،  وروّاد دكانه -في موسم الأعياد- هم فلسطينيون أرادوا هدايا لأقاربهم أو جيرانهم.

تعتمد تجارة السلفيتي حاليا على المقدسيين، وبشكل أقل على الفلسطينيين الذي يستطيعون الوصول إلى القدس، لكنه يؤكد أن “العصر الذهبي” لتجارته كان قبل انتفاضتي الأقصى، و بناء جدار الفصل العنصري عام 2005 الذي عزل القدس بالكامل عن محيطها الفلسطيني.

ويؤكد الرجل أن زبائن من غزة ونابلس كانوا يأتونه بمركباتهم إلى القدس ويحملون معهم الهدايا والتحف التذكارية، إلى جانب زبائنه من المغتربين الفلسطينيين.

رغم ركود التجارة يرفض السلفيتي إغلاق دكانه منعا لإفراغ القدس (الجزيرة)

تنفير وسرقة
ليست السياحة الأجنبية بحال أحسن بالنسبة إلى السلفيتي، فالأدلاء السياحيون الإسرائيليون الذين يرافقون مجموعات السيّاح القادمين من الخارج، يتعمّدون إبعادهم عن الأسواق العربية كسوق خان الزيت، ويوجهونهم إلى الأسواق المجاورة لباب الخليل وحارة اليهود القريبة من حائط البراق، التي تتوزع فيها دكاكين التحف المملوكة -غالبا- لليهود.

يقول السلفيتي إن اتفاقات تبرم بين الدليل السياحي ودكان التحف، يقضي بأخذ المكتب والدليل عمولة مادية من الدكان في حال توجيه المجموعة السياحية إليه، مبينا أن بلدية الاحتلال في القدس تهمل تنظيم وتنظيف طرق الأسواق العربية وتهيئتها مقارنة بالأسواق اليهودية.

ويضيف “طرقنا غير معبدة وضيقة، لذلك يتجنّب الدليل أخذ المجموعات إليها، نحن ندفع لبلدية الاحتلال الضرائب كشأن التجار اليهود، لكن التمييز جليّ بيننا، لإبعاد السيّاح عن الأحياء والأسواق العربية في البلدة القديمة، بطريقة غير مباشرة”.

لا يستفيد السلفيتي من السياحة الأجنبية الإسلامية شيئا، ويقول إن أغلبهم يأتون بعد رحلة العمرة ويمرون عبر الأردن أو مصر، فيشترون ما أرادوا من هناك، ويصلون إلى القدس ومعهم فسحة ضيقة من الوقت والمال، تكفي فقط للفنادق والصلاة في الأقصى وزيارة مدينة الخليل جنوب فلسطين. أما أسواق القدس فتخرج “بخُفي حنين”.

يتعمد الاحتلال بطريقة غير مباشرة إبعاد الحركة السياحية عن الأسواق العربية في القدس (الجزيرة)

اختلاس النظر
طوال فترة حديث السلفيتي للجزيرة نت، لم يشترِ منه أحد إلا زوجين مسلمين من جنوب أفريقيا ابتاعا صندوقا من الصندف بداخله مصحف نُحتت صورة المسجد الأقصى عليه، أما البقية فكانوا مارين ينظرون إلى البضاعة خلسة مكملين طريقهم بسرعة.

وهنا يقول السلفيتي “أفتح دكاني من الثامنة صباحا ولا أبيع في اليوم أحيانا إلا بقيمة عشرين دولارا، أرباحنا كتجار لا تتناسب مع الضرائب التي ندفعها، ومستلزمات الدكان الأخرى”.

توفيت زوجة السلفيتي قبل ثلاث سنوات، وابنته قبل سنة، وبقيّ له ابنه الوحيد ودكانه، وبيت في الرام في بلدة خارج جدار الفصل، لكنه لا يسكنه ويسكن في بيت صغير رطب عديم التهوية في القدس للحفاظ على هويته ومكانه فيها.

ويضيف”التجارة راكدة لكنني سأواصل فتح دكاني، إذا يئسنا وأغلقنا سنفرغ القدس ونسهل السيطرة عليها. سافرت إلى بلاد كثيرة، لكنني في كل مرة أنتظر لحظة وصولي إلى القدس، هي تحفتي الفنية وهديتي التذكارية”.

المصدر : الجزيرة

Add a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *