التعليم الذاتي.. طريقك لتطوير نفسك دون عقبات الوقت والمال
|أحمد سمير
“التعليم الرسمي يمنحك وظيفة، أما التعليم الذاتي فيمنحك ثروة”، هكذا يصف رائد الأعمال الأميركي جون رون التعليم الذاتي، الذي يعتمد على توفير شتى صور المعرفة بطريقة مبسطة ومجانية في شكل مكتوب أو مسموع أو مرئي، عبر منصات التعليم الرقمي المنتشرة على شبكة الإنترنت.
ويُعد التعليم الذاتي في شكله الرقمي المعاصر منافسا قويا للتعليم النظامي نتيجة التطور التكنولوجي وسهولة الوصول لأي معلومة من خلال الإنترنت، هو فرصة للأشخاص الطموحين والراغبين في إيجاد مساحة خاصة لهم في سوق العمل.
إيجابيات وسلبيات
الفرص في هذا العصر والسنوات القادمة مرتبطة بقدرة كل إنسان على تطوير ذاته ليكون مواكباً للعصر وما فيه من تحديات، وهذا يعني أن التعليم الذاتي يعتمد على المجهود الشخصي والدافع للتعلم، ليس هذا وحسب، فهناك مميزات أخرى:
– غير مكلف ماليا، لعدم احتياج المتعلم إلا لجهاز حاسوب متصل بالإنترنت.
– الحرية في اختيار وقت التعليم، وأسلوب ومقدم المادة التعليمية، مما يضيف المتعة أثناء التعلم.
– تدفع المتعلم نحو المسؤولية، والقدرة على اتخاذ القرار.
أما عن السلبيات، فهي:
– ندرة التفاعل المباشر مع الطلاب الآخرين.
– الفشل نتيجة صعوبة التأقلم مع هذا النوع من التعليم.
– المدة الزمنية طويلة لمن لا يحسن استغلال الوقت.
الذاتي والتقليدي
ينحصر التعليم التقليدي داخل أسوار المدارس والجامعات، وهو مرتبط بالأنظمة الخاصة بها، سواء ما يتصل بجدول الحصص أو الواجبات أو الامتحانات، وعلى عكسه تم بناء التعليم الذاتي.
ويوضح سلمان خان، مؤسس منصة أكاديمية خان، في محاضرة له عبر منصة “تيد” عام 2011، أن الفيديوهات التعليمية تمكّن الطالب من مشاهدة المادة التعليمية أكثر من مرة حتى يتم استيعابها، دون أن يصاب بالملل أو الخجل، فضلا عن عدم التقيد بمرحلة عمرية محددة أو فرض مادة تعليمية للمتعلم، كما أنها تحفز الطلاب في المنازل على التعليم، وترفع عنهم رهبة الفشل، لأنهم يدرسون بهدف الإتقان وليس النجاح.
وفي محاضرة أخرى، لسلمان خان عام 2015 ألقى الضوء على التعليم الذاتي، وأنه يهتم بسد الثغرات التي لدى المتعلم على عكس التعليم التقليدي، وذلك حتى يصل لدرجة الإتقان والنبوغ أثناء دراسته لأي مادة تعليمية عبر الإنترنت، لأن هذا النوع من التعليم يؤثر بالإيجاب على تطوير وتحسين طريقة تفكيرهم.
خطوات النجاح
هناك بعض الخطوات باتباعها سيكون التعليم ممتعا وغير مرهق، وسوف يصل من خلالها المتعلم إلى درجة الإتقان التي يحلم بها:
– حدد هدفك، ماذا تريده من التعلم؟ وما الذي سوف يضيفه لك؟ وكيف ستستفيد منه؟
– اختيار المصدر، هناك العديد من المنصات التعليمية التي تحتوي الكثير من الشروح للمادة نفسها التي تبحث عنها، لذلك عليك أن تختار مصدرا واحدا فقط لتجنب التشتيت.
– استثمر الوقت، حدد لنفسك وقتا محددا يومياً لدراستك، حتى تظل على تواصل ولا تفقد عزيمتك.
– قيم نفسك يوميا، اهتم باختبار نفسك بشكل دوري للتعرف على مدى استيعابك.
أبرز المنصات:
هناك العديد من منصات التعليم الذاتي على شبكة الإنترنت توفر جميع المعلومات الخاصة بكل فرع من فروع المعرفة في شكل محاضرات وحصص تعليمية، وتنقسم تلك المنصات إلى منصات عربية ومنصات أجنبية.
المنصات العربية
– أكاديمية خان: تسعى لتقديم شروح مبسطة للرياضيات والعلوم بشكل مجاني ومواكب للعصر في صورة فيديوهات تعليمية، وتتسم بأن شركاءها في هذا المشروع مرموقون من أمثال جامعة “أم آي تي” ووكالة ناسا وأكاديمية كاليفورنيا للعلوم، وكذلك متحف الفن الحديث.
– منصة رواق: تقدم مواد تعليمية في شتى المجالات والتخصصات، لذلك فهي موجهة لمن يريد أن يتعلم، وتمتاز بأنها منصة تفاعلية، تمكن الدارسين والمعلم من التواصل فيما بينهم، وتمنح شهادة بإتمام دراسة المادة.
– منصة إدراك: تأسست بمبادرة من مؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية في الأردن، بهدف تحسين حياة الأفراد والمجتمعات والدول من خلال إتاحة التعليم، وتحتوي دروسا تعليمية مرتبطة بالاقتصاد وريادة الأعمال والعلوم والآداب والفنون وغيرها من فروع المعرفة.
وتمتاز بأنها تعمل بالشراكة مع منصة “إي دي أكس”، وجامعة هارفرد، والمجلس الثقافي البريطاني، والجامعة الأميركية، وغيرها من المؤسسات التعليمية، التي توفر محاضرات لها مجانا على المنصة.
المنصات الأجنبية
– منصة Edx: توفر أفضل أنواع التعليم عبر الإنترنت، وتعمل بالتعاون مع جامعة هارفرد، ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وجامعة بيركلي، والعديد من المؤسسات المعنية بالتعليم، وتتنوع محاضراتها ما بين العلوم الإنسانية والهندسة واللغة وإدارة الأعمال وعلوم الحاسوب، وتمنح الطلاب شهادات إتمام الدراسة لبعض المواد الدراسية، وتمتاز تلك الشهادات بأنها معترف بها دولياً.
– منصة Coursera: تتشابه مع المنصة السابقة في أنها تتعاون مع العديد من المؤسسات التعليمية في مختلف دول العالم، وأيضا في فروع المواد الدراسية المتاحة فيها وتقديم شهادة إتمام الدراسة مقابل رسوم مالية، وتمتاز بأنها معترف بها في العديد من دول العالم.
– منصة Udacity: تسعى لتقديم تعليم ذي مستوى عال ومرن واقتصادي، بهدف تنمية مهارات المتعلم حتى يكون قادراً على المنافسة في سوق العمل، وتمنح فرصة للتوظيف في الشركات الكبرى لمن ينهي فصله الدراسي بنجاح، وتعمل في مجال صناعة التكنولوجيا والبرامج المتعلقة بها، ويشاركها في المحتوى المقدم من خلالها مؤسسة أمازون وغوغل وفيسبوك وأتش بي وغيرها من المؤسسات المتخصصة في مجال التكنولوجيا.
وأخيرا، هناك منصات أخرى يمكن الوصل إليها من خلال البحث على الإنترنت، وأيضاً هناك من وجد لنفسه مساحة في هذا العالم من خلال التعليم الذاتي، وبعضهم اجتهد خارج العالم الافتراضي، ومنهم: الصحفي والمبرمج جوليان أسانج، والمخترع توماس أديسون، والكاتب المصري الراحل عباس محمود العقاد.
المصدر : الجزيرة