حماس في انطلاقتها 31.. تطور سياسي وقوة عسكرية متراكمة
|محمد عمران–غزة
تحتفي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بذكرى انطلاقتها الحادية والثلاثين، بعدما أحدثت ما توصف بتغييرات إستراتيجية على بنيتها التنظيمية والفكرية سياسيا وعسكريا، وذلك بعد تطوير رؤيتها في هذين المجالين بصورة جعلتها ترسخ أقدامها بوصفها قوة فلسطينية رئيسية.
وبعدما كانت حماس تصف نفسها بفرع الإخوان المسلمين في فلسطين في ميثاقها الأول، أصبحت “حركة تحرّر ومقاومة وطنية فلسطينية إسلامية تقبل بإقامة دولة فلسطينية بحدود 1967″، حسب وثيقة السياسات والمبادئ العامة التي أعلنتها في مايو/أيار 2017، مما منحها مرونة عالية برؤيتها للبعد الوطني للقضية الفلسطينية وعلاقاتها الإقليمية والدولية.
وبموازاة تأكيد رئيس مركز بيت الحكمة للاستشارات وحل النزاعات الدكتور أحمد يوسف، أن الوثيقة السياسية الجديدة لحماس شهدت تحولا جذريا وطرحا جديدا في ثقافة الحركة وطريقة التعامل مع المجتمع الدولي والنظرة للصراع وأدواته، وقضية اليهود والشراكة السياسية والتوافق الوطني، فإنه يعتبر أن حماس أكثر رشدا ويقظة في التعامل مع متغيرات الواقع المعاش ومستقبل القضية الفلسطينية.
وجاءت الوثيقة الجديدة لحماس بعد مخاض صعب واجهته منذ مشاركتها في الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006، وفوزها بأغلبية برلمانية أهلتها لتشكيل الحكومة بشكل منفرد جراء رفض الفصائل الأخرى المشاركة فيها، لتبدأ حماس وحكومتها فصلاً جديدا من المواجهة الداخلية والخارجية منذ ذلك الوقت.
ويعتقد رئيس مركز بيت الحكمة أن الحركة لم تخطئ بدخولها الانتخابات التي سبق أن رفضت المشاركة فيها عام 1996، لكن كان عليها التريث قبل ولوج الحكومة والبقاء بأغلبية برلمانية تراقب عمل الحكومة خصوصا وأنها كانت بعيدة آنذاك عن العمل الحكومي وخبراته ومتطلباته.
وشكلت إخفاقات وتجربة العمل الحكومي الذي قادته حماس -بحسب رئيس مركز بيت الحكمة- أسبابا لتراجع التأييد الشعبي لها، لكن “حماس المقاومة ما زالت تحظى بحاضنة شعبية، ونبض الشارع إيجابي تجاهها، وهذا ما كشفته المواجهة الأخيرة بعد تسلل القوة الإسرائيلية الخاصة شرق خان يونس مؤخرا”.
المقاومة والحكم
وكانت حركة حماس سيطرت على قطاع غزة في يونيو/حزيران 2007، بعدما خاضت مواجهات مسلحة مع قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، لينتهي عمل حكومة التوافق الفلسطيني ويبدأ الاحتلال في حصار مشدد على القطاع منذ ذلك الوقت وحتى بعد الاتفاق على حكومة توافق جديدة خلال السنوات الأخيرة لم يستمر عملها سوى بضعة أسابيع.
وبينما يؤكد الكاتب الفلسطيني مصطفى إبراهيم أن الكل الفلسطيني يتحمل مسؤولية ما حدث من انقسام وليست حماس وحدها، يعتبر أن هناك أطرافا عديدة فلسطينية وإقليمية ودولية أوقعت حماس في “فخ السيطرة على غزة لتمارس السلطة بهذا الشكل تحت وطأة الحصار الخانق”.
وبدءا من نهاية عام 2008، شن الاحتلال ثلاث حروب طاحنة ضد حركة حماس في القطاع، استطاعت خلالها الحركة الصمود والمواجهة رغم الخسائر البشرية والمادية الهائلة التي لحقت بغزة وأهلها، وهو ما جعل الحركة تتحدث باستمرار عن قدرتها على المزاوجة بين المقاومة والسلطة خصوصا وأن الاحتلال فشل في إسقاط حكمها.
لكن الكاتب الفلسطيني يرى أن حماس لم تفلح في المزاوجة بين السلطة والمقاومة كما تقول بشكل مستمر، رغم عدم قدرة الاحتلال على كسرها وصمودها خلال جولات الحروب، لكن هذا كان ثمنه تضحيات جسام قدمها الشعب الفلسطيني، وفق تقديره، إضافة إلى اضطرار الحركة لدفع استحقاقات لأطراف عديدة تريد إدخالها في المسار ذاته الذي سبقتها إليه حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح).
قوة عسكرية منضبطة
وبالتوازي مع تطوير حماس رؤيتها السياسية وعلاقتها الوطنية والخارجية، نجح جناحها المسلح “كتائب القسام” في مراكمة قوة عسكرية لا يستهان بها، فتحوّل من مجموعات مسلحة إلى ما يشبه جيشا منظما من حيث التراتبية وتوزيع المهام والقتال وغيرها، أظهر قدرة على المواجهة والمفاجأة خلال الحروب والاعتداءات التي شنها الاحتلال على قطاع غزة خلال السنوات الأخيرة.
وفي ضوء التنظيم العسكري المحكم لحماس، فإن الكاتب الفلسطيني يستبعد قدرة الأطراف المناوئة للحركة على إسقاط حكمها بالقوة في المستقبل المنظور، لأنها شكلت منظومة حكم، وسيطرت سيطرة كاملة على مفاصل الحياة في القطاع، رغم التربص الدائم بها من أطراف عديدة.
بيد أن عضو المكتب السياسي للحركة سهيل الهندي يجزم بأن القوة العسكرية لحماس منضبطة تماما وتخضع للقيادة السياسية بشكل كامل التي توجه البوصلة نحو الاحتلال، معتبرا أن الذراع العسكرية لحماس تتميز بالتزام تنظيمي وقيادة عسكرية تعمل وفق رؤية المكتب السياسي.
ويعزو الهندي التحركات الإسرائيلية والأميركية الأخيرة لوصم حماس بالإرهاب في الأمم المتحدة إلى قوة الحركة السياسية والجماهيرية والعسكرية، واعتبار هذه المنظومة خطرا على الاحتلال، واصفا حماس بالتنظيم الكبير والأساسي على الساحة الفلسطينية بفعل المقاومة على الأرض والتصدي لحروب واعتداءات متعددة خلال السنوات الأخيرة.
المصدر : الجزيرة