خبراء أمن وطب شرعي يقيّمون الرواية السعودية لمقتل خاشقجي
|بين الإنكار والاعتراف المتدرج، من الموت في شجار، مرورا بالوفاة خلال التحقيق وانتهاء بالقتل بعد فشل مهمة الجناة في خطفه، تبدلت الرواية السعودية بخصوص مقتل الصحفي جمال خاشقجي مرات عدة، وجاء البيان الأخير من النائب العام فحمل كثيرا من التناقضات، ووصفته وسائل الإعلام التركية بالسيناريو الرديء لإغلاق ملف القضية.
على المستوى الرسمي، وصف تعليق الخارجية التركية على البيان بأنه نسف للرواية السعودية التي بنيت على فكرة القرار الآني في القتل، في حال الفشل في التفاوض مع الصحفي.
وقال وزير الخارجية التركي إن تقطيع جسد إنسان يحتاج إلى أدوات وخبير بالتشريح، ولا يمكن أن يتصادف وجود الشيئين دون تخطيط مسبق لهذه الجريمة.
مهمة الطبيب الجنائي
برر البيان السعودي وجود أخصائي أدلة جنائية في فريق الاغتيال بهدف مسح الأدلة إذا تطلب الأمر إعادة خاشقجي بالقوة، والشخص المقصود هنا هو الطبيب صلاح الطبيقي المتهم بتقطيع جثة القتيل.
واستغرب د. غوغهان أستاذ الطب الجنائي بجامعة إسطنبول من تغير مهمة طبيب جنائي وتسلسلها من طمس الأدلة إلى تقطيع جثة إنسان دون أي تردد أو اعتراض، كما كشف عنه مضمون التسجيلات الصوتية.
وأضاف الأكاديمي التركي أنه يجب تأكيد أن وجود الطبيب الجنائي في مكان ارتكاب الجريمة أو لطمس الأدلة جريمة بحد ذاتها، كما أن مجال عمل الطبيب الجنائي لا يتضمن أصلا وظيفة تقطيع جسد أي إنسان، أنا كطبيب أعرف تشريح الجثث لكن ليس لدي خبرة في تقطيع الناس فهذا لا يندرج في إطار عمل أي تخصص طبي بالعالم.
تفاوض وعراك
تطرق البيان السعودي في ثلاث من فقراته إلى وجود عملية تفاوض سبقت الشجار الذي أودى بحياة خاشقجي، بينما أكد بيان المدعي العام التركي وبشكل لا لبس فيه أن الصحفي قد خنق وقتل مباشرة بعيد دخوله القنصلية.
كما يذكر البيان في الفقرة السابعة أن رئيس مجموعة التفاوض قرر قتل خاشقجي في حال فشل التفاوض، بينما تذكر الفقرة الثامنة في نفس البيان أن عراكا وشجارا وتقييدا وحقنا بإبرة مخدرة بجرعة كبيرة أدت لوفاة الصحفي.
المتعاون المحلي
وصفت الجزئية المتعلقة بالمتعاون المحلي بأنها الأكثر تناقضا في البيان السعودي، فقد ذكرت أن قائد المهمة تواصل مع متعاون في تركيا لتجهيز مكان آمن إذا تطلب الأمر إعادة خاشقجي بالقوة، وأضاف البيان أن الجثة سلمت إلى المتعاون نفسه.
ويرى الخبير الأمني عادل قيلتش أن الرواية السعودية بخصوص المتعاون المحلي غير مترابطة وغير مقبولة وغير منطقية.
وقال قلتش للجزيرة إن السعوديين يؤكدون أن التواصل مع المتعاون المحلي تم قبل تنفيذ الجريمة، أي أن هناك سابق معرفة وتواصل، فكيف لا تكون هناك وسيلة اتصال، ثم أين هو المكان الآمن؟ فهو خيط مهم، وهل يمكن أن تتحول المهمة إلى التخلص من جثة مقطعة الأوصال بهذه السهولة ودون معرفة مسبقة وثقة متبادلة؟
جاء في أولى فقرات بيان المدعي السعودي أن القرار اتخذ بإعادة الصحفي إلى المملكة بالإقناع أو بالقوة، ويبدو أنه في خضم تركيز البيان على تبرئة ساحة الدولة من التخطيط لجريمة القتل اعترفت السلطات السعودية هنا رسميا بالتخطيط لارتكاب جريمة أخرى.
ووفقا للحقوقيين فإنّ هذه الجريمة -وهي خطف إنسانٍ من داخل الأراضي التركية- يحاسب عليها القانون وتشكل انتهاكا للحقوق والمواثيق الدوليةِ، ولا تتفقُ مع علاقات الصداقةِ والاحترامِ المتبادلِ بين الدولِ.
المصدر : الجزيرة