القدس.. الكنيست في خدمة “إلعاد” والبناء لليهود فقط
|جمان أبوعرفة-القدس
يمتلك المقدسي خالد الزير (44 عاما) أرضا بمساحة 50 دونما في حي البستان ببلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى، لكن الاحتلال يمنعه من البناء عليها، كما هدم بيته ثلاث مرات متتالية، وجرفها واقتلع أشجارها بحجة أنها “أرض خضراء”.
اليوم أمسى البناء على “أرض خضراء” مسموحا بعد مصادقة الكنيست الإسرائيلي مطلع الأسبوع الجاري، في القراءتين الثانية والثالثة، على قانون يسمح بالبناء في المناطق المصنفة “حدائق وطنية” على مسطحات خضراء شرق القدس المحتلة. لكنّ القانون لا يسري على الزير ولا على المقدسيين أمثاله، ويعطي الجمعيات الاستيطانية حق التصرف.
يعيش الزير اليوم مع أبنائه الثمانية في غرفتين ببيت والده، رغم امتلاكه أرضا كبيرة تكفيه لتشييد بيت فسيح، لكن الاحتلال حال دون ذلك ودفعه للجوء إلى مغارة على أرضه، بعد هدم بيته عام 2013، فسكن فيها هو وأبناؤه ثلاثة أشهر إلى أن تدبر مأوى آخر.
|
|
حزام استيطاني
جاء القانون الجديد بضغط من الجمعيات الاستيطانية في القدس وعلى رأسها “إلعاد”، التي وضعت ثقلها السياسي لسن قانون يمكّنها من البناء في أراض يصنفها الاحتلال “حدائق وطنية”، لتشكيل حزام استيطاني حول سور القدس، وتغليب كفة اليهود الديمغرافية على العرب، طامعة على وجه الخصوص في بلدة سلوان، التي تسميها “مدينة داود” وتخوض معركة محمومة للسيطرة عليها.
يبيّن عضو لجنة الدفاع عن أراضي سلوان فخري أبودياب للجزيرة نت أن القانون الجديد لا ينص صراحة على منع المقدسيين من البناء في الحدائق الوطنية، لكنه يشترط -مُعجّزا- أن يوافق على رخصة البناء ثلاثة وزراء في حكومة الاحتلال، إلى جانب سلطتي الآثار والطبيعة ووزارة الأديان وبلدية القدس، التي لن توافق بطبيعة الحال على أي بناء عربي.
ويؤكد أبودياب أن مجرد الاستيلاء على المنازل العربية لا يُمكّن هذه الجمعيات من إحداث خلل ديمغرافي، فكان لزاما أن تسيطر على مساحات واسعة من الأرض وتستوطن فيها. واستطاعت بالفعل سنّ هذا القانون الذي يمكّنها من ذلك، بدعم كبير من حزبي الليكود والبيت اليهودي في الكنيست الإسرائيلي، اللذين يشكلان واجهة للحكومة.
تصنيف وأهداف
أطلق الاحتلال مسمى “الحدائق الوطنية” على المساحات التي تلاصق سور القدس القديمة بمساحة 2.5 كيلومتر مربع، وصنفها مسطحات خضراء يُمنع البناء عليها. ويقول أبودياب إن كل حديقة وطنية هي مسطحات خضراء، ولكن ليس كل مسطحات خضراء حديقة وطنية بالضرورة.
ويضيف أن الحديقة الوطنية بمفهوم الاحتلال تقسّم إلى عادية وتلمودية وتوراتية، وحتى تُعلن حديقة وطنية يجب أن تُجمع على ذلك لجان من سلطتي الآثار والطبيعة، وممثلين عن بلدية القدس، ووزارتي القدس والأديان في حكومة الاحتلال.
لا يقتصر هذا القانون على أراضي سلوان (وادي الربابة وحلوة) فقط، بل يشمل جميع الحدائق الوطنية في القدس، ابتداء من البلدة القديمة ومنطقة ما يسمى “الحوض المقدس”، التي تمتد من جبل المكبر إلى حي البستان جنوبا حتى حي الشيخ جراح شمالا والصوانة شرقا.
تطويق واختراق
يقول مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية خليل تفكجي للجزيرة نت، إن الاحتلال يركز على منطقة سلوان لأهميتها التاريخية والدينية والسيادية بالنسبة إليه، ويسعى وفقا لذلك إلى تحويلها لبناء استيطاني مركّز من خلال تطويقها واختراقها وتفتيتها وتحويل التجمعات الفلسطينية إلى فسيفساء داخل المستوطنات.
وفي الوقت الذي تُسّن فيه القوانين لتوسيع الاستيطان وتكثيفه، تُهدم منازل المقدسيين، ويُضيّق عليهم في البناء والتوسع، وتحاك المكائد للسيطرة على بيوتهم.
ووفقا لمركز معلومات وادي حلوة، فإن الاحتلال هدم في سلوان -التي تنتشر فيها 80 بؤرة استيطانية- نحو 22 منشأة منذ مطلع العام الحالي 2018.
ويؤكد خالد الزير للجزيرة نت أن المستوطنين عرضوا عليه شراء جزء من أرضه مقابل السماح له بالبناء عليها، لكنه يرفض ذلك، ويؤكد أنه سيحافظ على أرضه التي ورثها من أجداده ويحتفظ حتى اليوم بأوراق ملكيتها التي تعود إلى العهد العثماني.
المصدر : الجزيرة