استقالة بوتفليقة.. خطوة في مسيرة الألف ميل
|فاطمة حمدي-الجزائر
فعلى شريط الأخبار العاجلة لمختلف القنوات الإخبارية أسفل الشاشة، تلقى الجزائريون خبر إنهاء رئيسهم لولايته الرابعة بعد عشرين سنة من حكم البلاد.
“البلاد بلادنا ونديرو راينا”، أي “الوطن وطننا ونحن أحرار”، هكذا خرج مئات الجزائريين ليحتفلوا في الشوارع الكبرى بسماع أهم قرار اتخذ منذ انطلاق الحراك الشعبي بالبلاد يوم 22 فبراير/شباط الماضي.
منهك القوى وبعباءته البيضاء، جلس بوتفليقة على آخر مقعد مسؤولية وهو يحاول بصعوبة إمساك ورقة استقالته، مشهد آلم الجزائريين الذين خرجوا احتفالا بقرار وضع بوتفليقة حدا لرئاسته للبلاد بعد المليونيات التي طالبته برحيله.
رمى بوتفليقة آخر أوراقه فخرج مستقيلا، وبدل تحقيق طموح الولاية الخامسة، اضطر إلى أن يضع حدا لحكمه في تمام الولاية الرابعة إلا 26 يوما بتوقيت الإرادة الشعبية.
احتفال الجزائريين بتنحي بوتفليقة لم ينسهم مطالبهم برحيل رموز نظامه ومنهم رئيس حكومة تصريف الأعمال بدوي (الجزيرة) |
احتفال حذر وابتسامات أطلقها الجزائريون الذين قرروا الخروج حتى ساعة متأخرة من الليل، ليعبروا عن رضاهم على ما حققه حراكهم بعد الأسبوع السادس من انطلاقه.
لم يستجب الشارع للاحتفال بقرار الاستقالة في أول نصف ساعة بعد بث الخبر، بل بدأ المبتهجون ينزلون للميادين الرئيسية بوتيرة متباطئة، وهو ما فسره موهوب خرماني (25 عاما) بالخوف من “أن يكون خبر استقالة بوتفليقة فخا جديدا للشعب”.
انتصار للشعب
خرج آلاف الجزائريين في مختلف ولايات الوطن، حاملين الأعلام في كفة، وآمالهم لمستقبل أفضل للبلاد في الكفة الأخرى، تعالت الأهازيج التي تتغنى بالحرية فردد المحتفلون بصوت واحد “نشيد قسما”، وهو النشيد الوطني الجزائري.
كرر المحتفلون عبارات النصر والحرية والأناشيد الوطنية، رافعين الشعارات التي آمنوا بها منذ 22 فبراير/شباط، تاريخ انطلاق الحراك الشعبي.
وترى إيناس زغواني (24 عاما) في استقالة بوتفليقة أهم حدث مر بحياتها، مستغربة في الوقت ذاته من “شعور أن تعيش تحت حكم رئيس آخر لأنها لم تعرف رئيسا آخر غيره”، مستنكرة “تعميره لعشرين سنة على كرسي الحكم”.
في حين ثمن محي الدين إسماعيلي، طالب فلسفة، تحقق أول خطوة طالب بها الحراك الشعبي الذي خرج في الأساس مطالبا بها في أول جمعة.
ويجمع الجزائريون الذين التقتهم الجزيرة نت في ساحة البريد المركزي بقلب العاصمة على أن الاستقالة جاءت بقرار من الشعب، وإيعاز من الشارع وضغط من المحتجين ومطالبة من المعتصمين.
ولا يتجاهل المحتجون الدور الذي قام به جيش البلاد في تبني قوة الشعب ومطالبه، فيقول إسلام رعياني (29 عاما) “الشعب قرر، الجيش دعم والرئيس استجاب ونفذ”.
الحراك مستمر
احتفل المئات في الجزائر أمس بما اعتبروه الخطوة الأولى نحو “التغيير الجذري للنظام”، وشدد المتظاهرون على وجوب تغيير كل المقربين من السلطة والشخصيات المعروفة في النظام.
وتقول أسماء زبار (31 عاما) إن الاحتفال اليوم لا “يعني عودة المتظاهرين أدراجهم بل دافعا أكبر لتنحية من بقوا في الحكم”، ولا تريد هذه الشابة أن يبقى أي ممن ارتبط اسمهم ببوتفليقة في مناصب السلطة.
وقد طالب المحتفلون باستقالة بوتفليقة رئيس مجلس الأمة (البرلمان) عبد القادر بن صالح بالتنحي من منصبه، رافضين أن يقود الرجل الثاني في البلاد الدولة في المرحلة الانتقالية، وشددوا على ضرورة اختيار شخصية وطنية يلتف حولها الشارع.
واقترح الإعلامي الجزائري حمزة دباح عبر صفحته على فيسبوك أن يعتمد تاريخ 22 فبراير يوما وطنيا، ويقول “سيكون عيدا للشعب ومناسبة رمزية تلهمه كل عام، وتحرس الروح الجمهورية لأجيال المستقبل”.
وضرب المحتفلون موعدا بعد غد الجمعة في الساحات ليكونوا مصدر القرار في المرحلة القادمة حسب المواد الدستورية التي تمسكوا بها، والتي تنص على أن الشعب مصدر كل السلطات.
المصدر : الجزيرة