بسبب القدس.. هل يعدل الأردن بوصلة تحالفاته؟
|محمود الشرعان-عمّان
لم يكن الخطاب الأردني تجاه القضية الفلسطينية أوضح مما هو عليه الآن، فقد أعلنت المملكة موقفها على لسان رأس هرمها الملك عبد الله الثاني بـ “لاءات ثلاث” لا للتوطين أو الوطن البديل أو التخلي عن القدس، مما يعني رفض “صفقة القرن”.
وتحدث الملك مرتين خلال الأسبوع الماضي، إذ ظهر في المشهد الثاني ببزته العسكرية خلال اجتماع مع قيادات عسكرية وأمنية، ليشدد على رفض المملكة لأية تسوية للقضية الفلسطينية، باستثناء حل الدولتين.
وبالتزامن مع التصريحات غير المسبوقة، يحاول الأردن حمل ملف القضية خلال جولة الملك في المنطقة وأوروبا، قبيل انعقاد مؤتمر القمة العربية في تونس، وظهر ذلك واضحا خلال اللقاء الملكي الأردني المغربي الخميس الماضي بالمغرب.
وجددا الملكان “دعمهما الكامل للشعب الفلسطيني، من أجل استرجاع جميع حقوقه المشروعة، وتمكينه من إقامة دولته الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو/حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، على أساس القرارات الدولية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية ومبدأ حل الدولتين” حسب البيان المشترك.
ويعتبر الملك نفسه “صاحب الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، ملتزما بواجبه تجاه أمن ومستقبل المدينة المقدسة” وفقا لتعبيره خلال استلام جائزة مصباح السلام للعام 2019 في إيطاليا.
قمة تونس
تأتي الجولات الأردنية قبيل انعقاد مؤتمر القمة العربية في تونس، إذ تسعى المملكة للحصول على دعم عربي للوصاية الأردنية على المقدسات الإسلامية، والخروج بموقف عربي موحد يعزز موقفها، وسط تأكيد رسمي أردني بأن المملكة خارج معادلة “صفقة القرن” وهو ما يؤكده رئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة.
ويشير الطراونة للجزيرة نت إلى أن الملك يتسلح بسلاحين مهمين جدا في ذهابه للقمة العربية، ليجد موقفا قياديا داعما ومؤازرا لموقفه، الأول أنهُ صاحب الشرعيّة التاريخيّة على المقدسات الإسلاميّة والمسيحيّة.
أما السلاح الثاني فهو وحدة الصف الأردني والفلسطيني، ضد قرارات الكيان الصهيوني، الذي يمارس أبشع التصرفات نتيجة للاقتحامات شبه اليوميّة، والحرب الطاحنة التي تدور بينه وبين السكان الفلسطينيين في غزة.
وبدأت الخطوات الأردنية المتسارعة نحو الدول العربية، لتعزيز موقف المملكة في القمة القادمة، إذ تتابعت الزيارات الرسمية لعدة دول عربية مؤخرا.
عمق إستراتيجي
ويوضح رئيس الديوان الملكي الأردني السابق جواد العناني أن الأردن بدأ بإعادة تقييم علاقته مع الدول العربية، بحثا عن العمق الإستراتيجي للمملكة.
ويضيف للجزيرة نت أن الملك عبد الله الثاني لن يقطع علاقة الأردن مع الدول التي تحمل أفكارا مخالفة له بما يخص القضية الفلسطينية، بيد أنها ستحافظ على فتورها، والذي بمثابة إعادة تموضع للعلاقات الأردنية الخارجية، وبحثا عن عمق إقليمي.
غير أن الطراونة يخالف العناني في رؤيته، إذ يؤكد أنه عندما تحتدم الأمور لا بد من إعادة النظر بالتحالفات، فعندما يقول صاحب الحق إنني لا أرغب ولن أتنازل ولا يمكن أن تمر أي صفقة بموافقة عربية أو رسميّة أو شعبيّة من الممكن أن تكون النتائِج إيجابية.
ويشدد على أن الواقع الجيوسياسي يُحتم على الأردن نسج علاقات متشابكة وإيجاد توازن يضمن أكبر قدر ممكن من عدم الضرر بالمصالح القائمة، إلا أن هذه المقاربة تواجه تحديات الثقة والديمومة والالتزام من الأطراف التي تتفق مع الأردن في مواقفه ولا تسلك ما تقوله على أرض الواقع.
الأدوات الأردنية
وتظهر تخوفات أردنية من حقيقة قدرة المملكة في الصمود أمام القرارات السياسية الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية، والمضي في مشاريع التوطين، في ظل الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به.
وفي السياق، يقول عضو مجلس الأعيان عيسى مراد للجزيرة نت إن خيارات الأردن متاحة خاصة تجاه الجانب الإسرائيلي، إلا أنها محدودة، وسط تراجع العلاقات الأردنية مع بعض الحلفاء التقليدين.
ويرجح مراد أن تفكر المملكة في إلغاء اتفاقية الغاز الإسرائيلية -عالية التكاليف- وقد تذهب إلى أبعد من ذلك بإعادة دراسة اتفاقية السلام مع الاحتلال الإسرائيلي (وادي عربة) وهي خيارات متاحة الفترة القادمة.
ولربما تكون الإشارة -التي خرجت من قبة البرلمان، بأن اتفاقية الغاز الإسرائيلي مرفوضةٌ شعبيا وبرلمانيا، والمطالبة بإلغائها مهما كان الرد من قبل المحكمة- إحدى أهم الأدوات التي يملكها الأردن.
ويرى الأردن الرسمي -بحسب مسؤولين- أن لا حل للقضية الفلسطينية دون قرار أردني فلسطيني مشترك، بدعم عربي.
المصدر : الجزيرة